خفض الفائدة الفيدرالي يدعم الأسواق.. والين الياباني ينهار بعد استقالة إيشيبا
شهدت الأسواق العالمية يوم الاثنين حالة من التفاؤل الملحوظ بعد أن أكدت بيانات التوظيف الأميركية الضعيفة التوقعات بشأن خفض وشيك في أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بينما هبط الين الياباني بشكل حاد إثر إعلان استقالة رئيس الوزراء شينغرو إيشيبا، وهو ما فتح الباب أمام موجة جديدة من الغموض السياسي والاقتصادي في ثالث أكبر اقتصاد بالعالم.
الفيدرالي الأميركي في دائرة الضوء
الأنظار تتجه بقوة نحو الفيدرالي الأميركي مع تزايد الرهانات على قرار خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع سبتمبر. البيانات الأخيرة أظهرت أن الاقتصاد الأميركي أضاف وظائف أقل بكثير من المتوقع في أغسطس، وهو ما يعكس تباطؤ سوق العمل ويمنح البنك المركزي الأميركي الذريعة الكاملة للتحرك نحو تيسير السياسة النقدية.
المستثمرون باتوا يراهنون على خفض لا يقل عن 25 نقطة أساس، بينما بدأت بعض التوقعات تتحدث عن إمكانية لجوء الفيدرالي إلى خفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس إذا استمرت الضغوط الاقتصادية في التزايد. بحسب أداة CME FedWatch فإن الأسواق سعّرت بالكامل خطوة الخفض في سبتمبر، مع ترجيح مزيد من التيسير حتى نهاية العام.
انعكاسات مباشرة على الأسهم والسندات
التفاؤل بخفض الفائدة انعكس سريعاً على أسواق الأسهم العالمية، حيث صعدت مؤشرات وول ستريت، وارتفعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 0.19% في التعاملات الآسيوية المبكرة، بينما تقدمت العقود الأوروبية بنحو 0.45%. هذا الارتفاع جاء بعد جلسة متقلبة يوم الجمعة، شهدت تسجيل مستويات قياسية جديدة قبل أن تتراجع المؤشرات بشكل محدود.
على الجانب الآخر، انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لتقترب من أدنى مستوياتها في خمسة أشهر، إذ تراجع العائد على السندات لأجل عامين إلى حدود 3.46%، مما يعكس قناعة الأسواق بأن دورة التشديد النقدي قد انتهت بالفعل.
صدمة في اليابان بعد استقالة إيشيبا
في المقابل، تلقت الأسواق الآسيوية صدمة قوية مع إعلان رئيس الوزراء الياباني شينغرو إيشيبا استقالته بشكل مفاجئ، ما أثار قلقاً واسعاً بشأن استقرار المشهد السياسي في البلاد وتوجهات السياسة النقدية لبنك اليابان. الاستقالة جاءت في وقت حساس للغاية، حيث لا تزال السندات اليابانية طويلة الأجل عند مستويات قريبة من قياسية، بينما تراجع مؤشر نيكاي بعد اقترابه من ذروته التاريخية الشهر الماضي.
المستثمرون يترقبون هوية رئيس الوزراء الجديد، وسط توقعات بأن تتولى السياسية المخضرمة ساناي تاكايتشي زمام الأمور. تاكايتشي معروفة بانتقاداتها الحادة لسياسة رفع الفائدة من جانب بنك اليابان، ما قد يفتح الباب أمام سياسات أكثر تيسيراً مستقبلاً.
هبوط الين الياباني وصعود الأسهم
سجل الين الياباني هبوطاً واسعاً أمام الدولار، حيث تراجع بنسبة 0.6% إلى مستوى 148.39 ين للدولار الواحد. هذا الضعف في العملة جاء في وقت قفز فيه مؤشر نيكاي 1.8% مقترباً من قمته التاريخية الأخيرة، في دلالة على أن الأسواق ترى في تراجع الين فرصة لدعم أرباح الشركات اليابانية المصدرة.
كما ارتفعت مؤشرات الأسهم الآسيوية الأخرى، إذ صعد مؤشر MSCI لآسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.4%، بينما زاد مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ 0.35%، والأسهم الصينية الزرقاء ارتفعت 0.3% في التعاملات المبكرة.
أسواق العملات بين الدولار واليورو والإسترليني
في سوق العملات، شهد الدولار بعض التذبذب بعد أن فقد زخمه أمام اليورو والإسترليني يوم الجمعة، قبل أن يستقر نسبياً في تعاملات الاثنين. اليورو سجل 1.1713 دولار، في حين تماسك الجنيه الإسترليني عند 1.3492 دولار. الترقب يسود قبل تصويت الثقة الحاسم في البرلمان الفرنسي ضد رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، والذي من المتوقع أن يخسره، مما يهدد بإدخال ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في أزمة سياسية جديدة.
الذهب والنفط: ملاذات آمنة تتحرك
رغم الضغوط على الدولار، ظل الذهب متمسكاً بمستوياته التاريخية المرتفعة، حيث سجل 3,588 دولاراً للأوقية، أي أقل بقليل من مستوى 3,600 دولار الذي يعد علامة نفسية هامة للمستثمرين. المعدن الأصفر ارتفع بنحو 37% منذ بداية العام، بعد مكاسب 27% في 2024، ليؤكد مكانته كملاذ آمن في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية العالمية.
في الوقت نفسه، صعدت أسعار النفط مع إعلان تحالف “أوبك+” تقليص وتيرة زيادة الإنتاج اعتباراً من أكتوبر، استجابة لتوقعات تباطؤ الطلب العالمي. خام برنت ارتفع 1.21%، بينما صعد الخام الأميركي الخفيف 1.18%.
الأسواق تترقب البيانات الأميركية
يبقى التركيز الأكبر هذا الأسبوع على بيانات التضخم الأميركية المرتقبة يوم الخميس، والتي ستلعب دوراً محورياً في تحديد حجم خفض الفائدة القادم. في حال جاءت الأرقام أقل من التوقعات، قد يفتح ذلك الباب أمام خفض أعمق بمقدار 50 نقطة أساس، بينما الأرقام القوية قد تدفع الفيدرالي لاكتفاء بخطوة حذرة أصغر.
المحللون يرون أن الاحتياطي الفيدرالي يسعى للحفاظ على التوازن: خفض الفائدة لدعم النمو دون إشعال موجة تضخمية جديدة. ومع ذلك، فإن الأسواق استعدت مسبقاً لمزيد من الخفض خلال الأشهر الستة المقبلة، وهو ما يعزز من شهية المخاطرة ويدفع رؤوس الأموال نحو الأسهم والسلع.
المشهد العالمي حالياً يعكس مزيجاً من التفاؤل والحذر: التفاؤل مدفوع بتوقعات خفض الفائدة الأميركية، والحذر بسبب عدم اليقين السياسي في اليابان وأوروبا. بينما يترقب المستثمرون القادم من قرارات السياسة النقدية، تظل الملاذات الآمنة مثل الذهب والنفط في دائرة الضوء، فيما تسجل الأسهم صعوداً مدعوماً بالتيسير النقدي.
تنويه
موقع “جولد إيجلز” لا يتحمل أي مسؤولية عن القرارات الاستثمارية التي قد تُتخذ بناءً على هذا المحتوى. التداول في الأسواق المالية يحمل مخاطر عالية وقد يؤدي إلى خسارة رأس المال.






















