تراجع اليورو والين لليوم الثالث مقابل الدولار الأمريكي وسط اضطرابات سياسية
تواصل العملتان الأوروبية واليابانية اليورو والين خسائرهما أمام الدولار الأمريكي لليوم الثالث على التوالي، مع تصاعد القلق السياسي في فرنسا وتزايد التوقعات بتوسّع الإنفاق المالي في اليابان، ما دفع المستثمرين إلى التمسك بالعملة الأمريكية كملاذ آمن في مواجهة التوترات العالمية.
اضطرابات فرنسا تضغط على اليورو
تعرّض اليورو لضغوط متزايدة خلال تعاملات اليوم الأربعاء، متراجعًا إلى أدنى مستوى له منذ شهر ونصف عند 1.1607 دولار، بعدما أثارت الأزمات السياسية المتلاحقة في فرنسا مخاوف الأسواق بشأن مستقبل الإصلاحات المالية في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو.
وأشارت التقارير إلى أنّ الحكومة الفرنسية تواجه ضغوطًا متزايدة من بروكسل لتقليص عجز الموازنة والدين العام، بينما يثير الحديث عن انتخابات مبكرة احتمال صعود التيارات الشعبوية، ما قد يُربك خطط الإصلاح المالي ويُضعف الثقة في العملة الأوروبية الموحدة.
ويرى محللون أنّ الأزمة السياسية المتصاعدة في باريس ترفع تكلفة الاقتراض الحكومي وتزيد من علاوة المخاطر على السندات الفرنسية، وهو ما ينعكس مباشرة على أداء اليورو مقابل الدولار الأمريكي.
الين الياباني يتراجع مع التوجه نحو سياسات توسعية
في المقابل، واصل الين الياباني هبوطه ليصل إلى أدنى مستوياته منذ منتصف فبراير شباط عند 152.46 ينًا للدولار، وسط مخاوف من أن تؤدي السياسات الاقتصادية الجديدة في طوكيو إلى زيادة الإنفاق الحكومي.
وجاء هذا التراجع بعدما فاجأت تامايو تاكائيتشي الأسواق بفوزها برئاسة الحزب الحاكم لتصبح رئيسة الوزراء الجديدة لليابان، إذ يُنظر إليها على أنها الوريثة السياسية للراحل شينزو آبي، ما يعزز التوقعات بعودة سياسات التحفيز النقدي والمالي واسعة النطاق.
ويرى المحللون أن أي زيادة في الإنفاق الحكومي دون ضبط نقدي من بنك اليابان قد تؤدي إلى مزيد من ضعف الين، خاصة مع استمرار الاحتفاظ بعوائد منخفضة للغاية للسندات اليابانية.
الدولار الأمريكي يستفيد من الطلب الآمن
على الجانب الآخر، تلقى الدولار الأمريكي دعمًا قويًا من موجة الطلب على الأصول الآمنة، إذ ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.30% ليصل إلى 98.91، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل أغسطس، مع تصاعد المخاوف من استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية.
وأشارت بيانات موقع Polymarket إلى أن احتمالات إنهاء الإغلاق الحكومي خلال الأسبوع المقبل لا تتجاوز 26%، ما يعزز المخاوف من تعطل الأنشطة الفيدرالية ويدفع المستثمرين نحو العملة الخضراء.
كما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة جماعية للموظفين الفيدراليين في حال استمرار الجمود في الكونغرس، وهو ما زاد من حالة القلق في الأسواق ودعم الدولار باعتباره الملاذ الأكثر أمانًا في الوقت الحالي.
الذهب يحقق قفزة تاريخية
في سياق موازٍ، دفعت الأزمة السياسية في واشنطن ومعنويات القلق العالمية أسعار الذهب إلى تجاوز 4000 دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ، إذ ارتفع المعدن النفيس بنسبة 1.37% مدعومًا بتراجع العائدات الحقيقية على السندات الأمريكية.
ويقول خبراء الأسواق إن الارتفاع القياسي في الذهب يعكس حالة التشاؤم المتنامية في الأسواق المالية العالمية، بالتزامن مع استمرار الضبابية بشأن السياسات المالية والنقدية في أكبر اقتصادات العالم.
موقف الاحتياطي الفيدرالي تحت المجهر
ورغم ارتفاع الدولار، فإن الأنظار لا تزال تتجه إلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وسط تساؤلات حول مدى استعداده لمواصلة خفض أسعار الفائدة. وتشير التوقعات الحالية إلى أن الأسواق تسعّر نحو 110 نقطة أساس من الخفض بحلول نهاية 2026، مع احتمال بنسبة 92% لخفض جديد بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر.
لكن جيف شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، قال يوم الاثنين إنه “غير ميّال إلى مزيد من الخفض”، مشيرًا إلى أن الأسواق لا تزال متماسكة، وأن السياسة النقدية ليست مقيدة بشكل مفرط.
