ترامب يحذّر: الولايات المتحدة تواجه شللاً مالياً مع اقتراب الإغلاق الحكومي
واشنطن – جولد إيجلز: في تصريحات مثيرة للجدل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الثلاثاء إن بلاده قد تشهد “شللاً مالياً محتملاً” خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار الخلافات الحادة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الموازنة الفدرالية، محذراً من أن العواقب قد تكون “لا رجعة فيها”.
خلفيات الأزمة السياسية
يأتي تحذير ترامب في وقت يزداد فيه التوتر داخل واشنطن مع اقتراب انتهاء المهلة الدستورية لتمرير الموازنة. فبينما يصرّ الديمقراطيون على تمرير اعتمادات مالية إضافية لبرامج الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية، يرفض الجمهوريون ما يصفونه بـ”الإنفاق المفرط” ويطالبون بخفض جذري للنفقات. هذا الانسداد السياسي يهدد بدفع الحكومة الأميركية إلى إغلاق شامل قد يبدأ مع بداية الشهر المقبل.
ترامب يحمّل الديمقراطيين المسؤولية
أكد ترامب أن “الديمقراطيين يتحملون المسؤولية الكاملة عن تعطيل الموازنة”، مضيفاً أن رفضهم التوصل إلى حلول وسطية سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد الأميركي. واعتبر أن الإغلاق الحكومي الأميركي هذه المرة سيكون مختلفاً عن المرات السابقة، لأن الأسواق تعاني أصلاً من ضغوط التضخم وتباطؤ سوق العمل، فضلاً عن ارتفاع تقييمات الأسهم إلى مستويات قياسية.
انعكاسات محتملة على الأسواق
عادة ما لا تُحدث الإغلاقات الحكومية السابقة تأثيرات طويلة الأمد على الأسواق، غير أن محللين يرون أن الوضع الحالي يحمل أبعاداً مختلفة. فالمستثمرون يواجهون بالفعل مخاوف من ركود تضخمي، وسط تراجع ثقة المستهلكين واستمرار الضبابية بشأن مسار أسعار الفائدة. وأي تعطيل طويل قد يدفع وكالات التصنيف الائتماني مثل موديز وستاندرد آند بورز إلى مراجعة تصنيف الديون الأميركية مجدداً.
الذهب كملاذ آمن
في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات، يراقب المستثمرون عن كثب أسعار الذهب، الذي ارتفع مؤخراً إلى مستويات قياسية فوق 3800 دولار للأونصة. ويتوقع خبراء أن يؤدي أي إغلاق حكومي أميركي إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، في حين قد يتعرض الدولار الأميركي لضغوط إضافية مقابل سلة من العملات الرئيسية.
تصريحات من الكونغرس
رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون قال لشبكة CNBC إنه “متشكك” في إمكانية التوصل إلى تسوية قبل منتصف الليل، ملقياً باللوم على زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ الديمقراطي تشاك شومر وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز. بالمقابل، صرّح جيفريز بأن “القرار في أيدي الجمهوريين”، مؤكداً أن الحزب الجمهوري هو من سيتحمّل تبعات الإغلاق إذا حدث.
تأثير مباشر على البيانات الاقتصادية
وزارة العمل الأميركية أعلنت في وقت سابق أن تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر قد لا يتم نشره إذا أُغلقت الحكومة، وهو ما يضيف طبقة جديدة من الضبابية. يُذكر أن هذا التقرير يعد من أهم المؤشرات التي يعتمد عليها مجلس الاحتياطي الفدرالي في تحديد توجهاته المقبلة بشأن السياسة النقدية.
قلق متزايد من قرارات الفدرالي
من المنتظر أن يعقد الفدرالي اجتماعه المقبل الشهر القادم وسط انقسام حاد حول ما إذا كان سيواصل سياسة التيسير النقدي عبر خفض أسعار الفائدة أم سيبقيها ثابتة لمواجهة التضخم. غياب بيانات رئيسية مثل تقرير الوظائف قد يضعف قدرة البنك المركزي على اتخاذ قرارات دقيقة، ويزيد من تقلبات الأسواق المالية.
البيت الأبيض يدخل على الخط
البيت الأبيض بدوره حذّر من أن الإغلاق المحتمل قد يؤدي إلى تسريحات جماعية في قطاعات متعددة، تشمل موظفي الوكالات الفدرالية والبرامج الخدمية، وهو ما قد يرفع معدل البطالة ويضغط على الاقتصاد الأميركي بشكل أكبر.
ردود فعل الأسواق العالمية
لم تقتصر التداعيات على الولايات المتحدة وحدها، إذ أبدت أسواق الأسهم الأوروبية والآسيوية حالة من الحذر مع ارتفاع احتمالات الإغلاق. كما تراجعت أسعار النفط وسط مخاوف من تراجع الطلب العالمي، بينما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى مستويات حرجة تعكس قلق المستثمرين.
تحليل اقتصادي معمّق
يرى خبراء الاقتصاد أن استمرار الأزمة قد يدفع المستثمرين العالميين إلى إعادة النظر في مكانة الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم وكمركز مالي مستقر. كما أن أي خفض إضافي في التصنيف الائتماني الأميركي قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض على الحكومة والشركات الأميركية، وهو ما يعمّق مخاطر الركود.
من جانب آخر، يزداد الضغط على العملة الأميركية التي تواجه بالفعل منافسة متنامية من اليوان الصيني واليورو كعملات بديلة في التجارة الدولية. وإذا استمر الجمود السياسي، فقد تتسارع الجهود الدولية لتقليص الاعتماد على الدولار في تسويات التجارة والطاقة.
يبدو أن الولايات المتحدة تدخل مرحلة حرجة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي مع اقتراب شبح الإغلاق الحكومي. تصريحات ترامب ترامب زادت من حدة المخاوف، فيما الأسواق العالمية تترقب التطورات لحظة بلحظة. وبينما يبقى الحل السياسي مرهوناً بتنازلات متبادلة بين الحزبين، فإن انعكاسات الأزمة قد تتجاوز حدود واشنطن لتصيب الاقتصاد العالمي برمته.
تنويه: موقع جولد إيجلز لا يتحمّل مسؤولية أي قرارات استثمارية ناتجة عن هذا المقال، والمعلومات الواردة هي لأغراض إخبارية وتحليلية فقط.






















