المؤشرات الأوروبية ترتفع في بداية الجلسة بعد قرار الفدرالي بخفض الفائدة
بدأت المؤشرات الأوروبية تعاملات اليوم الخميس على ارتفاع ملحوظ، بعد أن أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي خفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع من قبل الأسواق. هذا القرار أعاد بعض الثقة إلى المستثمرين الأوروبيين الذين كانوا يعيشون حالة من الترقب والحذر خلال الأسابيع الماضية.
تفاصيل أداء المؤشرات الأوروبية
على صعيد التداولات، ارتفع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 0.5% مسجلاً 553 نقطة، بدعم من أسهم التكنولوجيا والطاقة. كما صعد مؤشر فوتسي البريطاني بنحو 0.1% عند 92220 نقطة. أما مؤشر داكس الألماني فارتفع 1% ليصل إلى 23602 نقطة، بينما صعد مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 0.6% ليسجل 7835 نقطة. هذا الأداء يعكس حالة التفاؤل الأولية بعد قرار الفدرالي، لكن المحللين يؤكدون أن الطريق لا يزال مليئاً بالتحديات.
قرار الفدرالي الأميركي وتأثيره على الأسواق
قرار الفدرالي الأميركي بخفض معدل الفائدة هو الأول منذ بداية العام 2025، وجاء في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد الأميركي تباطؤاً في وتيرة النمو. ووفقاً لبيان البنك المركزي، فقد أظهرت البيانات الأخيرة تراجعاً في نمو الوظائف وارتفاعاً طفيفاً في معدل البطالة، في حين تراجعت بعض المؤشرات الصناعية والخدمية.
رئيس الفدرالي جيروم باول شدد في مؤتمره الصحفي على أن السياسة النقدية “ليست على مسار محدد سلفاً”، موضحاً أن كل قرار مستقبلي سيكون معتمداً على البيانات الاقتصادية. كما أشار إلى أن الفدرالي “ملتزم بقوة بالحفاظ على استقلاله”، في إشارة واضحة إلى الضغوط السياسية التي يتعرض لها البنك.
رد فعل الأسواق الأميركية والعالمية
في وول ستريت، شهدت المؤشرات الأميركية تقلبات حادة بعد القرار، حيث رحب المستثمرون بخفض الفائدة لكنهم ظلوا مترددين بشأن مسار السياسة النقدية القادمة. أما على الصعيد العالمي، فقد ارتفعت أسعار الذهب قليلاً بعد تراجع عوائد السندات الأميركية، بينما تعرض الدولار لموجة بيع محدودة، وهو ما منح اليورو والجنيه الإسترليني بعض الدعم.
ترقب الأسواق لقرار بنك إنكلترا
الأنظار تتجه اليوم إلى بنك إنكلترا الذي سيُعلن قراره بشأن معدلات الفائدة في وقت لاحق. التوقعات تشير إلى أن البنك سيُبقي الفائدة عند مستوياتها الحالية، خاصة مع تراجع التضخم نسبياً في الأشهر الأخيرة، لكنه لا يزال أعلى من مستهدفاته. المستثمرون يعتبرون قرار بنك إنكلترا عاملاً أساسياً في تحديد اتجاه الأسواق الأوروبية خلال الفترة المقبلة، إذ إن أي مفاجأة قد تؤدي إلى تقلبات حادة في العملات والأسهم البريطانية.
الخلفية التاريخية لقرارات الفائدة وأثرها على أوروبا
لطالما ارتبطت المؤشرات الأوروبية ارتباطاً وثيقاً بالسياسة النقدية الأميركية. ففي الأعوام الماضية، أدت قرارات الفدرالي سواء برفع أو خفض الفائدة إلى تحركات واسعة في أسواق الأسهم الأوروبية. على سبيل المثال، في عام 2019 عندما خفض الفدرالي الفائدة ثلاث مرات متتالية، ارتفعت المؤشرات الأوروبية بقوة، مستفيدة من تدفقات رؤوس الأموال الباحثة عن عوائد أفضل.
