ستيفن ميران: لم أخبر ترامب بكيفية التصويت على أسعار الفائدة
في تصريحات تلفزيونية مثيرة للجدل، أكد محافظ الفدرالي الأميركي ستيفن ميران يوم الجمعة 19 سبتمبر/ أيلول 2025 أنه لم يتلقَ أي توجيهات أو ضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن كيفية التصويت على قرار الفائدة الأخير. وقال ميران إنه تحدث مع ترامب بشكل مقتضب لتهنئته على منصبه الجديد، دون أي نقاش يتعلق بالسياسة النقدية أو توجهاته داخل لجنة السوق المفتوحة.
قرار الفائدة الأخير
جاءت هذه التصريحات بعد قرار الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في أول خطوة من نوعها خلال عام 2025. إلا أن ستيفن ميران صوت لصالح خفض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية، في إشارة إلى قناعته بأن الاقتصاد الأميركي يحتاج دعماً نقدياً أقوى لمواجهة التباطؤ العالمي وضغوط التضخم المحدود.
وأوضح ميران في حديثه مع شبكة CNBC أنه اتخذ قراره بناءً على تقديراته الاقتصادية المستقلة، مضيفاً: “لم أتحدث مع ترامب عن كيفية تصويتي، ولم أطلعه على ملاحظاتي ضمن ملخص التوقعات الاقتصادية”.
جدل حول استقلالية الفدرالي
تزايدت التساؤلات في الأوساط الاقتصادية والإعلامية حول مدى استقلالية الفدرالي الأميركي منذ تولي ترامب ولايته الثانية في يناير 2025. فالرئيس الأميركي لم يتردد في توجيه انتقادات علنية لرئيس الفدرالي جيروم باول، واصفاً إياه بـ”المتأخر جداً” في استجابته لاحتياجات الاقتصاد.
وفي الوقت نفسه، أثار ترامب جدلاً واسعاً بمحاولاته إقالة الحاكمة ليزا كوك، إضافة إلى تلميحاته المتكررة بأنه قد يختبر استبدال باول بشخص آخر أكثر استعداداً لتيسير السياسة النقدية. هذه التحركات زادت المخاوف بشأن تسييس قرارات البنك المركزي، وهو ما يعتبره الاقتصاديون تهديداً لاستقرار الأسواق وثقة المستثمرين.
موقف ستيفن ميران
رغم هذا الجدل، وصف ستيفن ميران المخاوف بشأن استقلالية الفدرالي بأنها “سخيفة بعض الشيء”، مؤكداً أن الأعضاء يتخذون قراراتهم بناءً على بيانات اقتصادية وتحليلات موضوعية. وأضاف أن دوره يتمثل في “العمل لصالح الاقتصاد الأميركي ككل، لا لصالح الإدارة أو أي جهة سياسية”.
ويرى ميران أن أسعار الفائدة يجب أن تكون أقل من تقديرات معظم المسؤولين الآخرين، مشيراً إلى أن الاقتصاد الأميركي يواجه تحديات تتطلب تيسيراً نقدياً أكبر، خصوصاً في ظل التباطؤ في بعض القطاعات الحيوية مثل التصنيع والإسكان.
ردود فعل الأسواق
أثارت تصريحات ستيفن ميران اهتمام المستثمرين في الأسواق المالية، حيث ارتفعت توقعات خفض إضافي للفائدة خلال الاجتماعات المقبلة. الدولار الأميركي شهد بعض التذبذب بعد صدور هذه التصريحات، بينما استفاد الذهب من تزايد الرهانات على سياسة نقدية أكثر مرونة، ليواصل التحرك قرب مستوياته القياسية.
في المقابل، أبدت بعض المؤسسات المالية قلقها من أن استمرار الخلافات داخل الفدرالي قد يربك الأسواق. وقال محللون لدى بنك HSBC إن “التباين في مواقف صناع القرار، كما ظهر في تصويت ميران، قد يعزز حالة الضبابية لدى المستثمرين”.
ترامب والضغط العلني
من المعروف أن الضغوط السياسية على الاحتياطي الفدرالي ليست جديدة، لكنها غالباً ما كانت تُمارَس خلف الكواليس في الإدارات السابقة. أما مع ترامب، فقد أصبحت الانتقادات علنية وصريحة، بما في ذلك التهديدات والتلميحات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
هذا النمط غير المسبوق من التدخل العلني يثير قلقاً في أوساط الاقتصاديين والمستثمرين الذين يخشون من أن يؤدي ذلك إلى تقويض مصداقية الفدرالي على المدى الطويل.
تاريخ العلاقة بين الرؤساء والفدرالي
عبر التاريخ، حاولت إدارات أميركية مختلفة التأثير في توجهات السياسة النقدية، لكن الاحتياطي الفدرالي دافع بشدة عن استقلاليته. فحتى خلال أزمات اقتصادية كبرى مثل أزمة 2008، لم يجرؤ أي رئيس على تهديد رئيس الفدرالي علناً كما يفعل ترامب اليوم.
ويؤكد خبراء أن استقلالية الفدرالي عنصر أساسي للحفاظ على ثقة الأسواق العالمية في الاقتصاد الأميركي، إذ يمثل الدولار عملة الاحتياط الأولى في العالم، وأي اهتزاز في ثقة المؤسسات النقدية قد يؤدي إلى اضطرابات واسعة.
التوقعات للمرحلة المقبلة
تشير توقعات الأسواق إلى أن الفدرالي قد يضطر لمزيد من خفض الفائدة خلال الأشهر المقبلة إذا استمرت الضغوط الاقتصادية. ويرى ستيفن ميران أن خفضاً أكبر كان ضرورياً من البداية لتجنب تباطؤ أعمق في النشاط الاقتصادي.
ومع ذلك، تبقى التساؤلات قائمة: هل سيتمكن الفدرالي من اتخاذ قراراته بحرية كاملة بعيداً عن ضغوط البيت الأبيض؟ أم أن السياسة ستفرض نفسها أكثر على المؤسسة النقدية؟
في النهاية، يظل تصريح ستيفن ميران بمثابة رسالة تطمين للأسواق بأن قرارات السياسة النقدية لا تزال تُتخذ بشكل مستقل، رغم كل الجدل المحيط بإدارة ترامب. ومع استمرار حالة عدم اليقين، سيظل المستثمرون يراقبون عن كثب كل كلمة وكل قرار صادر عن الفدرالي في المرحلة المقبلة.
تنويه جولد إيجلز: هذا المقال لأغراض إعلامية فقط، ولا يُعتبر توصية استثمارية. القرارات المالية مسؤولية القارئ وحده.






















