انخفاض العقود الآجلة لوول ستريت وسط تصاعد التوتر التجاري بين أميركا والصين وترقب نتائج البنوك الكبرى
نيويورك – تراجعت العقود الآجلة لمؤشرات وول ستريت في تعاملات الثلاثاء، مع تجدد القلق في الأسواق العالمية نتيجة تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وتزايد الترقب لنتائج البنوك الكبرى وخطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في وقت يسجل فيه الذهب مستويات قياسية جديدة ويتراجع النفط على وقع المخاوف من فائض المعروض العالمي.
ضغوط تجارية جديدة تُربك شهية المخاطرة
شهدت الأسواق الأميركية موجة من الحذر بعد أن عادت التوترات التجارية بين واشنطن وبكين إلى الواجهة، إذ أعلنت الصين فرض عقوبات على خمس شركات أميركية مرتبطة بصناعة السفن الكورية الجنوبية، بينما فرض الطرفان رسومًا جديدة على شركات الشحن البحري، في خطوة اعتُبرت تصعيدًا غير مباشر في النزاع التجاري المستمر منذ سنوات.
وفي المقابل، أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن اللقاء المنتظر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ ما زال قائمًا في كوريا الجنوبية نهاية الشهر الجاري، في محاولة لتخفيف التوترات، إلا أن المستثمرين ما زالوا يتخوفون من طول أمد النزاع وتأثيره على سلاسل التوريد العالمية.
وتراجعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنحو 1%، بينما هبطت عقود ناسداك بنسبة 1.3%، وانخفضت عقود داو جونز الصناعي بأكثر من 0.6%، في إشارة إلى ميل واضح نحو جني الأرباح بعد المكاسب التي سجلتها المؤشرات أمس إثر تصريحات مهدئة من ترامب بشأن الصين.
عودة القلق بعد جلسة ارتداد مؤقتة
كانت مؤشرات وول ستريت قد شهدت ارتدادًا قويًا في جلسة الإثنين بعدما خفف ترامب لهجته تجاه بكين، إذ قال إنه “لن يتسرع في اتخاذ إجراءات جديدة ضد الصين”، وهو ما أعاد بعض التفاؤل المؤقت إلى الأسواق. لكن تصريحات متناقضة لاحقة من البيت الأبيض أعادت الاضطراب، وأثارت شكوكا بشأن مسار المفاوضات التجارية.
ويرى المحللون أن التباين في الرسائل الصادرة عن الإدارة الأميركية يشير إلى غياب استراتيجية واضحة، وهو ما يدفع المستثمرين إلى التحوط عبر الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الحكومية الأميركية.
انطلاقة موسم الأرباح مع البنوك الكبرى
يترقب المستثمرون بشدة نتائج القطاع المصرفي الأميركي التي تشكّل بداية موسم إعلان الأرباح في الربع الثالث. وأظهرت نتائج جي بي مورغان تشيس أداءً قويًا، مع ارتفاع الأرباح بنسبة 21% إلى 6.9 مليارات دولار، بدعم من انتعاش في نشاط الصفقات والاستحواذات بعد فترة ركود سابقة نتيجة الرسوم الجمركية.
كما سجلت وحدة الخدمات المصرفية الاستثمارية في البنك زيادة في الإيرادات بنسبة 17% لتبلغ 19.88 مليار دولار، في حين ارتفعت الرسوم بنسبة 16% على أساس سنوي. ويُعد هذا الأداء مؤشرًا إيجابيًا لقدرة البنوك على التكيف مع التحديات الاقتصادية الراهنة.
أما بنك ويلز فارجو فقد فاق التوقعات أيضًا، محققًا أرباحًا فصلية بلغت 1.66 دولارًا للسهم، وإيرادات وصلت إلى 21.44 مليار دولار، ما دعم أسهمه التي ارتفعت أكثر من 3% في تداولات ما قبل الافتتاح.
وتتجه الأنظار الآن إلى نتائج بنك أوف أميركا ومورغان ستانلي المقرر صدورها الأربعاء، وسط توقعات بتحقيق أرباح قوية مدفوعة بمرونة الاقتصاد الأميركي وانتعاش القروض التجارية والاستهلاكية.
التحديات أمام القطاع المالي الأميركي
على الرغم من النتائج الإيجابية، حذّر الرئيس التنفيذي لـ جي بي مورغان جيمي ديمون من “ارتفاع درجة عدم اليقين الجيوسياسي وتباطؤ سوق العمل الأميركي”، مشيرًا إلى أن البيئة الحالية تشهد خليطًا من الضغوط التضخمية والمخاطر التجارية وارتفاع تقييمات الأصول.
ويخشى المستثمرون أن تؤدي أي إشارة سلبية من البنوك بشأن التوقعات المستقبلية إلى موجة تصحيح واسعة في السوق، خاصة بعد الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها الأسهم المالية منذ بداية العام.
