سعر الفضة يقفز إلى مستوى قياسي وسط موجة الذهب وشح الإمدادات
ارتفعت أسعار الفضة بشكل حاد في تعاملات صباح الاثنين، لتسجل مستوى قياسي جديد عند 49.63 دولارًا للأونصة، بدعم من الارتفاع الكبير في أسعار الذهب وشح الإمدادات في الأسواق العالمية.
قفزة تاريخية في سعر الفضة
قفزت عقود الفضة الآجلة في نيويورك بنسبة 5% لتصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، فيما صعد الذهب الفوري بنسبة 2.7% إلى 51.66 دولارًا للأونصة، لتؤكد أسواق المعادن الثمينة استمرار الزخم الصعودي القوي منذ بداية الربع الأخير من 2025.
ويشير محللون إلى أن هذه القفزة تأتي في ظل تزايد الطلب الاستثماري على المعادن الثمينة كملاذ آمن بعد سلسلة قرارات من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، ما أدى إلى تراجع عوائد السندات والدولار، ودفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الأصول الحقيقية مثل الذهب والفضة.
شح الإمدادات يفاقم الأزمة
أفادت تقارير الأسواق أن أسعار الإيجار على الفضة الفعلية (Lease Rates) ارتفعت بأكثر من 35%، ما يعكس أزمة في المعروض المادي من المعدن في مخازن لندن ونيورك. وأشارت بيانات المتعاملين إلى أن المستثمرين يدفعون الآن علاوات قياسية للحصول على تسليم فوري للفضة، وهو ما يعزز التوتر في سوق يعاني أصلًا من ضيق السيولة مقارنة بالذهب.
وذكر متعاملون أن صناديق التحوط والمؤسسات المالية الكبرى بدأت بزيادة مراكزها الطويلة في عقود الفضة تحسبًا لموجة ارتفاع جديدة، بينما تُظهر بيانات بورصة “كوميكس” أن الطلب المادي على السبائك ارتفع بنسبة 28% خلال أسبوع واحد فقط.
الذهب يقود المسيرة والفضة تلحق به
يقول محللو Goldman Sachs إن الزخم الاستثماري الذي يدعم الذهب سينتقل تدريجيًا إلى الفضة، إذ تستفيد الأخيرة من نفس موجات التدفقات الخاصة بالمستثمرين الأفراد والمؤسسات الباحثين عن التحوط ضد التضخم والركود.
وأضافت المذكرة: “نرى أن الفضة قد تواصل الصعود على المدى المتوسط، لكننا نتوقع تقلبات أكبر مقارنة بالذهب بسبب ضيق سوقها وضعف السيولة النسبية”. وأكد البنك أن المستثمرين الكبار يفضلون الفضة حاليًا كخيار مزدوج يجمع بين خصائص الاستثمار الصناعي والمعدن النفيس في آن واحد.
الطلب الصناعي والانتقال الطاقي
بعيدًا عن الجانب الاستثماري، يلعب الاستخدام الصناعي دورًا مهمًا في تعزيز الطلب على الفضة، إذ تعتبر عنصرًا رئيسيًا في تصنيع الألواح الشمسية والمكونات الإلكترونية الدقيقة المستخدمة في المركبات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة. ومع استمرار التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، يتوقع الخبراء استمرار الضغط الصعودي على الطلب المادي للفضة.
ووفقًا لتقديرات Bank of America، فإن العجز في سوق الفضة قد يتسع إلى 300 مليون أونصة خلال عام 2026، مدفوعًا بتراجع الإنتاج في أمريكا اللاتينية وزيادة الطلب من الصناعات التحويلية. هذا النقص قد يعزز الأسعار نحو نطاق 55 إلى 60 دولارًا للأونصة خلال العام المقبل إذا استمرت الظروف الحالية.
شح السيولة وزيادة المضاربات
في الوقت نفسه، يشهد السوق موجة قوية من المضاربات، حيث دخلت صناديق التحوط بقوة على مراكز قصيرة الأجل مستفيدة من التقلبات الحادة في الأسعار. ومع قفز العلاوات إلى مستويات تاريخية، يحذر بعض المحللين من أن السوق قد يشهد تصحيحات سريعة في حال تحسن المعروض أو تراجع حدة الطلب الفوري.