تصريحات ماكواري: الدولار لم يفقد بريقه بعد
قال تييري ويزمان، كبير استراتيجيي الفوركس في مجموعة ماكواري، إن الظروف الحالية لا تدعم فكرة أن السياسة النقدية الأمريكية مقيّدة بشكل مفرط، مضيفًا أن “مستويات الأسهم المرتفعة وأسعار الذهب القوية والفوارق الضيقة في سندات الشركات تشير إلى بيئة مالية فضفاضة نسبيًا”.
نظرة تحليلية: مخاطر مزدوجة لليورو والين
يرى محللون في بنك رابوبنك الهولندي أن العملتين الأوروبية واليابانية تواجهان ضغوطًا هيكلية مزدوجة: الأولى ناجمة عن الأوضاع السياسية المحلية، والثانية عن الفارق الواسع في أسعار الفائدة مع الولايات المتحدة.
وقالت جين فولي، كبيرة استراتيجيي العملات في البنك، إن “الدولار الأمريكي لا يزال يتمتع بدعم قوي على المدى القصير، إذ إن الأسواق سعّرت بالفعل قدراً كبيراً من التيسير المتوقع من الفدرالي، فيما تظل التوترات الجيوسياسية دافعًا إضافيًا لعمليات الشراء الوقائية للدولار”.
الأسواق تترقب كلمة رئيس الوزراء الفرنسي
ومن المنتظر أن يُلقي رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو خطابًا أمام البرلمان اليوم الأربعاء، في محاولة لطمأنة المستثمرين بشأن التزام باريس بضبط الموازنة العامة. لكن المراقبين يحذرون من أن أي إشارات لتوسيع الإنفاق قد تؤدي إلى تفاقم التوتر في الأسواق وتراجع إضافي لليورو.
الين عند مفترق طرق مع سياسة الحكومة الجديدة
في اليابان، يرى المحللون أن حكومة تاكائيتشي ستسعى إلى تحفيز النمو من خلال الإنفاق العام والمشروعات الكبرى، لكن ذلك قد يضعف العملة المحلية أكثر إذا لم يقابله تشديد نقدي من بنك اليابان.
وقال جوزيف كابورسو، رئيس أبحاث الفوركس في بنك الكومنولث الأسترالي، إن “الين قد يواصل الانخفاض إلى ما دون 157 ينًا مقابل الدولار خلال الأسابيع المقبلة إذا استمر هذا الاتجاه في السياسة المالية”.
خسائر حادة للدولار النيوزيلندي واليوان الصيني
تراجع الدولار النيوزيلندي بأكثر من 1% إلى 0.5739 دولارًا بعد أن فاجأ بنك الاحتياطي النيوزيلندي الأسواق بخفض كبير في أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي المتباطئ.
أما اليوان الصيني فقد تراجع بشكل طفيف إلى 7.1506 يوان للدولار، متأثرًا بتباطؤ الطلب الخارجي وتزايد القلق من ضعف الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين.
الدولار يفرض هيمنته وسط اضطرابات عالمية
مع استمرار الاضطرابات السياسية في أوروبا وآسيا وتزايد الشكوك بشأن مستقبل السياسات النقدية، يبدو أن الدولار الأمريكي يستعيد موقعه كعملة عالمية مفضلة في فترات الأزمات، في حين يظل الذهب الوجهة الأكثر أمانًا لحفظ القيمة وسط هذه العاصفة الاقتصادية.
ويرجّح المحللون أن يواصل الدولار مكاسبه على المدى القصير، لكنهم يحذرون من أن أي تهديد لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي أو صدام سياسي جديد في واشنطن قد يقلب موازين السوق بسرعة.
ما سبب تراجع اليورو والين مقابل الدولار الأمريكي؟
يعود التراجع إلى مزيج من الاضطرابات السياسية في فرنسا، والتوقعات بتوسّع الإنفاق الحكومي في اليابان، ما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الدولار كملاذ آمن.
هل يمكن أن يستمر ارتفاع الدولار الأمريكي؟
يرى محللون أن الدولار سيبقى مدعومًا طالما استمرت حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، خاصة مع ارتفاع توقعات الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة.
كيف تؤثر الأزمة الفرنسية على اليورو؟
الأزمة تهدد بزيادة عجز الموازنة ورفع كلفة الاقتراض الفرنسي، ما يضعف الثقة في اليورو ويزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي.
ما علاقة فوز رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة بضعف الين؟
فوز تامايو تاكائيتشي يعزز التوقعات بعودة السياسات التوسعية التي كان يتبناها شينزو آبي، ما يضعف الين نتيجة زيادة الإنفاق وضعف العائدات المحلية.
هل يمثل الذهب بديلًا استثماريًا في ظل قوة الدولار؟
نعم، رغم ارتفاع الدولار، يظل الذهب وجهة مفضلة للمستثمرين الباحثين عن الأمان، خاصة مع تجاوز الأسعار حاجز 4000 دولار للأونصة لأول مرة.
إخلاء مسؤولية: هذا المقال لا يحتوي على أي توصيات استثمارية، وإنما يقدم تحليلاً خبريًا يعتمد على مصادر موثوقة. مجموعة Gold Eagles غير مسؤولة عن أي قرارات استثمارية يتم اتخاذها بناءً على هذا المحتوى.






















