النفط يواصل الصعود مع تراجع المخزونات الأميركية
ارتفعت أسعار النفط في تعاملات اليوم الأربعاء لليوم الثاني على التوالي، مدعومة بعوامل متعددة في مقدمتها بيانات أظهرت تراجعاً ملموساً في مخزونات الخام والبنزين بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى استمرار تعثر استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق، فضلاً عن قيود جديدة على صادرات الخام الفنزويلي. هذه التطورات مجتمعة عززت المخاوف من تقلص المعروض العالمي في وقت حساس يشهد تقلبات في الطلب وتذبذباً في السياسات النقدية والاقتصادية العالمية.
ارتفاع أسعار خام برنت وغرب تكساس
سجل خام برنت القياسي زيادة طفيفة نسبتها 0.1% ليصل إلى 67.75 دولاراً للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.2% ليسجل 63.55 دولاراً للبرميل. وتأتي هذه المكاسب بعد ارتفاع ملحوظ تجاوز دولاراً واحداً في جلسة أمس الثلاثاء، حيث لعبت الأخبار القادمة من شمال العراق دوراً أساسياً في رفع معنويات السوق.
ويرى محللون أن استمرار التداول في هذا النطاق يعكس حالة من التوازن الهش بين المخاوف بشأن نقص الإمدادات، من ناحية، والقلق المتزايد من تباطؤ الطلب العالمي نتيجة الضبابية الاقتصادية من ناحية أخرى.
أزمة صادرات كردستان العراق
تُعتبر قضية صادرات إقليم كردستان العراق إحدى أبرز الملفات المؤثرة على أسعار النفط في الوقت الراهن. فالإقليم، الذي كان يضخ نحو 230 ألف برميل يومياً عبر خط الأنابيب الممتد إلى ميناء جيهان التركي، لا يزال عاجزاً عن استئناف التصدير منذ مارس 2023. ورغم توقيع اتفاق مبدئي بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة الإقليم وشركات النفط، إلا أن الخلافات المالية المتعلقة بسداد الديون عطّلت التنفيذ الفعلي.
هذا الجمود يزيد من المخاوف بشأن الإمدادات في وقت تسعى فيه الأسواق إلى تأمين مصادر مستقرة، خاصة مع تصاعد الأزمات الجيوسياسية في مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية.
بيانات معهد البترول الأميركي
أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن معهد البترول الأميركي أن مخزونات الخام في الولايات المتحدة تراجعت بنحو 3.82 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 19 سبتمبر، بينما انخفضت مخزونات البنزين بمقدار 1.05 مليون برميل. في المقابل، ارتفعت مخزونات نواتج التقطير بمقدار 518 ألف برميل.
هذه الأرقام عكست تحسناً في الطلب على البنزين مع انتهاء موسم القيادة الصيفي، لكنها في الوقت نفسه أكدت استمرار اعتماد السوق الأميركية على السحب من المخزونات لتلبية الطلب، وهو ما يزيد من حساسية الأسعار لأي اضطرابات في الإمدادات العالمية.
ترقب بيانات وزارة الطاقة الأميركية
ينتظر المستثمرون صدور البيانات الرسمية عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية في وقت لاحق من اليوم. التوقعات تشير إلى احتمال تسجيل زيادة في مخزونات الخام والبنزين، مع تراجع في مخزونات نواتج التقطير. وتُعد هذه البيانات من المحركات الرئيسية لاتجاهات السوق، حيث أنها تعطي صورة أوضح عن مستويات العرض والطلب في أكبر مستهلك للنفط في العالم.
ويشير خبراء إلى أن أي مفاجأة في هذه البيانات قد تؤدي إلى تقلبات حادة في الأسعار، خصوصاً إذا ما جاءت الأرقام مخالفة للتوقعات بشكل كبير.
قيود على صادرات فنزويلا
في موازاة التطورات في العراق، برزت مؤشرات إضافية على تقلص الإمدادات من فنزويلا، حيث أكدت وكالة رويترز أن شركة شيفرون الأميركية لن تتمكن إلا من تصدير نصف إنتاجها اليومي من الخام الفنزويلي البالغ 240 ألف برميل. ويعود ذلك إلى القواعد المحدثة التي أقرتها السلطات الأميركية، والتي تحد من تدفقات الخام الفنزويلي الثقيل عالي الكبريت إلى الولايات المتحدة.
