تراجع الدولار الأمريكي بعد تليين ترامب لهجته بشأن الحرب التجارية مع الصين
شهد الدولار الأمريكي تراجعًا في تعاملات اليوم الاثنين، بعد أن خفّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته تجاه الصين، مهدئًا المخاوف التي أثارتها تصريحاته السابقة حول فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. هذا التراجع جاء وسط ترقّب المستثمرين لتطورات المشهد التجاري والسياسي بين أكبر اقتصادين في العالم.
الأسواق تلتقط أنفاسها بعد تصعيد ترامب ثم تراجعه
في نهاية الأسبوع الماضي، كان الدولار الأمريكي قد تعرّض لضغوط شديدة بعد إعلان ترامب المفاجئ عن حزمة رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، وهو ما أدى إلى اضطراب الأسواق وتراجع الأسهم والعملات الرقمية، في حين اندفع المستثمرون نحو الذهب كملاذ آمن.
لكنّ تصريحات ترامب اللاحقة عبر منصته “تروث سوشيال”، والتي دعا فيها إلى التهدئة قائلاً: “لا تقلقوا بشأن الصين، الأمور ستكون بخير!”، خففت حدة المخاوف، وأعطت دفعة طفيفة للأسواق الآسيوية، رغم استمرار حالة الترقب والحذر.
الدولار الأمريكي تحت ضغط المؤشرات السياسية والاقتصادية
انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء الدولار الأمريكي مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.1% ليستقر عند مستوى 98.90 نقطة. ورغم التراجع الطفيف، فإن المؤشر ما زال يتحرك في نطاق واسع يعكس حالة عدم اليقين التي تسيطر على المستثمرين منذ بداية أكتوبر.
وفي المقابل، استقر اليورو عند مستوى 1.1622 دولار، متأثرًا بالأحداث السياسية في فرنسا، بعد إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون تشكيل حكومة جديدة برئاسة سيباستيان لوكورنو، فيما واصل الجنيه الإسترليني ارتفاعه الطفيف مسجلاً 1.3347 دولار.
الين الياباني واليوان الصيني بين الاضطراب والتحسن النسبي
أمام الين الياباني، ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 0.5% إلى 151.89 ين، في ظل الإجازة الرسمية في اليابان بمناسبة “يوم الصحة والرياضة”، ما قلّل من السيولة في السوق الآسيوية. كما يتابع المستثمرون عن كثب التطورات السياسية في طوكيو بعد انسحاب حزب “كوميتو” من الائتلاف الحاكم، الأمر الذي قد يعقد المشهد السياسي أمام زعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي الجديدة ساناي تاكائتشي.
أما في الصين، فقد ارتفع اليوان في التداولات الخارجية بنسبة 0.2% ليصل إلى 7.13 مقابل الدولار الأمريكي، مدعومًا بتحسّن بيانات الصادرات الصينية خلال سبتمبر، والتي أظهرت نموًا فاق التوقعات، مما عزز الثقة في الاقتصاد الآسيوي الأكبر.
الذهب يتألق مجددًا مع ضعف الدولار الأمريكي
استفاد الذهب من تراجع الدولار الأمريكي، مسجلاً قفزة جديدة فوق مستوى 4068 دولارًا للأونصة، وهو أعلى مستوى تاريخي له حتى الآن. ويُرجع المحللون هذا الأداء القوي إلى استمرار الطلب على الملاذات الآمنة، وسط توترات تجارية وسياسية متزايدة بين واشنطن وبكين.
ويقول محللون في بنك “كومنويلث” الأسترالي إن الأسواق تتفاعل بسرعة مع التغير في لهجة ترامب، فبينما يخشى المستثمرون من التصعيد، فإن أي تلميح إلى التهدئة ينعكس فورًا على حركة الدولار الأمريكي والذهب والعملات الآسيوية.
العملات الرقمية تتذبذب وسط حالة عدم اليقين
تراجعت عملة البيتكوين بنسبة 0.2% لتسجل نحو 114,849 دولارًا، بعد أن فقدت أكثر من 5% من قيمتها يوم الجمعة الماضي مع تصاعد التوتر التجاري. وبالرغم من بعض محاولات التعافي، فإن المضاربين يفضلون انتظار استقرار الموقف قبل العودة بقوة إلى السوق الرقمية.
