تراجع العقود الآجلة للأسهم الأميركية بعد إقالة ترامب لعضوة الفيدرالي كوك ومخاوف استقلالية البنك المركزي
تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية صباح الثلاثاء، بعدما أحدث قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإقالة عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك صدمة قوية في الأسواق. وأثار القرار موجة قلق واسعة بين المستثمرين بشأن مستقبل استقلالية الفيدرالي، الذي يُعدّ أحد الركائز الأساسية لاستقرار الاقتصاد الأميركي. وبينما انعكس هذا القرار على أداء المؤشرات والعقود الآجلة، تحولت الأنظار أيضًا إلى أرباح إنفيديا المنتظرة والبيانات الاقتصادية التي قد تعطي إشارات أوضح حول المسار القادم للسياسة النقدية.
ضغوط حادة على العقود الآجلة والمؤشرات
بحلول الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش، سجلت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي خسائر بحوالي 70 نقطة أو ما يعادل 0.2%، بينما انخفض مؤشر S&P 500 بنحو 6 نقاط أو 0.1%. كما تراجعت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 بما يقرب من 19 نقطة أو 0.1%.
جاء هذا الأداء السلبي بعد جلسة الاثنين التي شهدت خسائر واضحة للمؤشرات الأميركية، إذ هبط داو جونز بنسبة 0.8%، وتراجع S&P 500 بنسبة 0.4%، بينما خسر مؤشر ناسداك المركب 0.2%. وتُظهر هذه الأرقام أن الأسواق لم تستطع الحفاظ على الزخم الإيجابي الذي حققته في نهاية الأسبوع الماضي، بل عادت سريعًا إلى وضع الحذر والترقب.
إقالة ليزا كوك وتصاعد المخاوف بشأن الفيدرالي
في خطوة مفاجئة، أعلن ترامب عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي إقالة ليزا كوك من مجلس محافظي الفيدرالي بشكل فوري. وربط القرار باتهامات تتعلق بملف “احتيال عقاري” كانت قد أثيرت مطلع أغسطس، وهو ما اعتبره مبررًا لـ”عزلها من منصبها”.
كوك نفت هذه المزاعم جملة وتفصيلًا، مؤكدة أنها لن تخضع لضغوط سياسية. غير أن هذه الخطوة تمثل حلقة جديدة في سلسلة محاولات ترامب للتأثير على قرارات الفيدرالي، بعد مساعٍ سابقة لإقالة رئيسه جيروم باول الذي رفض تنفيذ دعوات الرئيس لخفض أسعار الفائدة بشكل فوري.
ويخشى المستثمرون أن يؤدي هذا التدخل المباشر في عمل الفيدرالي إلى تآكل مصداقية السياسة النقدية الأميركية، خصوصًا أن البنك المركزي الأميركي يُعتبر مؤسسة مستقلة تاريخيًا، بعيدة عن الضغوط السياسية، ويمثل حجر الزاوية في الحفاظ على الثقة بالاقتصاد الأميركي.
البيانات الاقتصادية المرتقبة
بالتوازي مع هذه التطورات السياسية، يترقب المستثمرون صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية التي قد تحدد اتجاه الأسواق في الأيام المقبلة. وتشمل هذه البيانات:
- طلبات السلع المعمرة لشهر يوليو، والتي يُتوقع أن تُظهر انكماشًا.
- ثقة المستهلك التي لا تزال عند مستويات ضعيفة نسبيًا بسبب الضبابية الاقتصادية.
- مؤشر أسعار المنازل “كيس شيلر” الذي يعكس اتجاهات سوق العقارات.
- مؤشر التصنيع الفيدرالي – ريتشموند كمقياس لنشاط القطاع الصناعي.
كما يترقب المستثمرون الخميس صدور القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، إلى جانب بيانات طلبات إعانة البطالة. ويتوقع خبراء HSBC تعديل معدل النمو إلى 3.2% مقارنة بالتقدير الأولي البالغ 3.0%.