هذه القيود تضيف مزيداً من الضغوط على السوق، خصوصاً أن الخام الفنزويلي يلعب دوراً مهماً في تلبية الطلب على أنواع معينة من النفط في المصافي الأميركية.
العوامل الجيوسياسية وتأثيرها على أسعار النفط
لا تقتصر الضغوط على العوامل الاقتصادية والفنية فقط، بل تلعب الجيوسياسة دوراً بارزاً في تشكيل توجهات السوق. فالتوترات في الشرق الأوسط، والعقوبات المفروضة على روسيا وإيران، واستمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، جميعها تشكل عوامل دعم لارتفاع الأسعار.
في المقابل، فإن تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع معدلات الفائدة في الاقتصادات الكبرى قد يؤديان إلى تراجع الطلب على الطاقة، ما يخلق حالة من التناقض بين قوى العرض والطلب.
توقعات المحللين
يتوقع محللون أن تظل أسعار النفط ضمن نطاق محدود خلال الأسابيع المقبلة، مع ميل طفيف للصعود إذا استمرت المخزونات الأميركية في الانخفاض وتعثر استئناف صادرات كردستان. كما أن أي انقطاع إضافي في الإمدادات من فنزويلا قد يعزز الاتجاه الصعودي.
وفي المقابل، فإن عودة قوة الدولار الأميركي أو صدور بيانات اقتصادية ضعيفة من الصين أو أوروبا قد يضغطان على الأسعار نحو التراجع.
أسعار النفط في ميزان العرض والطلب
تُعتبر معادلة العرض والطلب المحرك الأساسي للسوق. ففي الوقت الذي تتراجع فيه المخزونات، يبقى الطلب العالمي متذبذباً. وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب على النفط سيواصل النمو في 2025، لكن بوتيرة أبطأ مقارنة بالسنوات السابقة، بسبب التحول المتسارع نحو مصادر الطاقة المتجددة.
هذا التوازن الدقيق يجعل من الصعب التكهن بالاتجاه العام، لكنه يفتح المجال أمام تقلبات متكررة حسب طبيعة البيانات والأحداث الجيوسياسية الطارئة.
خلاصة
في ظل تراجع المخزونات الأميركية، وتعثر صادرات كردستان، وتقلص الإمدادات الفنزويلية، تظل أسعار النفط مدعومة بعوامل قوية على المدى القصير. ومع ذلك، تبقى المخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي واحتمال زيادة الإمدادات الأميركية عوامل كبح محتملة. لذلك، يُتوقع أن تستمر الأسعار في التذبذب القوي خلال الفترة المقبلة.
ما أسباب ارتفاع أسعار النفط اليوم؟
الارتفاع جاء نتيجة تراجع المخزونات الأميركية، وتعثر صادرات الخام من كردستان العراق، إضافة إلى القيود المفروضة على صادرات فنزويلا.
ما هي أسعار خام برنت وغرب تكساس حالياً؟
خام برنت عند 67.75 دولار للبرميل، بينما خام غرب تكساس الوسيط الأميركي عند 63.55 دولار للبرميل.
ما تأثير بيانات المخزونات الأميركية على أسعار النفط؟
تراجع المخزونات الأميركية يعزز المخاوف من نقص المعروض، ما يدعم الأسعار. أما إذا أظهرت البيانات زيادة كبيرة في المخزونات فقد يضغط ذلك على الأسعار نحو الهبوط.
هل من المتوقع أن تعود صادرات كردستان قريباً؟
رغم وجود اتفاق مبدئي، إلا أن الخلافات المالية لا تزال تعرقل استئناف الصادرات، ما يجعل عودة التدفقات غير مؤكدة في المدى القريب.
كيف تؤثر القيود على صادرات فنزويلا على السوق؟
القيود الأميركية تحد من تدفقات الخام الفنزويلي الثقيل، ما يقلص المعروض في السوق ويزيد من الضغوط الصعودية على الأسعار.
هل يمكن أن نشهد مستويات أعلى لأسعار النفط قريباً؟
إذا استمرت العوامل الحالية، مثل تراجع المخزونات وتعثر الصادرات، فقد ترتفع الأسعار أكثر، لكن أي تباطؤ اقتصادي عالمي قد يحد من هذا الارتفاع.
تنويه: هذا المقال لأغراض إخبارية وتحليلية فقط، ولا يُمثل بأي حال نصيحة استثمارية. جولد إيجلز غير مسؤولة عن أي قرارات استثمارية مبنية على محتوى هذا التقرير.






















