تخفيض السعر المستهدف لسهم فريبورت-ماكموران إلى 48 دولارًا من جانب RBC كابيتال
خفّض بنك RBC كابيتال السعر المستهدف لسهم فريبورت-ماكموران (Freeport-McMoRan) إلى 48 دولارًا بدلًا من 54 دولارًا، مع الإبقاء على توصية Sector Perform. يأتي هذا التحديث بعد مراجعة تقديرات أداء الشركة في منجم غراسبرغ الإندونيسي، وما رافقها من تعديل لإرشادات الشركة خلال الأسبوع الماضي. يتداول سهم فريبورت-ماكموران حول 39.22 دولارًا، بانخفاض يقارب 17% منذ إعلان 24 سبتمبر، بينما خُفِّض تقدير EBITDA لعام 2026 بنحو 19%، في انعكاس مباشر لمخاطر التشغيل والمرئية الجديدة في الأفق.
ما الذي يدفع خفض السعر المستهدف لسهم فريبورت-ماكموران؟
تركز مراجعة RBC على محورين أساسيين: الأول يرتبط ببيئة التشغيل في غراسبرغ بعد حادث الاندفاع الطيني في 8 سبتمبر الذي أسفر عن حالتي وفاة ووجود مفقودين، والثاني يتعلق بتحديثات الشركة التي دفعت إلى خفض التوقعات الإنتاجية والمالية على المدى القريب. في هذا السياق، تأتي خطوة RBC كابيتال لتُجسّد موازنة دقيقة بين قوة أصول الشركة في النحاس والذهب وبين ارتفاع درجة عدم اليقين التشغيلي.
بالنسبة للمستثمرين، فإن سهم فريبورت-ماكموران يرتكز تاريخيًا على دور النحاس كسلعة استراتيجية في التحول الطاقي والبنية التحتية الكهربائية. غير أن مخاطر التنفيذ في الأصول الكبرى، لا سيما في بيئات جغرافية حساسة مثل إندونيسيا، تُحتّم خصمًا أعلى في التقييم مؤقتًا حتى تتضح معالم المسار التشغيلي خلال ما تبقّى من 2025 وبداية 2026.
الصورة المالية: سيولة مريحة ودين مضبوط ولكن…
على الرغم من الضغوط الأخيرة، تُظهر المؤشرات المالية سيولة قوية مع نسبة سيولة حالية (Current Ratio) تبلغ 2.47 ومستويات دين تُوصف بالمعتدلة. هذه العناصر توفر هامش أمان معقولًا في مواجهة تقلبات قصيرة الأجل وتكاليف محتملة لإصلاحات أو تكييفات تشغيلية. ومع ذلك، فإن خفض EBITDA المتوقع لعام 2026 بنسبة 19% يضغط على مضاعفات التقييم، ما يبرر اتخاذ بيوت الخبرة موقفًا أكثر حذرًا تجاه المسار الربحي خلال الأرباع القليلة المقبلة.
تحديثات غراسبرغ والملف الإندونيسي: بين الملكية والحوكمة والمخاطر
كشفت التطورات الأخيرة عن اتفاق لتخارج فريبورت-ماكموران من 12% إضافية من وحدتها الإندونيسية لصالح الحكومة دون مقابل، عبر شركة MIND ID المالكة للحصة الأكبر في فريبورت إندونيسيا. يعكس ذلك استمرار نهج توطين الملكية وتعزيز سيطرة الدولة على الأصول الاستراتيجية. ورغم أن هذه النقلة قد تُسهم في مواءمة المصالح مع الجهات التنظيمية، إلا أنها تضع سهم فريبورت-ماكموران أمام معادلة جديدة تتعلق بتوزيع العوائد والحوكمة والمرونة المستقبلية في إدارة الأصول.
