انخفاض أسعار النفط بعد استئناف صادرات الخام من إقليم كردستان العراق
شهدت أسعار النفط في بداية تعاملات الأسبوع تراجعاً ملحوظاً، بعدما أعلنت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان عن استئناف تصدير الخام عبر ميناء جيهان التركي، وذلك بعد توقف دام أكثر من عامين ونصف. هذا التطور جاء ليسجل نقطة تحول مهمة في أسواق الطاقة العالمية، وسط ضغوط من الولايات المتحدة لتعزيز الإمدادات وخفض أسعار النفط التي ما تزال متأثرة بتقلبات الاقتصاد العالمي والسياسات الجيوسياسية.
تفاصيل الاتفاق بين بغداد وأربيل
بعد أشهر من المفاوضات الشاقة، توصلت بغداد وأربيل إلى اتفاق مؤقت يتيح استئناف صادرات النفط الخام من إقليم كردستان العراق عبر خط أنابيب يمتد إلى ميناء جيهان التركي. ووصفت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني هذه الخطوة بأنها “تاريخية”، إذ تنهي حالة الجمود التي عطّلت أحد أهم مسارات تصدير النفط في المنطقة.
وزارة النفط العراقية أكدت في بيان رسمي أن عمليات الضخ انطلقت بالفعل “بوتيرة عالية وانسيابية تامة من دون تسجيل أي مشاكل فنية”، مشيرة إلى أن استئناف التصدير سيعيد للأسواق ما يصل إلى 230 ألف برميل يومياً من الخام الكردي. هذه الكميات، رغم محدوديتها مقارنة بالإنتاج العالمي، تُعد إضافة مهمة في توقيت يشهد فيه السوق العالمي ضغوطاً من تراجع الإمدادات ومخاوف الركود.
تأثير استئناف التصدير على أسعار النفط
في التداولات الآسيوية المبكرة، هبطت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من 1% لتسجل 69.39 دولاراً للبرميل، فيما انخفضت العقود الآجلة للخام الأميركي (غرب تكساس الوسيط) إلى 64.99 دولاراً للبرميل. ويأتي هذا التراجع مدفوعاً بتوقعات بزيادة المعروض بعد دخول نفط كردستان على خط الإمدادات.
ويرى محللون أن استئناف صادرات الإقليم سيؤدي إلى تهدئة بعض الضغوط التصاعدية على أسعار النفط التي شهدت خلال الأسابيع الماضية تقلبات بسبب السياسات الأميركية الجديدة، بما في ذلك الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على سلع مختلفة. هذا بالإضافة إلى مخاوف الأسواق من تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما جعل المستثمرين أكثر حذراً تجاه توقعات الطلب على الطاقة.
دور الولايات المتحدة وضغطها في المفاوضات
لم يكن الاتفاق العراقي-الكردي بمعزل عن الضغوط الدولية، إذ لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في الدفع نحو استئناف الصادرات. فواشنطن، التي تسعى جاهدة لخفض أسعار النفط العالمية بهدف حماية الاقتصاد الأميركي من التضخم، مارست ضغوطاً مكثفة على بغداد وأربيل من أجل التوصل إلى تسوية تُعيد تدفق الخام.
ويرى خبراء أن هذه الخطوة قد تكون جزءاً من استراتيجية أميركية أشمل تهدف إلى مواجهة محاولات “أوبك+” الحفاظ على أسعار النفط عند مستويات مرتفعة، عبر ضخ كميات إضافية في السوق العالمي بما يقلل من فاعلية سياسة خفض الإنتاج التي ينتهجها التحالف بقيادة السعودية وروسيا.
انعكاسات جيوسياسية
استئناف صادرات النفط من كردستان لا يقتصر على كونه اتفاقاً اقتصادياً، بل يحمل أبعاداً سياسية عميقة. فمن جانب، يمثل الاتفاق تقارباً بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم شبه المستقل، وهو ما قد يفتح الباب أمام تعاون أكبر في مجالات أخرى. ومن جانب آخر، فإنه يعكس الدور الحيوي الذي ما زال يلعبه النفط كأداة للنفوذ السياسي في الشرق الأوسط.
