عودة منجم الذهب في مالي إلى العمل تحت إدارة مؤقتة بعد توقف دام 4 أشهر
كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن عمليات التعدين في منجم الذهب في مالي التابع لشركة باريك جولد (Barrick Gold) ستُستأنف في 15 أكتوبر الجاري، وذلك بعد أربعة أشهر من توقف الإنتاج عقب نزاع قانوني بين الشركة والحكومة المالية حول تطبيق قانون التعدين الجديد.
استئناف الأنشطة بعد تسوية المستحقات
وأشارت المصادر إلى أن الإدارة المؤقتة التي عيّنتها المحكمة في العاصمة باماكو، برئاسة الوزير السابق سومانا ماكادجي، قد أتمّت تسوية المستحقات غير المدفوعة لشركات المقاولات، وعلى رأسها ساندفك (Sandvik) وماكسم (Maxam)، ما مهد الطريق لاستئناف عمليات التفجير تحت الأرض في مجمع لوولو-غونكوتو (Loulo-Gounkoto) الغني بالذهب.
وأوضح أحد المصادر أن الأنشطة كانت مقتصرة خلال الأشهر الماضية على نقل ومعالجة المخزون الخام المتبقي من فترات الإنتاج السابقة، دون أي عمليات حفر أو استخراج جديدة. وأضاف أن الشركة كانت تخطط لاستئناف التعدين في سبتمبر، لكن تم تأجيل الموعد بسبب المفاوضات المتعلقة بالديون والمقاولين.
أنشطة منجم الذهب السطحي ما زالت معلقة
رغم استئناف العمل في منجم الذهب تحت الأرض، فإن الأنشطة في منجم الذهب السطحي التابع للمجمع ستظل معلقة في الوقت الحالي، بسبب استمرار الخلافات المالية مع المقاول الرئيسي المسؤول عن العمليات هناك.
وقال مصدر ثانٍ إن «الإدارة المؤقتة قررت التركيز في المرحلة الأولى على إعادة تشغيل منجم الذهب تحت الأرض الذي ينتج الجزء الأكبر من الذهب، بينما سيُعاد تقييم وضع المنجم السطحي في وقت لاحق».
خلفية الأزمة: نزاع على قانون التعدين الجديد
تعود الأزمة إلى يناير 2025، حين قررت شركة باريك جولد تعليق عملياتها في مالي احتجاجًا على تعديلات أقرّتها الحكومة العسكرية الحاكمة، تضمنت زيادة الضرائب ومنح الدولة حصة أكبر في المشاريع التعدينية العاملة داخل البلاد. وقد أثار القرار جدلاً واسعًا، خاصة أن مالي تُعدّ ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا وغانا.
وأدى تعليق الإنتاج في مجمع لوولو-غونكوتو – أحد أكبر المناجم التابعة لباريك عالميًا – إلى انخفاض إنتاج مالي من الذهب بنسبة 32% على أساس سنوي، ليصل إلى 26.2 طن بنهاية أغسطس، بحسب وثيقة رسمية من وزارة المناجم.
الإدارة المؤقتة تتولى القيادة
وفي يونيو الماضي، أصدرت محكمة باماكو قرارًا بتعيين إدارة مؤقتة للمجمع، بقيادة الوزير السابق سومانا ماكادجي، بهدف إعادة تشغيل منجم الذهب وضمان استمرار عمليات الإنتاج لحماية العمال وسلاسل الإمداد.
ومنذ ذلك الحين، تمكنت الإدارة من معالجة نحو 1.07 طن من الذهب باستخدام الخامات المخزنة سابقًا، في محاولة للحفاظ على الحد الأدنى من الإيرادات وتغطية التكاليف التشغيلية الأساسية.