وفي موازاة ملف الملكية، يظل حادث الاندفاع الطيني حدثًا بالغ الحساسية، إذ أعلنت الشركة عن سقوط ضحيتين وفقدان خمسة أشخاص، مع بدء تحقيق فني من المتوقع اكتماله بحلول نهاية 2025. هذه الواقعة تُضيف طبقة جديدة من عدم اليقين حول وتيرة التعافي التشغيلي وجداول الإنتاج، وتُعزّز منطق الخصم الوقائي في النماذج المالية إلى حين تبلور نتائج التحقيق وتطبيق إجراءات السلامة المُحسّنة.
كيف قرأت بيوت الخبرة سهم فريبورت-ماكموران بعد المستجدات؟
إلى جانب RBC، عكست قراءات أخرى تباينًا محسوبًا في الرأي. فقد خفّضت Raymond James السعر المستهدف إلى 46 دولارًا مع توصية Outperform، مشددة على قيمة أصول النحاس والذهب طويلة الأجل. من جهتها، قلصت UBS السعر إلى 42.50 دولارًا مع توصية Neutral بعد حادث غراسبرغ. وعلى صعيد الائتمان، خفّض بنك أوف أمريكا توصيف سندات الشركة إلى Underweight لاعتبارات المخاطر ذاتها. في المقابل، قدمت Bernstein SocGen Group رؤية أكثر تفاؤلًا عبر ترقية السهم إلى Outperform مع مستهدف 48.50 دولارًا، استنادًا إلى سيناريو تعافٍ تدريجي للإنتاج حتى 2027.
هذه اللوحة من الآراء تُشير إلى إجماع ضمني على أن جزءًا معتبرًا من المخاطر قد تُمِّيع في السعر الحالي، لكنها تترك الباب مفتوحًا أمام مفاجآت تشغيلية إيجابية أو سلبية، ما يجعل هوامش الأمان ومهارة التنفيذ عاملين فاصليين في تحديد المسار السعري التالي.
عوامل النحاس والذهب: رياح معاكسة أم داعمة لسهم فريبورت-ماكموران؟
تعتمد فريبورت-ماكموران بنيويًا على النحاس، المعدن الذي يقف في قلب التحول الطاقي من شبكات الجهد العالي إلى السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة. في حال استمر الطلب العالمي على النحاس في مسار متماسك، مع تحسّن ثقة الأعمال في الاقتصادات الرئيسة، فإن ذلك يمنح الشركة دعامة هيكلية. يُضاف إلى ذلك تعرض الشركة للذهب، ما يوفر تحوطًا جزئيًا في أوقات اضطراب السوق.
ومع ذلك، تبقى حساسية سهم فريبورت-ماكموران عالية لتقلبات الأسعار الفورية والآجلة للنحاس والذهب، إلى جانب إشارات السياسة النقدية الأميركية وتأثيرها على الدولار وتكاليف التمويل. أي تراجع مفاجئ في شهية المخاطرة أو تباطؤ في الصين قد يضغط على شهية المستثمرين تجاه أسهم التعدين، حتى مع توافر أسباب بنيوية داعمة على المدى البعيد.
قراءة في المخاطر والفرص: أين تقف معادلة العائد/المخاطر؟
يوازن المستثمرون اليوم بين ثلاثة محاور رئيسية عند النظر إلى سهم فريبورت-ماكموران. أولًا، المخاطر التشغيلية المرتبطة بغراسبرغ إلى حين اتضاح نتائج التحقيق ووتيرة التعافي. ثانيًا، الجودة المالية التي تمنح الشركة مرونة لتمويل الاستمرار في المشاريع وامتصاص الصدمات قصيرة الأجل. ثالثًا، دورة السلع واتجاهات النحاس والذهب خلال 2026–2027، والتي ستحدد عمق التعافي الربحي وقدرة الإدارة على إعادة توجيه رأس المال نحو أعلى العوائد.
