مخاطر الأسواق الأمريكية في سبتمبر: المستثمرون على حافة القلق وسط ضغوط الفيدرالي ورسوم ترامب
تشهد الأسواق المالية الأمريكية مع بداية سبتمبر حالة من القلق الواضح بين المستثمرين، حيث اعتبر الخبراء أن هذا الشهر يُعد تاريخيًا الأصعب على الأسهم الأمريكية. ومع تجدد التوترات حول استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وتزايد الغموض بشأن التعريفات الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دخلت الأسواق في موجة من التقلبات أثارت المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد والاستثمار في الولايات المتحدة.
عودة التوتر مع نهاية عطلة الصيف
بعد عطلة عيد العمال التي تُعتبر نهاية غير رسمية لفصل الصيف، عادت وول ستريت لتواجه موجة من الضغوط، حيث تراجعت المؤشرات الرئيسية بشكل لافت. مؤشر ستاندرد آند بورز 500 فقد 0.7% يوم الثلاثاء، بينما شهدت عوائد السندات طويلة الأجل ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة عمليات بيع واسعة النطاق في أسواق السندات العالمية.
القلق لم يقتصر على الأسهم فحسب، بل امتد إلى سوق السندات، حيث قفز العائد على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى مستوى 4.26%، بينما لامست عوائد السندات لأجل 30 عاماً أعلى مستوياتها منذ منتصف يوليو، وهو ما زاد من الضغوط على الأصول الخطرة.
التعريفات الجمركية مصدر قلق إضافي
أعادت قرارات ترامب بشأن الرسوم الجمركية إلى الواجهة الجدل القانوني حول شرعيتها، إذ ظهرت خلال عطلة نهاية الأسبوع شكوك جديدة حول إمكانية الطعن في تلك الرسوم. هذا الجدل دفع المستثمرين إلى الخروج من الأسهم والسندات تحسباً لتداعيات اقتصادية سلبية قد تفرض ضغوطاً إضافية على المالية العامة للولايات المتحدة.
المحلل الاقتصادي سيث هيكل أشار إلى أن حالة “النزعة نحو الأمان” في الأسواق مرتبطة بشكل مباشر بالقلق من اضطرابات محتملة في سوق السندات، خاصة إذا اضطرّت الحكومة الأمريكية إلى إعادة أموال الرسوم للخارج.
سبتمبر.. الشهر الأصعب للأسواق
بحسب “Stock Trader’s Almanac”، فإن شهر سبتمبر يُعد الأسوأ أداءً للأسواق الأمريكية خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث سجل مؤشر S&P 500 متوسط تراجع قدره 0.8%، وانخفض في 18 من أصل 35 عاماً. هذا السجل التاريخي يزيد من التوتر بين المستثمرين، خصوصاً في ظل الظروف الحالية التي تتسم بعدم اليقين السياسي والاقتصادي.
تأثير التصفية الموسمية للمحافظ
يشير المحللون إلى أن عودة المستثمرين من عطلة الصيف تدفعهم إلى إعادة هيكلة محافظهم الاستثمارية، مع القيام بعمليات بيع مرتبطة بالضرائب أو بالتحضير لنهاية العام. هذه التحركات تضيف ضغطاً إضافياً على الأسواق في سبتمبر، وتزيد من احتمالية تسجيل خسائر أكبر مقارنة بالأشهر الأخرى.
التوتر بين ترامب والفيدرالي
لم يكن الصراع السياسي بعيداً عن المشهد، إذ صعّد ترامب من هجومه على الاحتياطي الفيدرالي، موجهاً انتقادات مباشرة لرئيسه جيروم باول بسبب التردد في خفض أسعار الفائدة. كما دفع بترشيح حليفه المقرب ستيفن ميران لشغل منصب مؤقت في المجلس بعد استقالة العضوة أدريانا كوجلر.
هذه الخطوات أثارت قلق المستثمرين من أن يؤدي تدخل البيت الأبيض في السياسة النقدية إلى إضعاف استقلالية الفيدرالي، وهو ما قد يترك تداعيات عميقة على سوق السندات الأمريكية واستقرار الاقتصاد بشكل عام.
