تباين أداء الأسواق الخليجية والعربية قبيل أسبوع حاسم للبنوك الكبرى
شهدت الأسواق الخليجية والعربية تباينًا في أدائها الأسبوعي، مع ترقّب المستثمرين لنتائج كبرى البنوك والشركات عن الربع الثالث من عام 2025، في وقت ضغطت فيه تراجعات أسعار النفط وتزايد التوترات التجارية العالمية على معنويات المتعاملين. وبينما واصل السوق السعودي تحقيق مكاسب للأسبوع الخامس على التوالي، شهدت بورصات قطر ودبي بعض التراجع، في حين سجّلت مؤشرات مصر مستويات قياسية جديدة.
تأثر الأسواق بتراجع أسعار النفط
جاءت تحركات الأسواق الخليجية هذا الأسبوع وسط ضغوط من تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في خمسة أشهر، بعد أن توقعت وكالة الطاقة الدولية حدوث فائض في المعروض خلال عام 2026، إلى جانب انخفاض الطلب المتوقع نتيجة تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين. هذا التراجع في أسعار الخام ألقى بظلاله على معظم القطاعات النفطية والبنوك المرتبطة بها، إلا أن بعض الأسواق أظهرت صمودًا مدعومًا بنتائج شركات قوية وتفاؤل بخصوص الأرباح المقبلة.
السوق السعودي يواصل مكاسبه للأسبوع الخامس
في السوق السعودي، واصل مؤشر تاسي أداءه الإيجابي، مرتفعًا بنسبة 0.1% في جلسة الخميس ليغلق عند أعلى مستوياته في خمسة أشهر، بدعم من أسهم قيادية مثل الراجحي وسابك اللذين صعدا بنحو 0.7% و1.2% على التوالي، بينما ارتفع سهم أرامكو بنسبة 1.3% مسجلاً أعلى إغلاق يومي في أربعة أشهر رغم تراجع أسعار النفط.
كما قفز سهم شركة المتقدمة للبتروكيماويات بنسبة 3% بعد إعلانها ارتفاع أرباحها الصافية بنسبة 57% في الربع الثالث، ما ساهم في تعزيز الثقة بالقطاع الصناعي. وعلى مدار الأسبوع، ارتفع المؤشر السعودي بنسبة 1%، محققًا خامس مكاسب أسبوعية متتالية، ليؤكد متانة الزخم الصعودي في أكبر أسواق المنطقة.
بورصة الكويت بين مكاسب الأول وتراجع الرئيسي
وفي بورصة الكويت، واصل مؤشر الكويت الأول مكاسبه ليغلق مرتفعًا بنسبة 0.4% في جلسة الخميس، مدعومًا بارتفاع أسهم عقارات الكويت وإيفا للفنادق بنسبة 1.5% و1.9% على التوالي. وأعلنت شركة إيفا للفنادق موافقة جمعيتها العمومية على توصية مجلس الإدارة بالعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ما أثار تفاعلاً إيجابيًا بين المستثمرين.
لكن مؤشر الكويت الرئيسي تراجع بنسبة 0.45% في اليوم ذاته، مسجلًا ثالث خسارة يومية متتالية، فيما أنهى الأسبوع على تراجع طفيف قدره 0.2%، منهياً بذلك سلسلة مكاسب استمرت لخمسة أسابيع. وعلى مدار الأسبوع، حقق مؤشر الكويت الأول مكاسب بنسبة 1.2%، وهي أول مكاسب أسبوعية له منذ شهر، ما يعكس عودة تدريجية للثقة في الأسهم القيادية.
بورصة قطر تتراجع رغم تعافي جلسة الختام
سجّلت بورصة قطر تراجعًا أسبوعيًا بنسبة 0.8%، مسجلة أدنى إغلاق أسبوعي في ثلاثة أشهر، رغم تعافيها في جلسة الخميس بنسبة 1.5% مدعومة بارتفاع أسهم بنك قطر الوطني ومصرف قطر الإسلامي بنسبة 2% و4% على التوالي.
وجاء هذا التراجع نتيجة عمليات بيع لجني الأرباح بعد موجة مكاسب سابقة، في حين أثّر تراجع أسعار الغاز الطبيعي والنفط على بعض الأسهم المرتبطة بالطاقة. من جهة أخرى، أظهرت التقديرات الاقتصادية تحسن التوقعات للنمو، حيث رفع البنك الدولي تقديراته لنمو الاقتصاد القطري لعام 2025 من 2.4% إلى 2.8%، مع ترجيح تسارع النمو إلى 5.3% في العام المقبل بفضل مشاريع البنية التحتية وزيادة الإنفاق الحكومي.
الأسواق الإماراتية: مكاسب أسبوعية محدودة
في الإمارات، شهدت الأسواق أداءً متباينًا، إذ تراجع مؤشر فوتسي أبوظبي بنسبة 0.2% في جلسة الجمعة، متأثرًا بانخفاض أسهم بنك أبوظبي الأول والدار العقارية بنحو 0.5% و1.5% على التوالي. كما تراجع سهم ملتيبلاي رغم إعلان الشركة عن صفقة استحواذ ضخمة تشمل شركتي IHC Food القابضة وIHC لإدارة الشركات مقابل إصدار 1.765 مليار سهم جديد ضمن خطة توسع استراتيجية.
وعلى مدار الأسبوع، ارتفع مؤشر أبوظبي بنسبة 0.1%، مسجلًا ثالث مكاسب أسبوعية على التوالي، ما يشير إلى استقرار نسبي في معنويات المستثمرين رغم التذبذب في أسهم الشركات الكبرى.