في ضوء ذلك، يبدو التقييم الجديد عند 48 دولارًا من RBC كابيتال متسقًا مع مقاربة تحفظية تأخذ في الاعتبار خصوم المخاطر الراهنة، من دون إغفال احتمال تحسن استشرافي إذا أثبتت إجراءات السلامة فعاليتها وتعافت وتيرة الإنتاج وفق الجداول المحدّثة. هذا الإطار ينسجم أيضًا مع آراء أخرى تراوحت بين الحياد والتفاؤل الحذر، ضمن نطاق مستهدفات بين 42.50 و48.50 دولارًا.
ما الذي يعنيه ذلك لحملة السهم والمراقبين؟
بالنسبة للمستثمر قصير الأجل، يظل الزخم الإخباري ومخرجات التحقيق وعناوين إنتاج غراسبرغ عوامل مُحرِّكة للسعر قد ترفع من تقلبات السهم. أما للمستثمر متوسط إلى طويل الأجل، فالقضية تتمحور حول استدامة الأطروحة على النحاس وقدرة الشركة على تعزيز الكفاءة التشغيلية وتخفيف المخاطر الجيوسياسية والتنظيمية عبر شراكات ومواءمات حوكمة أكثر توازنًا.
تزداد أهمية الانضباط الرأسمالي في هذه المرحلة، مع مراجعة أولويات الإنفاق وترتيب مشاريع النمو وفق عائدات محسوبة، إلى جانب إدارة المخاطر في المواقع الحساسة. إن نجاح الشركة في تحقيق مسار تعافٍ متدرج خلال 2026 وصولًا إلى 2027، كما تفترض بعض الرؤى المتفائلة، قد يُعيد تموضع سهم فريبورت-ماكموران ضمن نطاقات تقييم أعلى مدفوعة بتحسن مضاعفات الربحية.
يلخّص خفض RBC كابيتال للسعر المستهدف إلى 48 دولارًا واقعًا مزدوجًا: مخاطر تشغيلية آنية تتعلق بغراسبرغ والتحقيق الدائر، ودعائم بنيوية طويلة الأمد في النحاس والذهب تتيح سيناريو تعافٍ إذا ما استقرت الأوضاع وعادت الجداول الإنتاجية إلى مساراتها. وبينما يبدو أن جانبًا معتبرًا من المخاطر قد احتواه السعر الحالي حول مستويات 39 دولارًا، فإن اتساع نطاق عدم اليقين يُبقي سهم فريبورت-ماكموران في خانة الانتقائية إلى أن تتضح الرؤية بصورة أشمل خلال الأشهر المقبلة.
هل يعكس السعر الحالي كل المخاطر؟
تشير قراءات بيوت الخبرة إلى أن جزءًا كبيرًا من المخاطر قد انعكس بالفعل في السعر، لكن النتائج النهائية للتحقيق وتيرة التعافي في غراسبرغ ستحدد إن كان هناك خصم إضافي أو مفاجآت إيجابية لاحقًا.
ما أثر تخفيض EBITDA لعام 2026 بنسبة 19%؟
يؤدي ذلك إلى ضغط على مضاعفات التقييم وتحييد تفاؤل المدى القريب، ما يُبرر المستهدفات الأكثر تحفظًا ويؤخر إعادة التصعيد في التقييم لحين اتضاح التعافي التشغيلي.
كيف تؤثر أسعار النحاس والذهب على السهم؟
أي تحسن مستدام في النحاس يدعم الهوامش والتدفقات، بينما يوفّر الذهب تحوطًا نسبيًا. في المقابل، ضعف الطلب الصناعي أو تشديد مالي عالمي قد يضغط على الأسعار وبالتالي على آفاق السهم.
هل تغيّر التخارج من 12% في إندونيسيا الأطروحة الاستثمارية؟
يعزز التوافق مع الجهات التنظيمية لكنه قد يعيد تشكيل معادلة العائد والحوكمة. الأثر الصافي سيتضح مع تفاصيل التنفيذ وتقاسم المنافع وجدول الإنتاج.






















