وول ستريت تهبط مع تهديد ترامب بزيادة الرسوم على الصين وسط قفزة لأسهم المعادن النادرة
تراجع شهية المخاطرة، على وقع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يدرس فرض
«زيادة ضخمة» في الرسوم الجمركية على الواردات القادمة من الصين رداً على القيود التي فرضتها بكين على صادرات المعادن النادرة.
وأشعلت التصريحات موجة تخلٍّ واسعة عن أسهم التكنولوجيا والشركات الصينية المدرَجة في نيويورك، مقابل تدفقات على أسهم قطاع
المعادن النادرة، فيما ظل الذهب متماسكاً بدعم من الطلب التحوطي وتوقعات خفض الفائدة الأميركية.
ملخص الحركة: وول ستريت تحت الضغط والتكنولوجيا تقود الخسائر
بحلول الساعة 12:44 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي، كان S&P 500 منخفضاً بنحو 1.6%،
وهبط ناسداك المركّب بنحو 2.2%، بينما خسر داو جونز نحو
504 نقاط أو 1.1%. الضغوط تركزت في أسهم النمو الحساسة للتجارة العالمية وسلاسل الإمداد،
بينما تلقّت أسهم المعادن النادرة دعماً قوياً بفعل الرهانات على استمرار الدعم السياسي للقطاع داخل الولايات المتحدة.
في المقابل، استأنف الذهب التعافي بعدما تراجع دون علامة 4,000 دولار للأونصة لفترة وجيزة؛
إذ ارتفع السعر الفوري بنسبة تقارب 0.2% إلى $3,985.41 للأونصة،
وصعدت عقود ديسمبر بنحو 0.8% إلى $4,006.30، مع حفاظ المعدن على مساره الصعودي للأسبوع الثامن على التوالي.
التفاصيل السياسية: تهديد بزيادة الرسوم ومسار المفاوضات مع بكين
قال ترامب عبر منصته الاجتماعية إنه «سيُضطر» إلى التصدي مالياً لخطوة بكين،
وإن من بين السياسات قيد الدراسة زيادة ضخمة في الرسوم على المنتجات الصينية الداخلة إلى الولايات المتحدة،
محذراً أيضاً من أنه قد يلغي محادثات مقبلة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
جاءت التصريحات عقب قيود تصدير صينية على المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، وهي مواد أساسية لسلاسل توريد التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة والدفاع.
هذه النبرة التصعيدية تُعيد فتح ملف الرسوم بوصفه أداة سياسية واقتصادية لنقل الضغط عبر سلاسل الإمداد،
وتزيد احتمالات احتدام التوتر التجاري في وقت يعاني فيه المستثمرون أصلاً من ضبابية مرتبطة ببيانات اقتصادية مؤجلة
بسبب إغلاق حكومي في الولايات المتحدة.
الرابحون والخاسرون: قفزة لأسهم المعادن النادرة وتراجعات حادة لعمالقة الصين
قفزت أسهم المعادن النادرة بشكل لافت؛ إذ صعد سهم USA Rare Earth (USAR) وMP Materials (MP)
وNioCorp (NB) على خلفية توقّعات بأن تبقى الإدارة الأميركية شديدة الاهتمام
بتوطين سلسلة التوريد في هذا القطاع الاستراتيجي.
في الجهة المقابلة، تعرّضت الأسهم الصينية المدرجة في نيويورك لضغوط كبيرة؛ إذ تراجع Alibaba (BABA) وBaidu (BIDU)
وPDD Holdings (PDD) بقوة، في انعكاس سريع لمخاوف المستثمرين من تصاعد القيود التجارية وتداعياتها على الإيرادات والنمو.
خريطة القطاع الأوسع أظهرت تباينات؛ حيث تراجع Levi Strauss (LEVI) بأكثر من 10%
رغم رفع التوجيهات، في إشارة إلى أن التوقعات المسبقة المرتفعة قد تُفشل أحياناً الأثر الإيجابي للنتائج القوية.
على الجانب الآخر، قفز سهم Applied Digital (APLD) بعد نتائج فصلية فاقت التوقعات،
مستفيداً من الطلب المتسارع على مراكز البيانات المرتبطة بسباق قدرات الذكاء الاصطناعي.
الذهب بين الطلب التحوطي وتبدّد بعض المخاطر الجيوسياسية
اتسمت حركة الذهب بالتقلّب، إذ شهد المعدن الأصفر تراجعات حادة ليلًا بعد توقيع
اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة أميركية بين إسرائيل وحماس كمرحلة أولى ضمن خطة سلام من 20 نقطة.
غير أنّ الأسعار عاودت الارتداد سريعاً مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي عالمياً
وترسّخ الرهانات على مسار تيسيري للفدرالي الأميركي.
يرى محللو ANZ أن موجة التراجع الأخيرة في الذهب والمعادن الثمينة جاءت مدفوعة بدرجة كبيرة بعمليات
جني أرباح بعد «صعود صاروخي» في الأسابيع الماضية، لكنها قد تكون مؤقتة وسط عوامل هيكلية
داعمة، منها استمرار طلب البنوك المركزية، وضعف نمو المعروض المعدني،
وعودة التدفقات إلى صناديق المؤشرات المرتبطة بالذهب.