أما في سوق دبي المالي، فقد تراجع المؤشر العام بنسبة 0.2% في جلسة الجمعة تحت ضغط من انخفاض أسهم إعمار العقارية والإمارات دبي الوطني بأكثر من 1% لكل منهما. ومع ذلك، أنهى السوق أسبوعه على ارتفاع طفيف بنسبة 0.2% محققًا ثالث مكاسب أسبوعية متتالية. وأعلن بنك الإمارات دبي الوطني أن مجلس إدارته سيجتمع لمناقشة استثمارات جديدة، مما قد يعزز توقعات المستثمرين بشأن توسع البنك في قطاعات استراتيجية.
الأسواق المصرية تواصل تحطيم الأرقام القياسية
برزت البورصة المصرية هذا الأسبوع كأقوى الأسواق أداءً في المنطقة، إذ أغلقت المؤشرات الرئيسية على مكاسب جماعية مدفوعة بمشتريات المستثمرين المحليين. وارتفع المؤشر EGX30 بنحو 24 نقطة ليصل إلى مستوى 37,677 نقطة، وهو أعلى مستوى تاريخي للمؤشر.
كما صعد المؤشر السبعيني EGX70 بنسبة 0.8% إلى 11,654 نقطة، مسجلًا ثاني قمة تاريخية له على التوالي، فيما بلغت السيولة اليومية نحو 6.2 مليار جنيه، وارتفع رأس المال السوقي إلى 2.692 تريليون جنيه. وعلى مدار الأسبوع، ارتفع EGX30 بنسبة 0.8% محققًا سادس مكاسب أسبوعية متتالية، في إشارة واضحة إلى قوة الزخم المحلي وثقة المستثمرين في الأسواق المصرية.
ترقب أسبوع حاسم للبنوك الكبرى
تتجه أنظار المستثمرين الآن إلى الأسبوع المقبل الذي يُتوقع أن يشهد إفصاح عدد من البنوك الخليجية الكبرى عن نتائجها المالية للربع الثالث من العام، ما سيشكل اختبارًا حقيقيًا لمتانة أرباح القطاع المصرفي في ظل تراجع أسعار النفط وارتفاع كلفة التمويل.
ويرى محللون أن نتائج البنوك السعودية والإماراتية والكويتية ستكون مؤثرة في توجهات الأسواق، خاصة في ظل سعي العديد من المؤسسات لتقليص المخاطر الائتمانية وتحسين هوامش الأرباح وسط بيئة نقدية متقلبة. كما يترقب المستثمرون قرارات مجالس الإدارات بشأن توزيعات الأرباح أو أي تحركات توسعية في مجالات التمويل الإسلامي أو الخدمات الرقمية.
نظرة تحليلية: تباين الاتجاهات وثقة حذرة
تُظهر حركة الأسواق الخليجية هذا الأسبوع حالة من «الثقة الحذرة»، حيث يحافظ المستثمرون على مراكزهم في الأسهم القيادية، لكنهم في الوقت نفسه يتوخون الحذر بسبب ضعف أسعار النفط والتوتر التجاري العالمي. ويبدو أن موجة المكاسب التي قادتها البنوك وشركات الطاقة خلال الصيف بدأت تهدأ مع تزايد الشكوك حول استمرار الزخم.
ويرى محللون أن الأسواق الخليجية بحاجة إلى محفزات جديدة، سواء من خلال نتائج قوية للبنوك أو إجراءات دعم حكومية جديدة لتحفيز النشاط الاقتصادي. وفي المقابل، تبقى البورصة المصرية الأكثر نشاطًا بفضل تدفقات سيولة محلية قوية وتزايد شهية المخاطر بين المستثمرين الأفراد.
في المجمل، عكست تعاملات الأسبوع الحالي حالة من الترقب والحذر في معظم الأسواق الخليجية والعربية، مع تفاؤل محدود قبل صدور نتائج الشركات والبنوك الكبرى. وبينما يواصل السوق السعودي تسجيل أداء قوي مدعومًا بالأسهم القيادية، تسعى الأسواق الأخرى لتحقيق توازن بين التحديات العالمية والفرص المحلية.
ما أبرز العوامل التي أثرت على أداء الأسواق الخليجية هذا الأسبوع؟
تراجع أسعار النفط، وترقب نتائج البنوك الكبرى، والتوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، كانت أبرز العوامل التي أثرت على معنويات المستثمرين.
ما السوق الأفضل أداءً بين الأسواق العربية هذا الأسبوع؟
البورصة المصرية حققت أفضل أداء بتسجيلها أعلى مستويات تاريخية، مدفوعة بمشتريات محلية قوية وزخم استثماري مرتفع.
هل من المتوقع استمرار المكاسب في الأسواق الخليجية؟
ذلك يعتمد على نتائج البنوك الكبرى المنتظرة الأسبوع المقبل، إذ قد تعطي دفعة للأسواق في حال جاءت الأرباح فوق التوقعات، بينما قد يؤدي أي ضعف في النتائج إلى تصحيح محدود.
ما تأثير تراجع أسعار النفط على الأسهم الخليجية؟
تراجع النفط يضغط على أسهم شركات الطاقة والبنوك المرتبطة بالقطاع، لكنه في المقابل يعزز بعض القطاعات غير النفطية مثل العقارات والخدمات.
كيف تبدو توقعات المستثمرين للفترة المقبلة؟
التوقعات تتسم بالحذر، لكن الزخم العام في المنطقة يبقى إيجابيًا، خاصة في السعودية والإمارات ومصر، بفضل متانة الأساسيات الاقتصادية وارتفاع الإنفاق الحكومي.






















