ترامب يصعّد هجومه على الفيدرالي.. الدولار يتراجع والذهب يقفز
جولد إيجلز – عاجل: شهدت الأسواق العالمية تقلبات حادة مع بداية تعاملات الثلاثاء، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالة عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة وتفتح الباب أمام أزمة جديدة حول استقلالية البنك المركزي الأميركي.
ترامب يطيح بعضوة الفيدرالي
قرار ترامب المفاجئ بإقالة ليزا كوك من مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية، خاصة وأن ولايتها كان من المقرر أن تستمر حتى عام 2038. وجاءت الإقالة بزعم وجود مخالفات في طلبات الرهن العقاري، وهو ما اعتبره مراقبون تصعيداً خطيراً من جانب الرئيس تجاه مؤسسة يُفترض أن تتمتع بالاستقلالية الكاملة.
ترامب نشر رسالة على منصته “تروث سوشيال”، قال فيها إنه وجد أسباباً كافية لإقالة كوك، زاعماً أنها أدلت بتصريحات مضللة في مستندات رسمية. وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من هجمات الرئيس على الفيدرالي ورئيسه جيروم باول، الذي طالما هدده ترامب بالعزل لكنه تراجع مع اقتراب نهاية ولايته في مايو المقبل.
تأثيرات مباشرة على الدولار والسندات
سرعان ما انعكس القرار على الأسواق المالية، إذ تراجع الدولار مقابل اليورو بنسبة 0.1% ليصل إلى مستوى 1.1631 دولار لليورو، بينما ظل مستقراً أمام الين الياباني عند 147.82 ين بعد تقلبات حادة خلال الجلسة. كما انخفض مؤشر الدولار 0.1% بعد مكاسب قوية سجلها في اليوم السابق.
أما على صعيد السندات، فقد ارتفعت عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل بشكل ملحوظ، حيث صعد العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 3.1 نقطة أساس إلى 4.30%، وارتفع العائد على السندات لأجل 30 عاماً بمقدار 4.7 نقاط أساس إلى 4.93%. في المقابل، تراجع العائد على السندات القصيرة الأجل (عامين) بمقدار 1.3 نقطة أساس إلى 3.71%، ما يعكس توقعات متزايدة بخفض الفائدة في سبتمبر.
أسواق الأسهم العالمية تحت الضغط
أجواء التوتر انعكست سريعاً على أسواق الأسهم العالمية. فقد سجلت مؤشرات وول ستريت خسائر طفيفة في جلسة الاثنين، وتبعتها بورصات آسيا بالتراجع، إذ انخفض مؤشر نيكاي الياباني 0.9%، فيما تراجع مؤشر MSCI لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان 0.5%. أما العقود الآجلة الأوروبية، فسارت على نفس النهج، حيث انخفضت عقود يورو ستوكس 50 بنسبة 0.53%، وتراجعت عقود داكس الألماني 0.45%، بينما خسر مؤشر فوتسي البريطاني 0.35%.
الذهب يقفز والنفط يتراجع
في المقابل، وجد المستثمرون ملاذاً آمناً في الذهب، الذي ارتفع 0.2% ليسجل 3,373 دولار للأوقية، بعدما لامس أعلى مستوى له في أسبوعين عند 3,386 دولار. هذا الصعود يعكس القلق المتنامي من تآكل استقلالية الفيدرالي، ما دفع المتعاملين إلى الابتعاد عن الدولار والسندات طويلة الأجل والاتجاه نحو المعدن الأصفر.
أما النفط، فقد تراجع بنحو 0.5% ليصل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 64.48 دولار للبرميل، في ظل مخاوف من أن تؤدي التوترات السياسية والاقتصادية إلى تراجع الطلب العالمي.
هل يسرّع ترامب إعادة تشكيل الفيدرالي؟
يرى محللون أن هذه الخطوة قد تعطي ترامب فرصة أكبر لإعادة تشكيل مجلس الاحتياطي الفيدرالي ولجنة السوق المفتوحة (FOMC) المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة. وفي هذا السياق، قال كريستوفر وونغ، خبير استراتيجي العملات في بنك OCBC: “التحرك يزيد من المخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي، ما يعزز من احتمالات خفض الفائدة ويضغط على الدولار مستقبلاً”.
البنوك الكبرى تتوقع خفض الفائدة
بالتوازي، أبدت مؤسسات مالية عالمية مثل باركليز وبي إن بي باريبا ودويتشه بنك توقعاتها بقيام الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع سبتمبر المقبل. ووفقاً لأداة FedWatch التابعة لمجموعة CME، فإن الأسواق تُسعّر الآن احتمالية خفض الفائدة بنسبة 83%.
العين على بيانات التضخم
رغم ذلك، ما تزال بيانات التضخم القادمة عاملاً حاسماً في رسم مسار السياسة النقدية الأميركية. إذ ينتظر المستثمرون صدور مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي (PCE) يوم الجمعة، والذي يعد المقياس المفضل للفيدرالي لمتابعة التضخم. وكانت بيانات أسعار المنتجين الأخيرة قد جاءت أعلى من المتوقع، ما أثار الشكوك بشأن وتيرة خفض الفائدة.
ترامب يعيد ورقة الرسوم الجمركية
ولم يتوقف التصعيد عند حدود الفيدرالي، بل لوّح ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الدول التي تطبق ضرائب رقمية على الشركات الأميركية، ما يهدد باندلاع جولة جديدة من التوترات التجارية ويضيف ضغوطاً جديدة على الاقتصاد العالمي.
في ظل هذه التطورات المتسارعة، يقف الاقتصاد العالمي أمام مرحلة حرجة، حيث تزداد الشكوك بشأن مستقبل السياسة النقدية الأميركية، وسط تصاعد الخلاف بين الرئيس الأميركي والفيدرالي. وفي الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن ملاذات آمنة مثل الذهب، يظل المشهد مفتوحاً على كافة الاحتمالات بانتظار بيانات التضخم واجتماع سبتمبر.
تنويه: هذا المقال يُنشر لأغراض إعلامية فقط، ولا يمثل بأي حال نصيحة استثمارية. جولد إيجلز غير مسؤولة عن أي قرارات مالية أو استثمارية يتخذها القارئ بناءً على هذا المحتوى.

























