BCA: فقط 5% احتمال تصعيد بين الناتو وروسيا
BCA Research أكدت في تقريرها الأخير أن احتمالية اندلاع مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا لا تتجاوز 5% حتى نهاية عام 2025، في حين يبقى وقف إطلاق النار السيناريو الأكثر ترجيحًا بنسبة 60%. أما استمرار القتال داخل حدود أوكرانيا فاحتماله 35%، وفق تقديرات المؤسسة البحثية المتخصصة في الشؤون الجيوسياسية والاقتصادية.
الصورة الكبرى: الحرب محدودة
قال مات جيرتكن، كبير المحللين في المؤسسة، إن الإعلام يركز على سيناريوهات التصعيد، لكنه “يغفل الصورة الأكبر”، حيث إن الصراع بات محصورًا بالفعل داخل أوكرانيا. وأوضح أن هبوط أسعار النفط يعكس بوضوح محدودية قدرة موسكو على التوسع، إذ إن تراجع العائدات من قطاع الطاقة يقلص موارد الدولة ويحد من قدرتها على تمويل عمليات عسكرية واسعة.
وأضاف أن الاقتصاد الروسي يواجه ضغوطًا مضاعفة نتيجة ضعف الطلب في الأسواق العالمية، وخاصة من الصين، ثاني أكبر مستورد للطاقة في العالم. هذا التراجع يضع الكرملين أمام معضلة تمويل الحرب، ما يعزز احتمال ميله إلى القبول بوقف إطلاق نار يضمن له الحفاظ على مكاسب معينة دون الحاجة إلى توسيع نطاق المعارك.
الضغط الغربي عبر الطاقة
أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة وبالتعاون مع دول الخليج ضخت كميات إضافية من النفط إلى الأسواق العالمية، ما ساهم في خفض الأسعار بشكل كبير وزاد من الضغوط الاقتصادية على موسكو. هذا التكتيك، بحسب جيرتكن، لا يقل أهمية عن العقوبات المالية المفروضة على روسيا، حيث يضرب أحد أهم مصادر قوتها الاقتصادية.
ويضيف المحللون أن استمرار هذه الاستراتيجية سيجعل أي محاولة روسية لتوسيع رقعة الحرب مكلفة وغير واقعية، خصوصًا في ظل محدودية الدعم المالي من حلفائها التقليديين وفي مقدمتهم الصين وإيران.
المواقف الدولية: دعم محدود لأوكرانيا
التقرير أوضح أن واشنطن خفّضت بالفعل حجم الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، بينما تحاول أوروبا سد هذا الفراغ جزئيًا. إلا أن الاتحاد الأوروبي لا يملك القدرة الكاملة لتعويض تراجع الدور الأميركي. لذلك يظل الاتجاه الغربي العام هو الدفع نحو صيغة “تجميد النزاع”، أي وقف إطلاق النار مع تقديم ضمانات أمنية محدودة تضمن عدم خرق الاتفاق.
هل السلام الكامل واقعي؟
رغم أن الحديث عن اتفاق شامل للسلام يلقى صدى في الرأي العام، فإن التقرير يرى أن ذلك غير واقعي في المرحلة الحالية. فسلام دائم يتطلب إما تنازل روسيا عن الأراضي التي استولت عليها، أو موافقة الغرب على منح أوكرانيا معاهدة دفاع مشترك، وكلا الاحتمالين يبدو بعيدًا سياسيًا.
الرأي العام يدفع نحو المفاوضات
تشير استطلاعات الرأي في روسيا وأوكرانيا إلى أن أكثر من 60% من المواطنين يفضلون اللجوء إلى طاولة المفاوضات بدلاً من استمرار الحرب. هذا الميل الشعبي يعكس حالة الإنهاك الاقتصادي والاجتماعي من استمرار النزاع، كما يمنح السياسيين هامشًا أوسع للتحرك نحو تسوية دبلوماسية.
