تباين المؤشرات الأوروبية بعد تثبيت المركزي الأوروبي أسعار الفائدة
تباينت الأسواق الأوروبية في ختام تعاملات يوم الخميس، عقب قرار البنك المركزي الأوروبي تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، في وقت جاءت فيه بيانات النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو أقوى من المتوقع، وسط نتائج فصلية متباينة للشركات الكبرى.
تحركات المؤشرات الأوروبية
عند الإغلاق، تراجع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 0.13% ليصل إلى 574.64 نقطة، متأثراً بانخفاض معظم القطاعات القيادية، لا سيما أسهم البنوك والطاقة. بينما ارتفع مؤشر فوتسي 100 البريطاني بنسبة 0.4% إلى 9760.06 نقطة، مستفيداً من مكاسب شركات التعدين والطاقة في لندن.
أما مؤشر كاك 40 الفرنسي فقد انخفض بنسبة 0.53% إلى 8157.29 نقطة، في حين ارتفع داكس الألماني بنسبة طفيفة بلغت 0.06% رغم إعلان برلين دخول الاقتصاد الألماني في حالة ركود تقني بعد تراجع الصادرات خلال الربع الثالث.
نتائج الشركات الكبرى
شهدت الجلسة الأوروبية زخماً في إعلانات نتائج أعمال كبرى الشركات. فقد أعلنت شل عن أرباح معدلة بلغت 5.4 مليار دولار في الربع الثالث، متجاوزة توقعات المحللين البالغة 5.05 مليار دولار، وأكدت على استمرار برنامج إعادة شراء الأسهم بقيمة 3.5 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
ورغم الأداء التشغيلي القوي، تراجع سهم الشركة بنسبة 0.6% في بداية التداولات قبل أن يعود إلى مستويات مستقرة لاحقاً.
من جانب آخر، أظهرت نتائج إيرباص أداءً قوياً، إذ ارتفعت الإيرادات بنسبة 14% إلى 17.8 مليار يورو، والأرباح التشغيلية بنسبة 42% إلى 1.75 مليار يورو، مدفوعة بزيادة تسليمات الطائرات التجارية وتحسن نشاط الخدمات الدفاعية. وصعد سهم الشركة 2.2% خلال تعاملات الخميس.
في المقابل، تعرض سهم نوفو نورديسك الدنماركية لضغوط حادة، متراجعاً أكثر من 3% على خلفية تقارير حول عرض استحواذ غير مرغوب فيه على شركة الأدوية الأميركية “ميتسيرا”، وهي الشركة ذاتها التي تلقت عرضاً من فايزر الأسبوع الماضي.
كذلك، جاءت نتائج البنوك الأوروبية الكبرى متفاوتة؛ فقد أعلن كل من كريدي أغريكول وسوسيتيه جنرال عن أرباح دون التوقعات بسبب ارتفاع تكاليف التمويل، بينما حققت بي بي في إيه الإسبانية أداءً قوياً مدعوماً بنمو عملياتها في أميركا اللاتينية.
القرار النقدي للبنك المركزي الأوروبي
أبقى البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير، مع تثبيت سعر الفائدة على الودائع عند 2%، وهو القرار الثالث على التوالي بعد دورة خفض بدأت في يونيو الماضي. وأشار البنك في بيانه إلى أن التضخم في منطقة اليورو عاد إلى المستوى المستهدف البالغ 2%، رغم بعض الضغوط المتجددة في أسعار الطاقة.
ورحبت الأسواق الأوروبية بالقرار الحذر، معتبرة أنه يعزز استقرار السياسة النقدية في مواجهة التباطؤ الاقتصادي. وأوضح المحللون أن إبقاء الفائدة دون تغيير يمنح المركزي مساحة للمناورة في حال تباطأ النشاط الاقتصادي في الشتاء المقبل.
