بيع السندات يهز الأسواق والذهب يقفز لمستويات قياسية
ارتفاع عوائد السندات يثير قلق الأسواق
شهدت الأسواق العالمية موجة بيع مكثفة في السندات طويلة الأجل، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي لمستويات غير مسبوقة. هذه التطورات أثارت حالة من القلق بين المستثمرين الذين باتوا يتجهون بشكل متسارع نحو الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب.
ففي اليابان، قفز العائد على السندات الحكومية لأجل 30 عاماً إلى مستوى 3.255%، وهو الأعلى في تاريخ البلاد. ولم يكن الوضع مختلفاً في بريطانيا والولايات المتحدة، حيث سجلت السندات طويلة الأجل قفزات قوية في العوائد نتيجة تخوفات متنامية من ضعف الاستدامة المالية.
الذهب يتألق كملاذ آمن
بالتزامن مع ضغوط عوائد السندات، ارتفع سعر الذهب الفوري إلى مستوى قياسي جديد عند 3546.99 دولار للأونصة. هذا الصعود جاء مدفوعاً بخروج المستثمرين من أدوات الدين السيادية، خصوصاً في ظل غياب الإصلاحات الاقتصادية الكفيلة بالحد من اتساع العجز والدين العام في عدد من الاقتصادات الكبرى.
ويرى محللون أن الذهب لا يزال الوجهة المفضلة في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية، خاصة مع تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي وتزايد الضغوط التضخمية على المدى الطويل.
انعكاسات على العملات العالمية
تأثرت أسواق العملات بشكل ملحوظ. فقد هبط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له في أربعة أسابيع عند 1.3334 دولار قبل أن يعاود التعافي جزئياً، بينما واصل الين الياباني خسائره ليتداول قرب 148.60 مقابل الدولار الأمريكي.
هذه التحركات تعكس حساسية العملات أمام التطورات في أسواق السندات، إذ إن ارتفاع العوائد يجعل الأصول المقومة بالدولار أكثر جاذبية، مما يضغط على عملات أخرى.
تباين في أداء الأسهم العالمية
على الرغم من اضطراب أسواق الدخل الثابت، أظهرت الأسهم الأوروبية والأمريكية قدراً من الصمود بدعم التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية المرتقب خلال هذا الشهر. فقد ارتفع مؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 0.7%، فيما صعدت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” بنحو 0.4%.
في المقابل، كانت الصورة مختلفة في آسيا حيث أغلق مؤشر “توبكس” الياباني على تراجع نسبته 1.1%، كما انخفض مؤشر “إم إس سي آي” لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.4%.
تداعيات سياسية واقتصادية
تواجه الحكومات تحديات متزايدة في إدارة موازناتها. ففي بريطانيا، تستعد وزيرة المالية ريتشيل ريفز لزيادة الضرائب في الموازنة المقبلة بهدف ضبط المالية العامة، بينما يواجه رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو اختباراً صعباً بعد تهديد المعارضة بحجب الثقة على خلفية خفض الإنفاق.
أما في اليابان، فقد زادت الأزمة السياسية بعد استقالة عدد من كبار مساعدي رئيس الوزراء شينغرو إيشيبا عقب هزيمة الحزب الحاكم في انتخابات مجلس الشيوخ.
تأثير الرسوم الجمركية على النمو
تضاف إلى هذه الأوضاع الضبابية سياسات الرسوم الجمركية الأمريكية التي يقودها الرئيس دونالد ترامب. فقد تسببت هذه الرسوم في إبطاء النمو الصناعي في الولايات المتحدة وأوروبا، وأدت إلى انخفاض أسعار النفط بنسبة 1.9% إلى 67.84 دولار للبرميل.
نظرة مستقبلية
يترقب المستثمرون بيانات سوق العمل الأمريكية نهاية الأسبوع، بما في ذلك تقرير الوظائف غير الزراعية، والتي ستكون عاملاً محورياً في تحديد مسار السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي. أي ضعف إضافي في سوق العمل قد يدفع نحو خفض أسرع للفائدة، ما يعزز جاذبية الذهب ويزيد الضغط على السندات.
تشير التطورات الحالية إلى أن الأسواق العالمية دخلت مرحلة دقيقة من التوازن الحرج. فالضغوط على السندات تواصل الارتفاع، ما يفتح الباب أمام استمرار موجة الصعود في أسعار الذهب. وفي ظل الغموض السياسي والاقتصادي، يبقى الذهب الملاذ الأكثر أماناً، بينما تواجه الحكومات معضلة إدارة ديونها في بيئة مالية شديدة التعقيد.
لماذا يواصل الذهب الصعود مع تراجع السندات؟
ارتفاع عوائد السندات يؤدي إلى تقليل جاذبية أدوات الدين، مما يدفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن. وهنا يظهر الذهب كخيار مثالي لأنه يحتفظ بقيمته حتى في أوقات الأزمات.
هل تؤثر عوائد السندات المرتفعة على العملات؟
نعم، ارتفاع عوائد السندات الأمريكية والبريطانية يجعل الأصول المقومة بالدولار أكثر جاذبية، ما يضغط على عملات أخرى مثل الجنيه الإسترليني والين الياباني.
هل الاستثمار في الذهب الآن آمن؟
الذهب يُعتبر دائماً ملاذاً آمناً في أوقات التقلبات، لكن يجب الانتباه إلى أن الأسعار المرتفعة الحالية قد تشهد تصحيحات مفاجئة. لذلك يفضل تنويع المحافظ الاستثمارية وعدم الاعتماد على أصل واحد.
ما علاقة الرسوم الجمركية الأمريكية بالأسواق؟
الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تزيد من تكاليف الإنتاج وتضعف النمو الصناعي، ما ينعكس سلباً على الأسهم ويرفع من جاذبية الذهب والسندات القصيرة الأجل.
هل خفض الفائدة المرتقب من الفيدرالي سيدعم الذهب؟
بالتأكيد، خفض الفائدة يقلل من عوائد السندات ويضعف الدولار، وهو ما يدعم ارتفاع أسعار الذهب ويزيد من الإقبال عليه كأصل استثماري.






