المخاطر المتبقية
رغم أن احتمالات التصعيد ضعيفة، فإن المؤسسة حذّرت من احتمال ضئيل يبلغ 5% فقط لما وصفته بـ”مخاطر الذيل”. ويتمثل هذا السيناريو في انهيار المحادثات، ما قد يدفع موسكو إلى خيارات غير عقلانية تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع الناتو. لكن هذا الاحتمال يظل محدودًا نظرًا لهشاشة القدرات العسكرية التقليدية لروسيا أمام قوة الحلف.
تأثيرات مباشرة على الأسواق
أحد أبرز محاور التقرير هو انعكاسات هذه التطورات على الأسواق العالمية. فقد شهدت عملات أوروبا الشرقية مثل الزلوتي البولندي والفورنت المجري ارتفاعًا مقابل الفرنك السويسري، وهو مؤشر على تحسن الثقة في هذه الاقتصادات مع تزايد الآمال في التوصل إلى حل دبلوماسي.
وبالنسبة للذهب، يرى المحللون أنه سيظل الوجهة المفضلة للمستثمرين في حال استمرار حالة عدم اليقين. ومن المتوقع أن يستفيد المعدن الأصفر من أي تراجعات مؤقتة في الأسعار ليعود للصعود مجددًا باعتباره ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات.
أما الأسهم الأوروبية، فمن المرجح أن تستمر في الأداء الضعيف مقارنة بالأسواق الأميركية، حتى يقترب سيناريو وقف إطلاق النار من التحقق. في المقابل، قد تشهد الأسواق الناشئة في أوروبا دفعة قوية في حال نجاح أي تسوية سياسية.
توصيات للمستثمرين
خلص التقرير إلى أن على المستثمرين توخي الحذر على المدى القصير، لكن مع الاستعداد لفرص محتملة على المدى المتوسط والبعيد. إذ إن أي تقدم في مسار المفاوضات سيعني بيئة استثمارية أكثر استقرارًا، خصوصًا في الاقتصادات الناشئة بشرق أوروبا.
ما هو احتمال اندلاع حرب مباشرة بين الناتو وروسيا؟
وفقًا لتقديرات BCA Research، الاحتمال لا يتجاوز 5% حتى نهاية عام 2025، ما يعني أن هذا السيناريو ضعيف للغاية.
ما السيناريو الأكثر ترجيحًا؟
التقرير يرجّح بنسبة 60% أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار يجمد النزاع على الخطوط الحالية، مع ضمانات أمنية مشروطة.
لماذا يصعب تحقيق اتفاق سلام شامل الآن؟
لأن ذلك يتطلب تنازل روسيا عن الأراضي التي سيطرت عليها أو قبول الغرب بانضمام أوكرانيا إلى معاهدة دفاع مشترك، وهو أمر مستبعد سياسيًا في الوقت الحالي.
كيف تؤثر هذه التطورات على الاقتصاد العالمي؟
تراجع أسعار النفط زاد من الضغوط على موسكو، بينما العملات في أوروبا الشرقية أظهرت بعض القوة. كما يُتوقع أن يستفيد الذهب من حالة عدم اليقين، في حين يتراجع أداء الأسهم الأوروبية مقارنة بنظيراتها الأميركية.
ما توصية الخبراء للمستثمرين؟
BCA توصي بالحذر على المدى القريب، لكن مع التركيز على فرص محتملة في الأسواق الناشئة بشرق أوروبا إذا تحقق تقدم دبلوماسي في الملف الأوكراني.
في المحصلة، يوضح تقرير BCA أن التصعيد بين الناتو وروسيا يظل احتمالًا ضعيفًا، بينما يبقى وقف إطلاق النار الخيار الأقرب للواقع. ورغم بقاء هامش ضئيل من المخاطر، فإن الاتجاه الدولي والإقليمي يدفع نحو التهدئة، وهو ما ينعكس إيجابًا على الأسواق ويمنح المستثمرين فرصة لالتقاط الأنفاس في انتظار تسوية نهائية.