الأسواق تنتظر الخطوة التالية في الحرب التجارية
يرى محللون في سنغافورة أن رد الصين على الخطوة الأمريكية الأخيرة سيكون العامل الحاسم في تحديد اتجاه الدولار الأمريكي خلال الأيام القادمة. فبينما تحاول واشنطن فرض ضغوط تجارية جديدة، تميل بكين إلى الرد الاقتصادي المدروس لتجنّب مواجهة مفتوحة قد تؤثر على صادراتها.
ويقول فاسو مينون، المدير التنفيذي للاستراتيجيات في بنك “أو سي بي سي” في سنغافورة: “الولايات المتحدة والصين تدركان جيدًا أنه لا يمكنهما تصعيد التوترات إلى حد الخطر، خاصة بعد التقدم الذي تحقق في المفاوضات التجارية خلال الأشهر الأخيرة”.
توقعات المدى القصير: تذبذب حذر في مسار الدولار الأمريكي
يتوقع المتعاملون أن يظل الدولار الأمريكي في نطاق متذبذب خلال الأيام المقبلة، متأثرًا بتصريحات البيت الأبيض والمستجدات في العلاقات الأمريكية الصينية. كما أن العطلة الأمريكية بمناسبة يوم كولومبوس قد تقلّل من حجم التداولات مؤقتًا.
وفي حال استمرار نبرة التهدئة من جانب واشنطن، قد يشهد الدولار بعض التعافي، إلا أن أي مؤشرات جديدة على تصعيد الرسوم الجمركية أو فرض قيود إضافية على التكنولوجيا الصينية قد تُعيد الضغوط مجددًا على العملة الأمريكية.
نظرة المحللين للمستقبل
يعتقد محللون اقتصاديون أن المرحلة المقبلة ستشهد اختبارات حقيقية لقوة الدولار الأمريكي، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة من العملات الآسيوية والارتفاع القياسي للذهب. كما أن تحركات الفيدرالي الأمريكي المستقبلية بشأن الفائدة ستلعب دورًا محوريًا في تحديد الاتجاه القادم.
ويرى الخبراء أن المستثمرين باتوا أكثر حساسية تجاه الخطاب السياسي من واشنطن، إذ لم تعد البيانات الاقتصادية وحدها هي المحرك الرئيسي للأسواق، بل أيضًا اللغة التي يستخدمها صناع القرار في التعامل مع القضايا التجارية والجيوسياسية.
في المجمل، يبدو أن الدولار الأمريكي دخل مرحلة من التذبذب الدقيق بين التهدئة والتصعيد، حيث تحاول الأسواق الموازنة بين احتمالات الحرب التجارية وبين رسائل الطمأنة القادمة من البيت الأبيض. وحتى تتضح الرؤية بالكامل، ستبقى العملة الأمريكية خاضعة لموجات من التفاعل السريع مع كل تصريح جديد يصدر من واشنطن أو بكين.
لماذا تراجع الدولار الأمريكي في الأسواق الأخيرة؟
تراجع الدولار الأمريكي نتيجة تخفيف الرئيس ترامب لهجته تجاه الصين بعد إعلان رسوم جمركية بنسبة 100%، ما أعاد بعض التفاؤل بشأن احتمالات تهدئة الحرب التجارية.
كيف أثّر تراجع الدولار الأمريكي على الذهب؟
ساهم ضعف الدولار الأمريكي في ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 4060 دولارًا للأونصة، مع زيادة الطلب على الأصول الآمنة.
ما هي توقعات المحللين لمستقبل الدولار الأمريكي؟
يتوقع المحللون استمرار التذبذب في أداء الدولار الأمريكي على المدى القريب، مع ترقب الأسواق لأي تطورات في السياسة التجارية الأمريكية الصينية أو قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة.
هل سيؤدي تصعيد الحرب التجارية إلى مزيد من الضغط على الدولار؟
نعم، أي تصعيد جديد في التوترات التجارية قد يؤدي إلى هروب المستثمرين من الأصول الأمريكية نحو الذهب والين والفرنك السويسري، ما قد يضعف الدولار الأمريكي أكثر.






