صورة الاقتصاد الكلي: ثقة المستهلك شبه مستقرة وبيانات رسمية مؤجلة
على صعيد المعنويات، جاء مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان لشهر أكتوبر عند 55.0
مقابل 55.1 في سبتمبر، وأعلى قليلاً من التقديرات عند 54.1.
وأوضحت الجامعة أن تحسّن الأوضاع المالية الحالية وتوقعات ظروف الأعمال
قابله ضعف في توقعات الدخل الأسري وشروط شراء السلع المعمرة.
في المقابل، يستمر الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة للأسبوع الثاني، ما عطّل نشر مؤشرات رئيسية،
وخلق فراغاً معلوماتياً يُعقّد مهمة الفدرالي في تحديد توقيت ومدى التخفيضات القادمة للفائدة.
وكان البنك المركزي قد خفّض الفائدة 25 نقطة أساس الشهر الماضي،
مع إشارة ضمنية لإمكان تنفيذ خفض إضافي هذا العام إذا اقتضت الظروف.
قراءة سوقية: لماذا كان «تهديد الرسوم» محفزاً بيعياً؟
1) عودة «قناة الرسوم» كمحدد رئيسي لتقييمات النمو
تراهن الأسواق منذ أشهر على تحسّن ظروف التمويل وتراجع التضخم تدريجياً،
لكن إعادة فتح ملف الرسوم على الصين تضيف طبقة جديدة من مخاطر سلاسل الإمداد وتكاليف المدخلات.
شركات التكنولوجيا والمستهلك المعمّر قد تواجه ضغط هوامش سريعاً إذا ما اتّسع نطاق الرسوم أو ارتفعت الفئات.
2) تسعير جديد لمخاطر العزل التجاري والانتقام
التلويح بإلغاء محادثات رفيعة المستوى مع بكين يرفع احتمالات الدخول في مرحلة شدّ وجذب أطول،
ما يدفع المستثمرين إلى تقليص المخاطرة في التعرض للصين وسلاسل توريدها—وهذا يفسّر الهبوط العنيف في
BABA وBIDU وPDD.
3) التحوّط عبر الذهب والقطاعات الحساسة للسياسة الصناعية
بينما عانت المؤشرات الرئيسية، تحركت التدفقات إلى الذهب وإلى أسهم
المعادن النادرة مثل USAR وMP وNB،
وهي المستفيد الطبيعي من أي سياسات إحلال محلّ الواردات وإعادة تشكيل سلاسل الإمداد.
ما الذي يرقبه المستثمرون الآن؟
يتركز الاهتمام على أي تفاصيل تنفيذية حول مقترح الزيادة «الضخمة» في الرسوم:
ما الفئات المستهدفة؟ وما النسب؟ وما الجدول الزمني؟ إضافة إلى أي ردود من بكين
بشأن قيود التصدير للمعادن النادرة. وعلى صعيد السياسة النقدية، سيواصل المستثمرون متابعة قراءات بديلة
للأسعار والتوظيف بانتظار استئناف نشر البيانات الرسمية، وما إذا كان خفض جديد للفائدة
في اجتماع 28-29 أكتوبر سيبقى قائماً في التسعير.
يجمع مشهد الجمعة بين صدمة سياسية أطلقتها تصريحات تتعلق بالرسوم على الصين،
وفراغ بيانات يعقّد قراءة الدورة الاقتصادية، وتحوّط مستمر يدعم الذهب وبعض القطاعات الاستراتيجية.
إلى حين تبلور المسارات السياسية والاقتصادية، ستبقى التقلّبات سمة غالبة،
مع حساسية مرتفعة للمفاجآت سواء على جبهة التجارة أو السياسة النقدية.
هل يعني تهديد الرسوم انهياراً ممتداً في وول ستريت؟
ليس بالضرورة. التأثير يعتمد على حجم الرسوم والفئات المستهدفة وسرعة التطبيق،
إضافة إلى ردود الصين. أي مؤشرات على مسار تفاوضي قد تحدّ من الخسائر سريعاً.
لماذا ارتفعت أسهم المعادن النادرة بينما تراجعت المؤشرات؟
لأن السوق تسعّر أولوية سياسية لتأمين سلاسل توريد المعادن الحرجة محلياً،
ما ينعكس دعماً للشركات الأميركية في هذا القطاع، مقابل ضغط على الشركات المعتمدة على واردات صينية.
ما علاقة الذهب بقرارات الفدرالي والإغلاق الحكومي؟
الذهب يستفيد من بيئة الفائدة المنخفضة وعدم اليقين.
تأخر البيانات بسبب الإغلاق يرفع الضبابية ويعزّز الطلب التحوطي،
فيما أي خفض إضافي للفائدة يدعم المعدن.
كيف يقرأ المستثمرون نتائج شركات مثل APLD وLEVI وسط هذه الضوضاء؟
تظل النتائج القوية ذات أثر انتقائي؛ حيث تدعم الأسهم المرتبطة بالبنية التحتية للذكاء الاصطناعي
مثل APLD، بينما قد تتراجع أسهم أخرى إذا كانت التوقعات المسبقة مبالغاً فيها كما حدث مع LEVI.






