لكن رغم ذلك، تشير البيانات إلى أن التدفقات الصافية إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة (ETFs) سجلت أعلى مستوياتها منذ عام 2020، ما يدل على أن المستثمرين يرون في الارتفاع الحالي بداية دورة جديدة وليس ذروة مؤقتة.
البلاتين يستفيد من الزخم
في سياق متصل، ارتفعت أسعار البلاتين بنسبة 3.3% لتصل إلى 1,676.90 دولارًا للأونصة، مستفيدة من موجة التفاؤل العامة في قطاع المعادن الثمينة. ويرى متابعون أن ارتفاع البلاتين والبلاديوم يعكس إعادة تقييم أوسع للأصول الحقيقية في ظل توقعات خفض الفائدة العالمية وتراجع قيمة الدولار الأميركي.
توقعات المدى المتوسط
يرجح محللون أن سعر الفضة سيستمر في الارتفاع خلال الربع الأخير من العام الحالي، مدعومًا بتراجع الدولار وتزايد الطلب الصناعي والاستثماري. ومع ذلك، تبقى الفضة أكثر عرضة للتقلبات المفاجئة مقارنة بالذهب بسبب حجم السوق الأصغر ونقص السيولة في البورصات العالمية.
ويرى بعض الاقتصاديين أن قد تتحول إلى أحد أبرز المؤشرات على انتقال دورة السيولة في الأسواق العالمية من الأسهم إلى السلع، خاصة إذا واصل الذهب تحقيق مستويات قياسية جديدة فوق حاجز 4,000 دولار للأونصة.
الفضة: ملاذ أم فرصة مضاربة؟
يرى المراقبون أن صعود في الوقت الحالي يحمل بعدين متوازيين: فمن جهة، تعتبر ملاذًا آمنًا وسط بيئة نقدية ميسرة ومخاوف التضخم؛ ومن جهة أخرى، تمثل فرصة مضاربة جذابة بسبب نطاق تحركها الواسع وسرعة استجابتها للتدفقات الاستثمارية.
ويؤكد متعاملون في بورصة لندن أن ما زالت في بداية موجة صعود طويلة، خاصة مع ارتفاع الطلب من الأسواق الآسيوية، في حين أن مخزونات لدى البنوك المركزية لا تشكل وزنًا مؤثرًا كما هو الحال في الذهب، ما يجعل السوق أكثر تأثرًا بتغيرات العرض والطلب الفعلية.
تاريخيًا، عندما تتحرك أسعار بسرعة كبيرة توازي الذهب، غالبًا ما يشير ذلك إلى مرحلة “تسعير جديد” في السوق يعكس تبدلًا في توجهات المستثمرين نحو الأصول المادية. ومع استمرار السياسات النقدية التيسيرية حول العالم، يعتقد محللون أن موجة لم تنته بعد، بل قد تشكل عنوان المرحلة المقبلة في أسواق المعادن الثمينة.
ما سبب ارتفاع سعر الفضة إلى مستوى قياسي؟
جاء الارتفاع نتيجة تزايد الطلب الاستثماري بجانب شح الإمدادات المادية، مدعومًا بارتفاع أسعار الذهب وتراجع الدولار الأميركي بعد قرارات الفيدرالي بخفض الفائدة.
هل من المتوقع استمرار ارتفاع الفضة خلال الفترة القادمة؟
نعم، يتوقع محللو البنوك الكبرى استمرار الزخم الصعودي للفضة خلال الربع الأخير من 2025، بدعم من الطلب الصناعي القوي والعجز المتزايد في المعروض.
كيف يختلف سوق الفضة عن سوق الذهب؟
سوق أصغر حجمًا وأقل سيولة، ما يجعله أكثر عرضة للتقلبات، لكنه في المقابل يمنح فرصًا أعلى للمستثمرين الباحثين عن عوائد كبيرة في فترات الصعود.
ما هي المخاطر التي تواجه مستثمري الفضة؟
من أبرز المخاطر: ارتفاع التقلبات، احتمالية التصحيح السريع للأسعار، وتغير سياسات الفائدة المفاجئة التي قد تؤثر على جاذبية المعادن الثمينة.
هل الفضة تعتبر ملاذًا آمنًا مثل الذهب؟
تشترك مع الذهب في خصائص التحوط، لكنها أكثر حساسية للتقلبات وللطلب الصناعي، ما يجعلها مزيجًا بين الملاذ الآمن وأداة الاستثمار الصناعي.






















