أسعار الفضة اليوم تستقر فوق 36 دولارًا بدعم من قوة الطلب الصناعي وضغوط العرض في الأسواق العالمية
تواصل أسعار الفضة اليوم استقرارها عند مستويات قوية فوق حاجز 36 دولارًا للأونصة، مدعومة بزيادة ملحوظة في الطلب الصناعي، يقابلها شح متزايد في المعروض العالمي. يأتي هذا الأداء المتماسك في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تقلبات حادة على خلفية التوترات السياسية، والتغيرات في السياسات النقدية، والتحوّلات في هيكل الطلب على المعادن الصناعية.
وتشير بيانات التداول الصادرة صباح اليوم الخميس 26 يونيو 2025 إلى استقرار سعر الفضة الفوري في نطاق 36.29–36.40 دولارًا للأونصة، بعد ارتفاعات طفيفة سجلتها خلال الجلسة الآسيوية، وهو ما يعكس قوة العوامل الأساسية الداعمة للمعدن الأبيض في ظل ظروف سوق معقدة.
مستويات فنية حاسمة: الدعم فوق 36 دولارًا يرسّخ الثقة في المسار الصعودي
من الناحية التقنية، يُنظر إلى مستوى 36 دولارًا باعتباره حاجز دعم نفسي وفني بالغ الأهمية، حيث فشلت محاولات الهبوط خلال الأسابيع الماضية في كسر هذا المستوى بشكل مستدام. ويعتبر الحفاظ على هذا الدعم إشارة إلى دخول قوى شرائية جديدة إلى السوق، خصوصًا من جانب المستثمرين المؤسسيين وصناديق التحوّط.
ويشير محللون فنيون إلى أن استمرار التداول أعلى هذا المستوى قد يدفع بالسوق نحو اختبار مستويات المقاومة التالية عند 36.70 و37.25 دولارًا، في حين أن أي كسر هبوطي دون 35.80 قد يؤدي إلى موجة تصحيح قصيرة الأجل.
الطلب الصناعي يقود موجة الصعود… والطاقة المتجددة في قلب المعادلة
من أبرز العوامل المحركة لـ أسعار الفضة اليوم هو النمو المستمر في الطلب الصناعي العالمي، لاسيما في القطاعات المتعلقة بالطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية والخلايا الكهروضوئية، بالإضافة إلى الإلكترونيات الدقيقة التي تُستخدم في صناعة الهواتف الذكية، وأشباه الموصلات، والمركبات الكهربائية.
وتُعد الفضة من أكثر المعادن فعالية في توصيل الكهرباء، مما يجعلها مادة لا يمكن الاستغناء عنها في التقنيات الحديثة. ووفقًا لتقارير صادرة عن معهد الفضة العالمي، فإن نسبة الطلب الصناعي تمثل حاليًا أكثر من 55% من إجمالي الطلب العالمي على الفضة، وهي أعلى نسبة مسجلة منذ 15 عامًا.
شح المعروض يدفع الأسعار نحو الأعلى
على الطرف الآخر من المعادلة، يواجه سوق الفضة أزمة في توفير المعروض الكافي. فقد تراجعت الاستثمارات في مناجم الفضة عالميًا خلال العقد الماضي نتيجة تقلب الأسعار، ما أدى إلى انخفاض نسبي في الإنتاج رغم تزايد الطلب.
وفي أحدث تقرير لها، حذّرت جمعية التعدين العالمية من أن السوق قد يواجه عجزًا متراكمًا في الإمدادات يصل إلى 3,300 طن بنهاية 2025، وهو العجز السنوي الرابع على التوالي. ويعود هذا التراجع إلى عدة عوامل، منها:
- ارتفاع تكاليف التشغيل في المناجم.
- القيود البيئية في أمريكا الجنوبية.
- تدنّي نسب الفضة المستخرجة مقارنة بالذهب أو النحاس.
الدولار والسياسة النقدية… محركات ثانوية لكنها مؤثرة
رغم أن العوامل الأساسية للعرض والطلب تسيطر على توجهات أسعار الفضة اليوم، إلا أن الأسواق لا تزال تراقب عن كثب تحركات الدولار الأمريكي، وقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. فضعف الدولار، كما حدث خلال اليومين الماضيين، يوفّر دفعة إضافية للفضة من خلال زيادة القدرة الشرائية للمستثمرين الدوليين.
أما على صعيد الفيدرالي، فالتوترات السياسية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس البنك المركزي جيروم باول ما تزال تلقي بظلالها على الأسواق، مع توقعات بأن هذه النزاعات قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسة النقدية، ما يعزز التوجّه نحو التحوّط من خلال المعادن.
الاستثمار في الفضة يعود إلى الواجهة
تشير تقارير من مؤسسات مالية كبرى إلى أن الفضة تشهد اهتمامًا متزايدًا من المستثمرين الأفراد والمؤسسات، وسط ارتفاع حاد في حجم تداول العقود الآجلة، وزيادة ملموسة في أصول صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة (Silver ETFs). وتُظهر هذه البيانات أن الفضة أصبحت تُعامل على نحو متزايد كأصل مزدوج الوظيفة: تحوّطي وصناعي في آن واحد.
وتوصي العديد من بيوت الاستثمار الكبرى بتخصيص جزء من المحافظ الاستثمارية للفضة، نظرًا لتوازنها بين الاستقرار النسبي والعائد المحتمل، خاصة في أوقات اضطراب الأسواق العالمية.
نظرة مستقبلية: هل تُمهّد الأسواق لصعود مستدام؟
بحسب توقعات مؤسسات مثل Citi وUBS، فإن الفضة قد تتجه نحو مستوى 38–40 دولارًا للأونصة خلال الربع الثالث من العام الجاري، إذا استمر الطلب الصناعي في النمو، وتواصلت أزمة المعروض، واستمر الضغط على الدولار الأمريكي.
كما أن أي مفاجآت في البيانات الاقتصادية الأمريكية، مثل مؤشر التضخم الأساسي (PCE)، أو قرارات طارئة من “أوبك+” قد تؤثر بشكل غير مباشر على توجهات المستثمرين وتزيد من جاذبية الفضة.






