أرباح إنفيديا تترقب الأنظار
تظل شركة إنفيديا في بؤرة الاهتمام، حيث ينتظر المستثمرون نتائجها الفصلية الأربعاء. وتشير التقديرات إلى ارتفاع أرباح السهم بنسبة 48% لتصل إلى مستويات قياسية، مع إيرادات متوقعة عند 45.9 مليار دولار.
إنفيديا، باعتبارها رائدة في قطاع الذكاء الاصطناعي، تمثل مؤشرًا حساسًا لمعنويات السوق تجاه مستقبل هذا القطاع. وتأتي نتائجها في وقت شهدت فيه أسهم التكنولوجيا عمليات بيع قوية الأسبوع الماضي، بسبب المخاوف من المبالغة في تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي. وبالتالي فإن نتائج إنفيديا ستكون بمثابة اختبار لمدى استمرار الحماس تجاه هذا القطاع أو انحساره.
تذبذب أسواق الطاقة والملاذات الآمنة
في أسواق الطاقة، سجلت أسعار النفط تراجعًا بعد ارتفاع قوي يوم الاثنين. فقد انخفض خام برنت بنسبة 1.5% إلى 67.22 دولار للبرميل، بينما هبط خام غرب تكساس الوسيط 1.6% إلى 63.74 دولار. يأتي هذا التراجع مع استمرار المخاوف من تداعيات الصراع الروسي-الأوكراني، بعد أن استهدفت أوكرانيا بنية تحتية للطاقة الروسية، ما زاد الترقب لاحتمال فرض عقوبات أميركية جديدة على النفط الروسي.
أما الذهب، فقد ارتفع بدعم من مخاوف استقلالية الفيدرالي، حيث صعد بنسبة 0.2% إلى 3,373 دولارًا للأوقية، محققًا أعلى مستوى له في أسبوعين. كما ارتفعت عقود ديسمبر الآجلة 0.1% لتسجل 3,419 دولارًا. ويعكس هذا الأداء تنامي الطلب على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية.
تجد الأسواق الأميركية نفسها أمام مزيج معقد من الضغوط السياسية والاقتصادية. فقرار ترامب بإقالة ليزا كوك فجّر مخاوف من تقويض استقلالية الفيدرالي، في وقت حساس تتزايد فيه رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة. وفي موازاة ذلك، يتطلع المستثمرون إلى بيانات اقتصادية قد تحدد شكل السياسة النقدية القادمة، فيما يبقى الذهب المستفيد الأكبر من حالة القلق السائدة.
لماذا أثرت إقالة ليزا كوك على الأسواق الأميركية؟
إقالة كوك أثارت مخاوف من تدخل سياسي مباشر في عمل الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما اعتُبر تهديدًا لاستقلالية البنك المركزي، وبالتالي لمصداقية السياسة النقدية الأميركية.
هل يمكن أن تؤدي هذه الأحداث إلى خفض أسعار الفائدة؟
رغم الضغوط السياسية، يظل قرار خفض الفائدة مرتبطًا بالبيانات الاقتصادية. تصريحات باول الأخيرة في جاكسون هول رفعت التوقعات بخفض محتمل في سبتمبر، لكن أي تدخل سياسي قد يعقد المشهد.
لماذا تترقب الأسواق نتائج إنفيديا بهذا القدر من الاهتمام؟
إنفيديا أصبحت رمزًا لصعود الذكاء الاصطناعي، وأداؤها المالي يُعد مؤشرًا على مستقبل القطاع. أي نتائج تفوق أو تقل عن التوقعات قد تؤدي إلى تقلبات قوية في أسواق التكنولوجيا.
ما الذي يدعم ارتفاع أسعار الذهب حاليًا؟
زيادة القلق من التدخل السياسي في الفيدرالي، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا، عززت الإقبال على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا، ما دفعه إلى أعلى مستوى في أسبوعين.
تنويه: هذا المقال لأغراض التغطية الإخبارية فقط ولا يمثل توصية استثمارية. جميع الحقوق محفوظة لشركة “جولد إيجلز”.

