ترقب خطاب باول وتأثيره على توقعات الفائدة
يُرتقب أن يُلقي جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كلمة مهمة خلال الاجتماع السنوي للرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال، وسط توقعات بأن يتناول فيها أثر الإغلاق الحكومي الأميركي على نشر البيانات الاقتصادية الأساسية مثل مؤشر أسعار المستهلكين.
وتشير بيانات أداة CME FedWatch إلى أن الأسواق تتوقع خفضًا جديدًا للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع 28-29 أكتوبر، بعد أن أقدم الفيدرالي على خفض مماثل الشهر الماضي دعمًا للاقتصاد المتباطئ.
ورجّح محللون في مجموعة “فايتال نولدج” أن يعبر باول عن “قلقه من غياب البيانات الكافية لاتخاذ قرارات دقيقة”، ما قد يزيد الغموض حول السياسة النقدية في المدى القصير.
الذهب يواصل التحليق إلى مستويات قياسية
في الأسواق السلعية، واصل الذهب صعوده القوي مسجلاً مستوى قياسيًا جديدًا فوق 4100 دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخه، مدعومًا بموجة طلب قوية من المستثمرين الباحثين عن الملاذات الآمنة وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية وتوقعات خفض الفائدة الأميركية.
وارتفعت العقود الفورية بنسبة 0.4% لتصل إلى 4125 دولارًا للأونصة، بينما صعدت العقود الآجلة بنسبة 0.1% إلى 4138 دولارًا، وفق بيانات “إنفستينغ دوت كوم”.
وبذلك يكون المعدن النفيس قد حقق قفزة بأكثر من 50% منذ بداية العام، مستفيدًا من ضعف الدولار وتزايد مشتريات البنوك المركزية العالمية، لاسيما في آسيا والشرق الأوسط.
النفط يتراجع بفعل زيادة المعروض وتراجع الطلب
في المقابل، سجلت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا بعد صدور تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر أكتوبر، الذي أشار إلى ارتفاع المعروض العالمي إلى 106.1 ملايين برميل يوميًا في 2025، أي بزيادة 3 ملايين برميل يوميًا عن العام السابق، مع توقع زيادة إضافية بـ2.4 مليون برميل في 2026.
وأوضحت الوكالة أن تحالف أوبك+ بدأ في تسريع وتيرة رفع الإنتاج بشكل يفوق التقديرات السابقة، ما أثار مخاوف من تخمة في الإمدادات العالمية تزامنًا مع ضعف الطلب جراء التوترات التجارية.
وانخفض خام برنت بنسبة 2.2% إلى 61.94 دولارًا للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 2.3% إلى 58.14 دولارًا، ما يعكس عودة الضغوط البيعية على الأسواق النفطية.
الأسواق بين التفاؤل والحذر
تتأرجح معنويات المستثمرين بين التفاؤل بمرونة الاقتصاد الأميركي والقلق من تصاعد النزاعات التجارية وتأثيرها على التجارة العالمية. وبينما يعكس أداء البنوك الكبرى بعض الصمود، فإن استمرار حالة الغموض بشأن السياسة النقدية الأميركية والتوترات الجيوسياسية يجعل وول ستريت عرضة لمزيد من التقلبات في الأيام المقبلة.
ويرى خبراء الأسواق أن المرحلة المقبلة ستتطلب وضوحًا أكبر في مواقف واشنطن وبكين، إضافة إلى إشارات واضحة من الفيدرالي حول مسار أسعار الفائدة، قبل أن تستعيد الأسهم الأميركية زخمها القوي السابق.
ما السبب الرئيسي لانخفاض العقود الآجلة لوول ستريت اليوم؟
السبب الرئيسي هو تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب القلق بشأن نتائج البنوك الكبرى وخطاب رئيس الفيدرالي جيروم باول.
هل تشير نتائج البنوك الأميركية إلى بداية تعافٍ اقتصادي؟
بعض البنوك الكبرى مثل جي بي مورغان وويلز فارجو أظهرت نتائج إيجابية، ما يعكس مرونة نسبية في القطاع المالي، لكنها لا تكفي لتأكيد تعافٍ شامل في ظل استمرار الغموض العالمي.
ما أبرز العوامل التي تدعم ارتفاع الذهب إلى مستويات قياسية؟
توقعات خفض الفائدة، وضعف الدولار، وتزايد الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين الباحثين عن الأمان هي أهم العوامل وراء صعود الذهب إلى قمم تاريخية.
كيف أثّر تقرير وكالة الطاقة الدولية على أسعار النفط؟
أشار التقرير إلى زيادة في المعروض العالمي من النفط خلال 2025 و2026، ما أثار مخاوف من فائض في الإمدادات وأدى إلى تراجع الأسعار.
ما المتوقع من خطاب باول القادم؟
يتوقع أن يتحدث باول عن صعوبة اتخاذ قرارات نقدية في ظل غياب البيانات الحكومية بسبب الإغلاق، وربما يلمّح إلى استمرار دورة خفض الفائدة لدعم النمو.






