ماذا ينتظر الأسواق هذا الأسبوع؟
العين الآن تتجه إلى بيانات سوق العمل لشهر أغسطس، والتي ستصدر يوم الجمعة. نتائج هذه البيانات ستحدد إلى حد كبير توجه الفيدرالي في قرارات خفض الفائدة المقبلة. وفي حال أظهرت الأرقام استمرار الضغوط التضخمية، فقد يجد الفيدرالي نفسه مقيداً رغم توقعات الأسواق بخفض قريب للفائدة.
التدفقات نحو الذهب والبيتكوين
في ظل هذه الأجواء المشحونة، اتجهت أنظار المستثمرين نحو البدائل. فقد قفزت أسعار الذهب إلى مستوى قياسي جديد قرب 3,540 دولاراً للأونصة يوم الثلاثاء، فيما صعدت عملة البيتكوين بنحو 1% لتؤكد حضورها كخيار للمستثمرين الباحثين عن حماية من تقلبات العملات والسياسات النقدية.
أكاش دوشي، رئيس استراتيجية الذهب في “State Street”، أكد أن الذهب والبيتكوين يجتمعان في نقطة مشتركة، إذ يمثلان معاً أداة تحوّط ضد الدولار الأمريكي ويعكسان توجهاً متزايداً نحو “فك الارتباط بالدولار” عالمياً.
صورة أوسع: هل يستعيد المستثمرون الثقة؟
المراقبون يرون أن حالة القلق الحالية تعكس خليطاً من العوامل: موسمياً، سبتمبر يُعتبر شهر ضعف، وسياسياً، الصراع بين ترامب والفيدرالي يضيف طبقة من عدم اليقين، واقتصادياً، ارتفاع العوائد وتباطؤ النمو يهددان بتغيير موازين الاستثمار بين الأسهم والسندات.
ومع دخول المستثمرين هذه المرحلة الحساسة، يبقى السؤال مفتوحاً: هل تنجح الأسواق الأمريكية في تجاوز اختبار سبتمبر دون هزات كبيرة، أم أن المخاطر المتراكمة ستتحول إلى أزمة ثقة أوسع نطاقاً؟
المستثمرون يقفون حالياً على حافة الترقب، بين ضغوط السياسة النقدية وتحديات الرسوم الجمركية، في وقت ترتفع فيه المخاوف من أن يكون سبتمبر هذا العام أكثر قسوة من المعتاد. ويبقى الذهب والبيتكوين أبرز الرابحين من هذه الأجواء، حيث يواصلان لعب دور الملاذ الآمن في مواجهة مخاطر متنامية في الأسواق الأمريكية.
تنويه: جولد إيجلز لا تتحمل أي مسؤولية عن القرارات الاستثمارية المبنية على هذا المقال. ننصح دائماً بالرجوع إلى مستشار مالي قبل اتخاذ أي قرار استثماري.
ما هي أبرز مخاطر الأسواق الأمريكية في سبتمبر؟
تتمثل أبرز المخاطر في التوترات السياسية بين ترامب والفيدرالي، وارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل، إضافة إلى التاريخ السلبي لشهر سبتمبر في أسواق الأسهم الأمريكية.
لماذا يُعتبر شهر سبتمبر الأصعب للأسواق الأمريكية؟
وفقاً للإحصاءات التاريخية، يُعد سبتمبر الشهر الأكثر ضعفاً لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، حيث يسجل متوسط تراجع بنسبة 0.8% خلال الـ 35 عاماً الماضية بسبب التصفية الموسمية وإعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية.
كيف تؤثر عوائد السندات المرتفعة على الأسهم؟
ارتفاع عوائد السندات يجعل العائد من الاستثمار في الديون الحكومية أكثر جاذبية مقارنة بالأسهم، ما يؤدي إلى سحب السيولة من أسواق الأسهم وزيادة الضغوط البيعية.
هل يمكن أن ينجح الفيدرالي في تهدئة الأسواق؟
يعتمد ذلك على بيانات سوق العمل والتضخم المقبلة. إذا تراجع التضخم بقوة، قد يتمكن الفيدرالي من خفض الفائدة، لكن استمرار الضغوط التضخمية قد يحد من قدرته على دعم الأسواق.
لماذا يلجأ المستثمرون إلى الذهب والبيتكوين حالياً؟
يلجأ المستثمرون إلى الذهب كملاذ تقليدي آمن ضد الأزمات، بينما يرى البعض في البيتكوين بديلاً رقمياً يوفر حماية من تراجع قيمة الدولار والسياسات النقدية غير المستقرة.






















