عزل رئيس الفيدرالي: في تطور سياسي واقتصادي قد يثير جدلًا واسعًا، لمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إمكانية إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مستندًا هذه المرة إلى مزاعم بسوء إدارة مشروع تجديد مقار البنك المركزي في واشنطن، والذي تبلغ تكلفته 2.5 مليار دولار.
الخطوة تأتي في أعقاب حملة طويلة شنّها ترامب ضد باول، الذي رفض دعوات البيت الأبيض إلى خفض أسعار الفائدة في وقت كانت فيه الإدارة الأميركية تدفع باتجاه فرض مزيد من الرسوم الجمركية، وهو ما اعتبره باول خطرًا على استقرار الأسعار.
ترامب والفيدرالي : الرئيس الأمريكي يلمح إلى استبدال باول
ترامب: مشروع التجديد “مهين ومبالغ فيه”
في تصريحات أدلى بها يوم الثلاثاء، وصف ترامب المشروع بأنه “مثير للاشمئزاز”، مضيفًا:
“عندما تنفق 2.5 مليار دولار على مجرد تجديد، أعتقد أن هذا أمر مشين”.
واتهم ترامب باول بأنه “ليس بحاجة إلى قصر” على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن طريقة إدارة المشروع يمكن أن تشكل أساسًا قانونيًا لإقالته من منصبه قبل انتهاء ولايته في مايو 2026.
دوافع سياسية أم مبررات قانونية؟
وفقًا للدستور الأميركي، لا يمكن للرئيس إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي بسبب خلاف في السياسات. لكن يمكن نظريًا القيام بذلك في حال وجود سوء إدارة أو إخلال بالواجبات.
وتحاول إدارة ترامب الدفع باتجاه هذا السيناريو، زاعمة أن باول ضلّل الكونغرس بشأن تكلفة مشروع التجديد، وأخفق في الالتزام بالموافقات الرسمية الصادرة عن اللجنة الوطنية لتخطيط العاصمة.
لكن هذه الخطوة – إن تمت – قد تثير تداعيات قانونية ومالية كبيرة، وتهدد استقلالية البنك المركزي التي تعتبر ركيزة أساسية في النظام المالي الأميركي.
تفاصيل مشروع التجديد
يعود تاريخ المبنى الرئيسي للاحتياطي الفيدرالي، المعروف باسم مبنى مارينر إس. إيكلز، إلى أكثر من 90 عامًا. ويقول الفيدرالي إن البنية التحتية أصبحت “متقادمة”، وتشمل أنظمة كهربائية وسباكة وتكييف ترجع إلى ثلاثينيات القرن الماضي، فضلًا عن احتوائه على مادة الأسبستوس وعناصر أخرى خطرة.
المشروع يشمل أيضًا تجديد مبنى إضافي تم شراؤه في عام 2018، ويهدف إلى دمج نحو 3000 موظف في مساحة أصغر لتقليل الإيجارات. لكن تكلفة المشروع تضخمت من الميزانية الأولية لتصل إلى 2.5 مليار دولار — بزيادة قدرها 600 مليون دولار.
يقول مسؤولو الفيدرالي إن السبب يعود إلى ارتفاع أسعار المواد الخام والعمالة خلال موجة التضخم التي شهدها العالم في 2021–2022، إضافة إلى الحاجة لإزالة كميات أكبر من الأسبستوس والبناء تحت الأرض بسبب قيود ارتفاع المباني في واشنطن.
اتهامات من البيت الأبيض بـ”البذخ”
روس فوت، مدير الميزانية في البيت الأبيض، بعث برسالة إلى باول قال فيها إن ترامب “قلق للغاية” بشأن ما وصفه بـ”البذخ الفاضح” في المشروع، مشيرًا إلى وجود خطط لتراسات حدائق على السطح، غرف طعام خاصة، مصاعد فاخرة، شلالات مياه، ورخام فاخر.
باول ردّ خلال جلسة استماع أمام لجنة البنوك في مجلس الشيوخ بالقول:
“لا توجد غرف طعام VIP، ولا رخام جديد، ولا مصاعد خاصة، ولا شلالات مياه، ولا حدائق على السطح.”
وأوضح أن كثيرًا من هذه العناصر تم إزالتها من التصميم الأصلي في عام 2021.
اعتراض البيت الأبيض على تقليص المشروع
من المفارقات أن البيت الأبيض لم يكتف بانتقاد التكلفة المرتفعة، بل اتهم الفيدرالي أيضًا بتغيير خطط المشروع دون الرجوع للجنة التخطيط المحلية، في مخالفة محتملة للإجراءات.
جيمس بلير، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض وعضو اللجنة الوطنية لتخطيط العاصمة، قال إنه يعتزم زيارة موقع المشروع ومراجعة التعديلات، وطرح رسالة رسمية لمخاطبة الفيدرالي حول عدم تطابق المشروع مع ما تمت الموافقة عليه في 2021.
الفيدرالي يطلب مراجعة مستقلة
ردًا على هذه الاتهامات، قال الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يخضع لتوجيهات اللجنة الوطنية بشكل مباشر، لكنه امتثل لها طواعية.
كما أوضح البنك المركزي أنه يخضع لمساءلة الكونغرس ومفتش عام مستقل، وليس للبيت الأبيض، وأن باول طلب بالفعل من المفتش العام فتح مراجعة مستقلة لتكاليف المشروع لضمان الشفافية.
تحليل أثر الخبر على الأسواق
إقالة جيروم باول — أو مجرد محاولة عزله — ستكون سابقة خطيرة تهدد استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، وقد تؤدي إلى:
- اضطراب واسع في الأسواق المالية
- ارتفاع العائد على سندات الخزانة مع تسعير المستثمرين لمخاطر سياسية إضافية
- تراجع ثقة المستثمرين الأجانب في استقرار السياسات النقدية الأميركية
- تقلبات في الدولار وأسواق الأسهم، خاصة إن ربطت الخطوة بمساعي خفض الفائدة لأسباب سياسية
إن فقدان الثقة في استقلال الفيدرالي سيكون له أثر سلبي طويل الأجل على سمعة الدولار كعملة احتياط عالمية، ويضع الاقتصاد الأميركي أمام اختبارات حقيقية خلال العام المقبل.
تنويه
شركة جولد إيجلز تُخلي مسؤوليتها عن أي قرارات استثمارية يتم اتخاذها بناءً على هذا التقرير. المعلومات الواردة ذات طبيعة إخبارية وتحليلية، ولا تُعد توصية بالبيع أو الشراء. يُنصح دائمًا باستشارة خبير مالي مرخص قبل اتخاذ قرارات استثمارية.






















