الأسواق تنتعش ولكن اضطرابات سياسات ترامب تثير قلق المستثمرين
رغم تسجيل مؤشرات الأسهم الأميركية لمستويات قياسية جديدة، إلا أن حالة القلق ما زالت تسيطر على المستثمرين بسبب ما يُوصف بـ”عدم اليقين السياسي المتطرف” الناجم عن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فرغم المكاسب الكبيرة التي شهدها السوق، تبقى هذه المكاسب هشة في نظر كثير من المحللين.
الأسهم الأمريكية تواصل الارتفاع وتضع وول ستريت على طريق قمم تاريخية جديدة
الأسواق المالية، التي بدأت تتنفس الصعداء بعد هدوء عاصفة التعريفات الجمركية التي أطلقها ترامب في أبريل، عادت للتفاعل مع متغيرات جديدة أبرزها وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية بين إيران وإسرائيل، وهو ما خفف من حدة التوترات الجيوسياسية وأسهم في تهدئة أسعار النفط. ومع ذلك، فإن الأوساط الاستثمارية لا تزال تتعامل بحذر شديد مع المشهد السياسي الأميركي، خاصة مع النمط المتقلب والسريع لقرارات الرئيس.
في تقرير صادر عن “جي بي مورغان” هذا الأسبوع، وصف محللو البنك الوضع الحالي بأنه يسوده “عدم اليقين السياسي المطلق”، مؤكدين أن المستثمرين باتوا أكثر تحفظًا، ويفضلون عدم إنهاء الأسبوع بحالة “إقبال على المخاطرة” خوفًا من أي تغريدة رئاسية مفاجئة قد تُحدث اضطرابًا واسعًا في الأسواق.
أسهم Blue Gold يقفز بنسبة 500% قبل افتتاح السوق بعد ظهوره الأول في بورصة ناسداك
ويؤكد المحلل “آرت هوغان” من شركة “بي. رايلي ويلث” أن الجميع يدرك أن السوق، رغم شعور الثقة المؤقت، قد ينقلب رأسًا على عقب بسبب قرار سياسي مفاجئ. ويضيف قائلاً: “لقد تعلمنا الدرس في أبريل، عندما اقترب مؤشر S&P 500 من الدخول في سوق هابطة بعد فرض تعريفات متبادلة فجائية”.
من جهته، يرى “جوزيف كوينلان” من بنك أوف أمريكا أن السوق ربما كانت متقدمة على نفسها في حماسها بعد فوز ترامب في الانتخابات الأخيرة، إذ حفّز الحديث عن تخفيضات ضريبية وصفقات كبرى روح المغامرة لدى المستثمرين، قبل أن تعود المعارك التجارية لتكبح جماح هذا الحماس. ورغم تفاؤله الحذر بشأن مستقبل الأسهم الأميركية، إلا أنه يقر بأن “التقلبات ستبقى حاضرة ما دامت القرارات المفاجئة موجودة”.
ورغم أن مؤشرات التقلب مثل مؤشر VIX قد تراجعت من ذروتها في أبريل (52.3) إلى مستويات أكثر هدوءًا (16.3 حاليًا)، فإن ذلك لا يعني أن الأسواق مستقرة. يصف “جيف أكونور”، من منصة التداول المؤسسي Liquidnet، الوضع الحالي بأنه “غير صحي”، حيث أن كثيرًا من التحركات السعرية لا تزال تستند إلى تغريدات وتغيرات لحظية في التوجهات السياسية، ما يعكس هشاشة البنية السوقية.
تحليلات الأسهم الأمريكية 26 يونيو 2025
ويدعم هذا الرأي ما أشار إليه “ستيفانو باسكالي” من بنك باركليز، حيث لاحظ أن كبار المستثمرين لا يندفعون وراء هذا الصعود كما فعلوا في مرات سابقة، فهم لا يشترون عقود الخيارات بشكل واسع – في مؤشر واضح على الحذر الجماعي.
الأمر اللافت أيضاً هو اتساع الفجوة بين أسعار الشراء والبيع لكثير من الأسهم، وهي علامة على تدني السيولة وقلة عمق السوق. ويقول “ليز آن سوندرز” من “تشارلز شواب” إن السوق قد يكون على أعتاب مرحلة “تراخٍ” جديدة تُشبه تلك التي سبقت الانهيار المفاجئ في مارس، مشيرة إلى أن هذا الانتعاش “ربما يكون مضللًا”.
أما “مارك سبيندل”، من شركة Potomac River Capital، فقد ذهب إلى حد تشبيه سياسات ترامب بـ”رئاسة سناب شات”، مشيرًا إلى التأثير الفوري وغير المتوقع لتقلباته السياسية. وأضاف: “هو يتصرف كمضارب يومي أكثر منه رئيس مؤسسة اقتصادية”، في إشارة إلى قراراته المتقلبة بين الرفض ثم القبول، أو العكس، في ملفات تفاوضية حساسة.
ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن هذه السرعة في تعديل المسار السياسي تعكس نوعًا من المرونة، وهو ما يدفع الأسواق في الوقت الراهن إلى غض الطرف عن التذبذبات وقبول واقع أن الإدارة الحالية “صديقة للسوق” طالما أنها تتجاوب مع إشارات المستثمرين.
رؤية تحليلية :
في ظل حالة الترقب التي تسود الأوساط المالية، يُنصح المستثمرون الأفراد بتوخي الحذر الشديد وعدم الانسياق وراء المكاسب السريعة. تقلبات السياسة الأميركية تُشبه أمواجًا لا يمكن التنبؤ باتجاهها، وهو ما يفرض على المتداولين اتخاذ قرارات مدروسة، مع التركيز على تنويع المحافظ وتخفيف الانكشاف على أسهم قد تتأثر بقرارات حكومية مفاجئة.
نقطة مهمة أخرى هي أن الأسواق باتت أكثر تأثرًا بالمزاج العام والتفاعل اللحظي مع وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعني أن التحليل الفني وحده لا يكفي، بل يجب مراعاة السياق السياسي والاقتصادي الأوسع.
تنويه:
جميع التحليلات المقدمة في هذا التقرير صادرة عن فريق جولد إيجلز ولا تمثل توصية مباشرة بالشراء أو البيع. التداول في الأسواق المالية يحمل مخاطر عالية، ويتحمل المتداول وحده مسؤولية قراراته المالية






















