ترامب والفيدرالي: هل تقترب لحظة المواجهة؟ الرئيس الأمريكي يلمح إلى استبدال باول وسط تصاعد الخلافات حول السياسة النقدية
في تطور جديد يعكس استمرار التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي، أفادت تقارير إعلامية موثوقة أن ترامب يدرس جديًا استبدال جيروم باول، رئيس الفيدرالي الحالي، في خطوة قد تفتح الباب أمام موجة من الاضطراب في الأسواق المالية الأمريكية والعالمية على حد سواء.
وتتزامن هذه الأخبار مع تصاعد الخلاف بين البيت الأبيض والبنك المركزي بشأن مستقبل أسعار الفائدة والسياسات النقدية، وسط ضغوط اقتصادية وسياسية معقدة على الساحة الأمريكية والدولية.
خلفية الصراع: مسار طويل من الخلافات
منذ بداية ولايته، لم يُخفِ ترامب استياءه من السياسات الحذرة التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وخصوصًا النهج الذي يتبناه باول، والذي يقوم على التريث في اتخاذ قرارات خفض أسعار الفائدة، والتركيز على البيانات الاقتصادية قبل التحرك.
ويرى ترامب أن هذا التردد في خفض الفائدة يُضعف الاقتصاد الأمريكي، ويكبّد الحكومة مليارات الدولارات سنويًا في مدفوعات الفوائد على الدين العام، كما يضع الولايات المتحدة في موقف تنافسي ضعيف مقارنة ببنوك مركزية أخرى تتبنى سياسات تيسيرية أكثر جرأة، مثل المركزي الأوروبي وبنك اليابان.
تصريحات ترامب تثير الجدل مجددًا
في تصريحات صحفية أدلى بها يوم الأربعاء، ألمح ترامب إلى أن لديه قائمة مختصرة من 3 إلى 4 أسماء مرشحين محتملين لخلافة باول، وأضاف أن الإعلان الرسمي قد يتم في سبتمبر أو حتى في وقت مبكر خلال الصيف الجاري.
وقد نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة أن الرئيس “منزعج للغاية” من أداء باول، لدرجة أنه يفكر بجدية في استبداله قبل انتهاء ولايته الرسمية، في خطوة ستكون غير مسبوقة منذ عقود في تاريخ الفيدرالي الأمريكي.
هل يمكن لترامب عزل باول قانونيًا؟
سؤال يطرحه الكثيرون الآن: هل يملك الرئيس الأمريكي صلاحية عزل رئيس الفيدرالي؟ من الناحية القانونية، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي يتم تعيينه لمدة أربع سنوات، ويمكن عزله فقط “لأسباب وجيهة”، مثل الفساد أو العجز.
لكن الدستور لا يوضح بدقة ما إذا كان “الخلاف في الرؤية الاقتصادية” يشكل سببًا وجيهًا، مما يفتح الباب أمام سيناريو قانوني معقد قد يُدخل البلاد في نزاع مؤسسي بين السلطتين التنفيذية والنقدية.
ردود أفعال الأسواق والكونغرس
حتى الآن، لم يصدر رد رسمي من باول أو من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن هذه التصريحات. إلا أن الأسواق تفاعلت بحذر، حيث شهد الدولار الأمريكي بعض التراجع، بينما ارتفع الذهب بشكل طفيف كتحوط ضد حالة عدم اليقين.
في الكونغرس، عبّر بعض النواب عن قلقهم من تدخّل سياسي مباشر في عمل مؤسسة مستقلة مثل الفيدرالي، محذرين من أن عزل باول قد يُفقد الأسواق ثقتها في حيادية السياسة النقدية، ويؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم والفائدة على السندات الحكومية.
خلفيات اقتصادية: الفيدرالي تحت الضغط
تأتي هذه التطورات في وقت دقيق للغاية، حيث يواجه الفيدرالي تحديات متعددة، أبرزها:
- تصاعد التوترات التجارية العالمية وتداعيات الرسوم الجمركية.
- تباطؤ نسبي في بعض مؤشرات النمو الأمريكي.
- مخاوف متزايدة من أن تؤدي سياسات ترامب التجارية إلى موجة تضخمية جديدة.
وقد أكد باول، في شهادته الأخيرة أمام الكونغرس، أن الفيدرالي يتبنى سياسة “انتظار وترقّب”، موضحًا أنه من السابق لأوانه التحرك دون تقييم التأثير الكامل للسياسات الجمركية الجديدة.
ماذا يعني استبدال باول للأسواق؟
إذا مضى ترامب فعلًا في استبدال باول، فإن الأسواق قد تشهد:
- موجة بيعية فورية في الأسهم والسندات.
- ارتفاعًا في الذهب والدولار كملاجئ آمنة.
- زيادة في تقلبات الأسواق العالمية، خصوصًا في الأسواق الناشئة.
- تشكيكًا في استقلالية الفيدرالي، وهو ما قد يُضعف من ثقة المستثمرين الدوليين.
وفي المقابل، إذا اختار ترامب شخصية موالية له ذات توجه تيسيري قوي، فقد يؤدي ذلك إلى:
- خفض سريع للفائدة.
- تحفيز للأسواق على المدى القصير.
- لكن… خطر ارتفاع التضخم وفقدان السيطرة على السياسة النقدية في الأجل الطويل.
ترامب والفيدرالي… معركة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية
العلاقة المتوترة بين ترامب وباول تعكس صراعًا أعمق حول من يتحكم في مستقبل الاقتصاد الأمريكي. فبينما يرى ترامب أن “النمو بأي ثمن” هو السبيل للفوز السياسي والاقتصادي، يتمسّك الفيدرالي بالتحليل العقلاني والبيانات قبل اتخاذ أي قرارات مؤثرة.
هذه المعركة ليست فقط على سلطة القرار الاقتصادي، بل على شكل النظام المالي الأمريكي ككل، واحترام المؤسسات المستقلة، والثقة التي بنتها الولايات المتحدة عبر عقود في التزامها بالحكم الرشيد.
الأسهم الأمريكية اليوم تواصل الصعود






