نمو اقتصادي يفوق التوقعات
في مفاجأة إيجابية، أظهرت بيانات “يوروستات” أن اقتصاد منطقة اليورو نما بنسبة 0.2% في الربع الثالث من 2025، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى 0.1% فقط. وتُعزى هذه الزيادة الطفيفة إلى تحسّن الاستهلاك الخاص وارتفاع الصادرات في بعض الدول، لا سيما فرنسا وهولندا.
كما صدرت بيانات التضخم في كلٍّ من ألمانيا وإسبانيا، حيث استقر معدل التضخم الألماني عند 2.3%، بينما انخفض في إسبانيا إلى 1.9%، ما يعزز التوقعات بأن السياسة النقدية الأوروبية قد تستمر مستقرة لبقية العام.
تفاعل الأسواق مع المشهد العالمي
تأثرت الأسواق الأوروبية كذلك بالأحداث الجيوسياسية في آسيا، حيث عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اجتماعاً شخصياً مع نظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، أعلن خلاله عن اتفاق لمدة عام حول صادرات المعادن النادرة.
ووفق تصريحات ترامب، ستخفض واشنطن الرسوم الجمركية على الفنتانيل الصيني إلى 10% مقابل التزام بكين بزيادة صادرات المعادن الأرضية النادرة. وقد انعكس ذلك إيجاباً على أسهم الشركات الأميركية العاملة في هذا القطاع، مثل “كريتيكال ميتالز” و“يو إس إيه راير إيرث”.
تأثير تصريحات الفدرالي الأميركي
تزامن ذلك مع تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول عقب خفض سعر الفائدة الأميركية بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 3.75%-4%. وأشار باول إلى أن خفضاً إضافياً في ديسمبر ليس “أمراً محسومًا”، ما جعل المستثمرين يتعاملون بحذر مع توقعات السياسة النقدية المقبلة في الولايات المتحدة.
انعكست هذه المواقف على تداولات أسواق السندات الأوروبية، حيث استقر عائد السندات الألمانية لأجل عشر سنوات قرب 2.12%، فيما انخفض عائد السندات الفرنسية إلى 2.29%، في إشارة إلى استمرار الطلب على أدوات الدين الآمنة.
تحليل
يعكس تباين أداء الأسواق الأوروبية في نهاية أكتوبر مزيجاً من العوامل المحلية والعالمية: من جهة، يبعث تثبيت الفائدة الأوروبية رسالة استقرار وثقة، ومن جهة أخرى، تبقى الأسواق حساسة لأي إشارات من الفدرالي الأميركي أو تطورات تجارية بين واشنطن وبكين.
ويرى محللون أن الربع الأخير من 2025 سيكون حاسماً في تحديد مسار الأسهم الأوروبية، خاصةً مع دخول الاقتصاد الألماني في ركود وتباطؤ النمو في فرنسا وإيطاليا، مقابل أداء مرن نسبياً لاقتصادات الشمال الأوروبي.
وبينما تتجه الأنظار إلى موسم الأرباح المقبل والسياسات المالية للحكومات، تبقى احتمالات عودة الزخم إلى البورصات الأوروبية مرهونة بقدرة القارة على تحقيق توازن بين النمو واستقرار الأسعار.
ما سبب تباين أداء المؤشرات الأوروبية اليوم؟
الاختلاف ناتج عن تثبيت الفائدة الأوروبية مقابل نتائج شركات مختلطة وبيانات اقتصادية فاقت التوقعات، ما خلق تباينًا بين أسواق مثل داكس وفوتسي وكاك.
هل سيستمر المركزي الأوروبي في تثبيت أسعار الفائدة؟
يتوقع المحللون أن يواصل البنك المركزي الأوروبي سياسة التثبيت مؤقتاً، طالما بقي التضخم قرب المستوى المستهدف ولم تظهر مؤشرات تباطؤ حاد في النمو.
كيف أثرت نتائج الشركات الكبرى على السوق؟
نتائج مثل شل وإيرباص عززت الثقة في بعض القطاعات، بينما ضغطت خسائر نوفو نورديسك والبنوك الفرنسية على المؤشرات.






