كما أن عودة صادرات نفط كردستان إلى الأسواق العالمية قد تؤثر على توازنات الطاقة الإقليمية، خاصة في ظل التنافس بين المنتجين الرئيسيين في المنطقة مثل إيران والسعودية. ويُتوقع أن تستغل بغداد هذا التطور لتعزيز موقعها كمصدر موثوق للخام، خصوصاً مع تزايد حاجة الأسواق الأوروبية للنفط بعد تراجع الاعتماد على الإمدادات الروسية.
رد فعل الأسواق العالمية
تراجعت أسهم شركات الطاقة العالمية في التعاملات المبكرة، وسط توقعات بانخفاض هوامش الأرباح إذا استمر الضغط على أسعار النفط. في المقابل، رحبت بعض الدول المستوردة للخام بهذا التطور، إذ من شأنه أن يخفف من الضغوط التضخمية ويقلل من تكاليف استيراد الطاقة.
وتشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أن استئناف صادرات كردستان قد يُسهم في تخفيف العجز المتوقع في السوق العالمي، والذي كانت تقدراته تصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام. ومع ذلك، يرى محللون أن هذا الأثر سيظل محدوداً ما لم ترافقه زيادة أكبر من جانب منتجين آخرين.
موقف أوبك+
تحالف “أوبك+” يراقب التطورات عن كثب. فمن جهة، قد يُرحب بعض الأعضاء بإضافة إمدادات جديدة تخفف من الضغوط السياسية والاقتصادية التي يواجهونها جراء ارتفاع الأسعار. ومن جهة أخرى، قد ترى بعض الدول أن عودة نفط كردستان تمثل تحدياً لسياسة خفض الإنتاج التي تبنتها للحفاظ على الأسعار عند مستويات مرتفعة.
وفي هذا السياق، يتوقع مراقبون أن يناقش التحالف في اجتماعاته المقبلة كيفية التوفيق بين أهداف الحفاظ على الأسعار المرتفعة من جهة، وضغوط الأسواق والولايات المتحدة من جهة أخرى.
الآفاق المستقبلية لأسعار النفط
رغم التراجع الحالي، لا تزال أسعار النفط عُرضة لمزيد من التقلبات خلال الفترة المقبلة. فالأسواق تترقب بيانات اقتصادية أميركية مهمة، إضافة إلى تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حول توقعات الفائدة. هذه العوامل، إلى جانب التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ستحدد اتجاه أسعار النفط في المدى القريب.
ويرى بعض المحللين أن الأسعار قد تستقر ضمن نطاق يتراوح بين 65 و72 دولاراً للبرميل خلال الربع الأخير من العام، ما لم تحدث تطورات غير متوقعة مثل تصاعد التوترات الجيوسياسية أو قرارات جديدة من أوبك+ بشأن الإنتاج.
الخاتمة
في المحصلة، يُعد استئناف صادرات نفط كردستان خطوة تاريخية تنعكس على الأسواق العالمية من ناحيتين: الأولى أنها تضيف إمدادات جديدة قد تخفف من الأسعار، والثانية أنها تؤكد الدور المحوري للعراق في معادلة الطاقة العالمية. وبينما رحبت الأسواق بهذا التطور، يبقى السؤال الأهم هو: هل ستكون هذه العودة كافية لكبح جماح تقلبات أسعار النفط أم أن الأسواق ستظل أسيرة العوامل السياسية والاقتصادية الأوسع؟
ما سبب انخفاض أسعار النفط مؤخراً؟
انخفضت الأسعار بسبب استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق عبر تركيا، ما زاد من المعروض العالمي.
كم تبلغ الكميات المتوقع ضخها من نفط كردستان؟
تتوقع وزارة النفط العراقية ضخ نحو 230 ألف برميل يومياً في الأسواق العالمية.
ما تأثير استئناف الصادرات على تحالف أوبك+؟
قد يُضعف ذلك من فاعلية سياسة خفض الإنتاج التي ينتهجها التحالف، ويزيد من الضغوط لمراجعة قراراته.
هل ستستمر أسعار النفط في التراجع؟
رغم التراجع الحالي، تبقى الأسعار عرضة لتقلبات مرتبطة بالاقتصاد الأميركي، قرارات الفيدرالي، وتطورات الشرق الأوسط.
تنويه: موقع جولد إيجلز يقدم هذا المحتوى لأغراض إعلامية فقط، ولا يتحمل أي مسؤولية عن القرارات الاستثمارية التي يتخذها القراء بناءً على هذه المعلومات.






