المفاوضات مع الحكومة ما زالت جارية
رغم استئناف العمليات، فإن المفاوضات بين باريك والحكومة المالية لم تُحسم بعد. وتشير التقارير إلى استمرار المحادثات بين الجانبين منذ بداية العام، بما في ذلك جولة جديدة عُقدت في أغسطس الماضي، قبل فترة وجيزة من الإعلان المفاجئ عن رحيل الرئيس التنفيذي مارك بريستو من منصبه.
ويُتوقع أن تُصدر محكمة التحكيم التابعة للبنك الدولي حكمها خلال الشهر الجاري حول مدى شرعية تعيين الإدارة المؤقتة، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها مفصلية في مستقبل علاقة باريك بالحكومة المالية.
موقف الأطراف المعنية
رفض المتحدث باسم وزارة المناجم المالية التعليق على تطورات الملف، كما لم يصدر أي رد رسمي من ماكادجي أو شركة باريك جولد أو شركتي ساندفك وماكسم حتى الآن. ومع ذلك، ترى مصادر قريبة من المفاوضات أن الطرفين يسعيان لتجنب مزيد من التصعيد الذي قد يهدد استقرار أحد أهم القطاعات الاقتصادية في مالي.
تحليل: دلالات اقتصادية وسياسية
يعكس النزاع حول منجم الذهب في مالي التوتر المتزايد بين الشركات العالمية والحكومات الإفريقية الساعية إلى تعديل شروط الاستثمار بما يتماشى مع مصالحها الوطنية. ففي حين ترى باريك أن التعديلات الضريبية تضر بالجدوى الاقتصادية للمشروعات، تعتبر الحكومة المالية أن الوقت قد حان لإعادة توزيع المكاسب من الموارد الطبيعية لصالح الدولة والمجتمع المحلي.
ويأتي هذا التطور في ظل بيئة عالمية تتسم بارتفاع أسعار الذهب فوق 4,000 دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ، ما يجعل قطاع التعدين في إفريقيا محط اهتمام المستثمرين الدوليين رغم التحديات السياسية والتنظيمية.
انعكاسات على أسواق الذهب العالمية
من المتوقع أن يؤدي استئناف الإنتاج في مجمع لوولو-غونكوتو إلى زيادة طفيفة في المعروض العالمي من الذهب خلال الربع الرابع من 2025، لكن المحللين يستبعدون أن يكون لهذا الأثر تأثير ملموس على الأسعار العالمية، نظرًا لهيمنة العوامل الكلية مثل قرارات الفدرالي الأميركي وتدفقات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب.
يبقى مستقبل منجم الذهب في مالي مرهونًا بمسار المفاوضات بين باريك والحكومة، وبما ستقرره محكمة التحكيم الدولية في الأسابيع المقبلة. وفي حال التوصل إلى اتفاق، قد يشكل ذلك خطوة مهمة نحو استقرار قطاع التعدين في البلاد وجذب استثمارات جديدة، بينما سيؤدي استمرار الخلاف إلى مزيد من الغموض في ثاني أهم مورد للدولة بعد الزراعة.
متى سيُستأنف العمل في منجم باريك بمالي؟
من المقرر أن تبدأ عمليات التفجير واستخراج الخام في 15 أكتوبر 2025، بعد تسوية المستحقات المالية للمقاولين الرئيسيين.
لماذا توقفت عمليات منجم لوولو-غونكوتو؟
توقفت العمليات بسبب خلاف حول قانون التعدين الجديد الذي يمنح الحكومة حصة أكبر ويرفع الضرائب على الشركات الأجنبية.
من يدير المنجم حاليًا؟
تدير منجم الذهب إدارة مؤقتة عيّنتها المحكمة المالية بقيادة الوزير السابق سومانا ماكادجي، ريثما تُحل النزاعات القانونية مع باريك جولد.
هل سيؤثر استئناف العمل على أسعار الذهب عالميًا؟
من غير المرجح أن يكون التأثير كبيرًا، إذ إن حجم الإنتاج من مالي محدود مقارنة بإجمالي المعروض العالمي من الذهب.






















