في خطوة تمثل تحوّلًا استراتيجيًا في مستقبل الطاقة والمعادن في الولايات المتحدة، أعلنت شركة Ramaco Resources عن بدء العمل في أول منجم فحم وايومنغ منذ أكثر من 50 عامًا، حيث لا يقتصر المشروع على استخراج الفحم فقط، بل يتضمن أيضًا معالجة الفحم لاستخراج عناصر أرضية نادرة تستخدم في المنتجات التكنولوجية الحديثة والتجهيزات العسكرية.
حفل افتتاح بحضور شخصيات بارزة
سيُقام حفل افتتاح المشروع اليوم الجمعة بالقرب من مدينة رانشيستر في شمال وايومنغ، حيث سيحضر عدد من الشخصيات البارزة على رأسهم وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت، والسيناتور السابق جو مانشين، وحاكم وايومنغ مارك غوردون، إضافة إلى وفد من أعضاء الكونغرس عن الولاية.
المشروع، الذي يُعرف باسم منجم بروك (Brook Mine)، تابع لشركة Ramaco التي تُعرف بامتلاكها مناجم فحم معدني في منطقة الأبلاش، لكنه يختلف تمامًا عن مشاريع الفحم التقليدية، إذ يُركّز على معالجة الفحم لاستخراج المعادن النادرة والمعادن الحرجة.
ما هي العناصر الأرضية النادرة؟
العناصر الأرضية النادرة هي مجموعة من 17 عنصرًا معدنيًا ذات خصائص فيزيائية وكيميائية فريدة تجعلها حاسمة في صناعة عدد من المنتجات الحيوية. على سبيل المثال:
- النيوديميوم (Neodymium) والديسبروسيوم (Dysprosium) يُستخدمان في تصنيع المغناطيس الدائم لتوربينات الرياح.
- اللانثانوم (Lanthanum) يدخل في بطاريات السيارات الكهربائية والهجينة.
- الإيتريوم (Yttrium) والتيربيوم (Terbium) لهما استخدامات عسكرية حساسة، تشمل أجهزة التصويب والاستهداف.
الاحتكار الصيني والقلق الأمريكي
تُنتج الصين ما يقرب من 90% من إجمالي الإمدادات العالمية من العناصر الأرضية النادرة، مما يُثير مخاوف الولايات المتحدة من التبعية الجيوسياسية لهذا المصدر الحرج، خاصة في ظل التوترات التجارية بين البلدين.
وقد دفع هذا القلق إدارة ترامب سابقًا إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ويُعد مشروع Ramaco أحد ثمار هذه السياسة، حيث سيُركز على الاكتفاء الذاتي من خلال التعدين والمعالجة والتوزيع محليًا.
تأكيدات بالاكتشاف وجدوى اقتصادية عالية
تشير تحليلات من مختبرات وطنية أمريكية إلى أن الفحم الموجود في منجم بروك يحتوي على كميات قيمة من النيوديميوم، البراسيوديميوم، الديسبروسيوم والتيربيوم، بالإضافة إلى معادن حرجة مثل الغاليوم (Gallium)، السكانديوم (Scandium)، والجرمانيوم (Germanium)، وهي مواد تُستخدم في الإلكترونيات والطاقة المتقدمة.
وقال المدير التنفيذي لشركة Ramaco، راندال أتكينز، في بيان يوم الخميس:
“نعتزم استخراج المعادن في وايومنغ، ومعالجتها هنا، وبيعها للمشترين المحليين، بما في ذلك الحكومة الأمريكية.”
دعم حكومي وتمويل كبير
تلقت الشركة في السنوات الأخيرة منحًا من وزارة الطاقة الأمريكية لتطوير منتجات تعتمد على الكربون من الفحم مثل الألياف الكربونية. وفي هذا العام، حصلت على منحة بقيمة 6.1 مليون دولار من ولاية وايومنغ لبناء مصنع متخصص في معالجة المعادن الأرضية النادرة والمعادن الحرجة.
وفقًا لتقرير استشاري صدر هذا الأسبوع، فإن تكلفة تطوير المنجم بالكامل إلى جانب محطة المعالجة تقدر بنحو 500 مليون دولار، ويمكن استرداد هذا المبلغ خلال خمس سنوات إذا تمت عملية الاستخراج والبيع بنجاح.
إلى جانب بيع المعادن، تخطط Ramaco أيضًا لبيع الفحم المعالج كوقود، ما يجعل المشروع متعدد الاستخدامات ومربحًا على المدى المتوسط.
Orla Mining تسجل إنتاجًا قياسيًا في الربع الثاني بدعم من منجم Musselwhite
من حلم إلى واقع
مشروع منجم بروك لم يكن وليد اللحظة، بل تأخر لسنوات بسبب اعتراضات من ملاك الأراضي المحليين بسبب المخاوف البيئية، خصوصًا فيما يتعلق بجفاف المياه الجوفية. وكان أتكينز قد خطط في البداية لاستخدام الفحم في تغذية محطات الطاقة، لكن تغيرت الرؤية لاحقًا مع تطور الصناعات التكنولوجية وزيادة الطلب على المعادن النادرة.
وضع الفحم في وايومنغ
يُذكر أن وايومنغ تُعد أكبر منتج للفحم في الولايات المتحدة، لكن الصناعة شهدت تراجعًا كبيرًا خلال العقد الأخير بسبب التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي الأرخص. لذلك، يمثل هذا المشروع بارقة أمل للصناعة في الولاية، ولكن بوجه جديد يعتمد على القيمة العالية لاستخدامات الفحم وليس على حجمه فقط.
تحليل أثر الخبر على السوق
يمثل افتتاح منجم بروك فرصة استراتيجية كبرى للسوق الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بتقليل الاعتماد على الصين في مصادر المعادن الحرجة التي تدخل في الصناعات الدفاعية والإلكترونية والطاقة النظيفة.
قد يُحفز المشروع شركات التكنولوجيا والدفاع على توقيع عقود شراء طويلة الأمد مع Ramaco، كما قد يؤدي إلى زيادة الاستثمارات في مناجم الفحم ذات الاستخدامات غير التقليدية، مما يُنعش قطاعًا كان يُعد في تراجع مستمر.
من الناحية السوقية، يُتوقع أن ترتفع أسهم الشركات الأمريكية المتخصصة في تعدين ومعالجة العناصر النادرة، خاصة مع ارتفاع أسعار هذه المعادن عالميًا وزيادة الطلب على سلاسل التوريد المحلية.
إخلاء مسؤولية
جميع الآراء والتحليلات الواردة في هذا المقال صادرة عن شركة جولد إيجلز لأغراض إعلامية وتحليلية فقط، ولا تُعد توصية مباشرة بالشراء أو البيع أو اتخاذ قرارات استثمارية. يُنصح المستثمرون دائمًا بالتشاور مع مستشار مالي معتمد قبل اتخاذ أي خطوة استثمارية.






















