بتكوين أمام خطر كسر دورتها التاريخية مع تحولات غير مسبوقة في السوق
تشهد بتكوين، أكبر عملة مشفرة في العالم، تغيرات جذرية تهدد بكسر دورتها السعرية التاريخية التي اعتاد عليها المستثمرون منذ أكثر من عقد. هذه التحولات تأتي وسط دخول قوي لرؤوس الأموال المؤسسية، وإصلاحات تنظيمية في كبرى الأسواق، إضافة إلى بيئة اقتصادية عالمية مختلفة تمامًا عن السابق.
في سابقة لافتة، ارتفع سعر بتكوين إلى مستوى قياسي جديد بلغ أكثر من 73 ألف دولار في مارس/ آذار 2024، أي قبل شهر من عملية التنصيف، وهو ما يخالف النمط التاريخي الذي تصل فيه الأسعار إلى الذروة بعد الحدث. هذا الصعود المفاجئ كان مدفوعًا بإطلاق صناديق الاستثمار المتداولة في البتكوين داخل الولايات المتحدة، والتي جذبت مليارات الدولارات وغيرت ملامح سوق العملات المشفرة.
ما هي دورة بتكوين التاريخية؟
تعتمد دورة بتكوين على حدث رئيسي يعرف باسم “التنصيف”، يحدث كل أربع سنوات، يتم فيه خفض مكافآت التعدين إلى النصف، مما يقلص المعروض من العملة الرقمية. تاريخيًا، يؤدي التنصيف إلى ارتفاع كبير في الأسعار خلال الأشهر التالية، قبل أن تبدأ موجة هبوط حادة تصل أحيانًا إلى 80%، فيما يعرف بـ”شتاء العملات المشفرة”.
لكن دورة 2024 كسرت هذه القاعدة، إذ جاءت القمة السعرية قبل التنصيف، ما دفع محللين، مثل ماثيو هوغان من شركة بيتوايز، إلى القول إن دورة الأربع سنوات “قد انتهت” وأن السوق مقبل على مرحلة مختلفة تمامًا.
عوامل وراء كسر الدورة
إلى جانب تأثير صناديق الاستثمار المتداولة، لعبت البيئة التنظيمية دورًا كبيرًا. الإدارة الأميركية الحالية أسقطت قضايا ضد شركات العملات المشفرة، وبدأت في وضع أطر تشريعية جديدة، فيما تراكم شركات مدرجة في البورصة كميات ضخمة من عملة بتكوين كجزء من استراتيجياتها طويلة الأجل.
على عكس الأعوام السابقة، لم تشهد السوق انهيارات كبيرة مثل أزمة عروض العملات الأولية في 2018 أو انهيار منصة FTX في 2022. هذا يعكس نضجًا نسبيًا وتراجعًا في المخاطر النظامية. ومع توقعات خفض أسعار الفائدة في 2026، يتوقع خبراء أن تصبح حركة الأسعار أكثر ارتباطًا بالعوامل الاقتصادية العالمية والسيولة النقدية.
تأثير السيولة والمؤسسات
رايان تشاو، المؤسس المشارك لشركة Solv Protocol، يرى أن السوق بات أكثر استقرارًا من أي وقت مضى، مع ارتفاع أعداد حاملي بتكوين على المدى الطويل لمستويات قياسية، وانخفاض التقلبات بشكل ملحوظ. ويضيف أن هذا النمط الجديد يجعل الأسعار أكثر حساسية للتغيرات في السيولة والسياسات النقدية بدلًا من الاعتماد الكلي على التنصيف.
كما أن دخول المستثمرين المؤسسيين من خلال صناديق الاستثمار المتداولة خلق مصدر طلب ثابت ومستمر، مما قد يدعم الأسعار حتى في فترات الركود النسبي.
مع استمرار التطورات السريعة في سوق العملات المشفرة، قد تشهد بتكوين موجات من التقلبات غير المسبوقة خلال السنوات المقبلة. ويرى محللون أن متابعة الأخبار الاقتصادية العالمية، وقرارات البنوك المركزية، والتغييرات في السياسات التنظيمية، ستكون عوامل حاسمة لفهم الاتجاهات القادمة. كما أن التوسع في استخدام عملة بتكوين كوسيلة دفع في التجارة الدولية وزيادة تبنيها من قبل المؤسسات المالية قد يعزز من قيمتها على المدى الطويل. في المقابل، فإن أي أحداث مفاجئة أو أزمات اقتصادية قد تخلق فرصًا استثمارية أو تحديات جديدة، ما يجعل المرونة والقدرة على التكيف عناصر أساسية في استراتيجيات المستثمرين.
إلى أين تتجه بتكوين؟
التحولات الجارية تعني أن المستثمرين لم يعد بإمكانهم الاعتماد فقط على الإيقاع التاريخي للدورة في قراراتهم. بدلًا من ذلك، عليهم متابعة مؤشرات الاقتصاد الكلي، وحركة السيولة العالمية، والتطورات التنظيمية، وهي عوامل أصبحت ذات تأثير مباشر على سعر بتكوين.
في ظل هذا المشهد الجديد، قد تظل بتكوين أداة استثمارية جذابة، لكن استراتيجيات التعامل معها ستحتاج إلى إعادة صياغة كاملة لتواكب التغيرات.
هل يعني تغير الدورة نهاية فرص الربح؟
لا، فالتقلبات ما زالت توفر فرصًا، خاصة للمستثمرين الذين يملكون خططًا مرنة ويتابعون عن قرب المؤشرات الاقتصادية وحركة السيولة.
كيف غيّرت صناديق الاستثمار المتداولة السوق؟
هذه الصناديق وفرت قناة دخول سهلة وآمنة نسبيًا للمستثمرين المؤسسيين، مما زاد من الطلب على بتكوين ودفع الأسعار للصعود المبكر قبل التنصيف.
هل التنصيف ما زال مهمًا؟
التنصيف يظل مؤثرًا في تقليص المعروض، لكن أهميته النسبية تراجعت أمام عوامل أخرى مثل السيولة والسياسات النقدية.
تنويه: شركة جولد إيجلز لا تتحمل أي مسؤولية عن القرارات المالية أو الاستثمارية التي قد تُتخذ بناءً على هذا الخبر.






