وبالمثل، عندما رفع الفدرالي الفائدة بشكل متسارع في 2022 و2023، تعرضت الأسواق الأوروبية لضغوط كبيرة بسبب خروج رؤوس الأموال وتراجع شهية المخاطرة. لذلك، يُنظر إلى قرار الأمس باعتباره إشارة إيجابية للأسواق العالمية، حتى وإن كان تأثيره محدوداً على المدى القصير.
انعكاسات القرار على القطاعات الأوروبية
القرار الأميركي لم يؤثر على المؤشرات فقط، بل امتد إلى قطاعات بعينها. فقد ارتفعت أسهم البنوك الأوروبية التي تستفيد من استقرار أسواق السندات، كما صعدت أسهم التكنولوجيا بدعم من التفاؤل بنمو الطلب العالمي. في المقابل، بقيت أسهم شركات الطاقة متقلبة مع استمرار تذبذب أسعار النفط.
الذهب والعملات تحت المجهر
الذهب استفاد من أجواء الترقب والقلق، حيث ارتفع بشكل طفيف ليبقى قريباً من أعلى مستوياته التاريخية. أما العملات، فقد شهدت تحركات محدودة نسبياً، لكن الاتجاه العام يشير إلى ضعف الدولار مقابل عملات رئيسية مثل اليورو والين الياباني.
تحديات مستقبلية أمام الأسواق الأوروبية
على الرغم من الارتفاع الحالي في المؤشرات الأوروبية، إلا أن التحديات لا تزال كبيرة. فاقتصاد منطقة اليورو يعاني من تباطؤ حاد في النمو، خاصة المؤشرات الأوروبية في ألمانيا التي تواجه صعوبات في قطاع الصناعة. كما أن ارتفاع أسعار الطاقة وتباطؤ التجارة العالمية يمثلان عقبتين أمام استدامة التعافي.
إضافة إلى ذلك، فإن حالة عدم اليقين الجيوسياسي، سواء في الشرق الأوسط أو آسيا، تلقي بظلالها على الأسواق وتزيد من تقلباتها. وبالتالي، فإن أي تحسن في المؤشرات قد يكون مؤقتاً إذا لم ترافقه إصلاحات اقتصادية أوسع وسياسات مالية داعمة للنمو.
ماذا بعد قرار الفدرالي؟
السؤال الأبرز الذي يشغل المستثمرين الآن هو: هل سيواصل الفدرالي خفض الفائدة في اجتماعاته المقبلة، أم أن هذه الخطوة كانت لمرة واحدة فقط؟ تصريحات باول توحي بأن البنك سيتحرك بحذر شديد، وأنه لن يتخذ قرارات متسرعة دون دلائل قوية على تباطؤ الاقتصاد أو ارتفاع المخاطر.
في المقابل، بعض المحللين يرون أن الفدرالي قد يضطر لمزيد من الخفض إذا استمرت مؤشرات البطالة في الارتفاع أو إذا واجه الاقتصاد الأميركي ركوداً تقنياً. وفي هذه الحالة، قد تستفيد المؤشرات الأوروبية من تدفقات رؤوس الأموال الباحثة عن ملاذات آمنة خارج الولايات المتحدة.
الخلاصة
بداية جلسة اليوم أوضحت أن قرار الفدرالي بخفض معدل الفائدة منح دفعة إيجابية للأسواق، وخصوصاً المؤشرات الأوروبية التي افتتحت على ارتفاعات جماعية. ومع ذلك، يبقى الاتجاه العام مرهوناً بتطورات الاقتصاد العالمي وقرارات البنوك المركزية الأخرى مثل بنك إنكلترا. وبين التفاؤل الحذر والمخاطر القائمة، تظل الأسواق في حالة ترقب دائم لما ستكشف عنه البيانات والأحداث في الأشهر المقبلة.
تنويه جولد إيجلز: هذا المقال لأغراض إعلامية فقط ولا يُمثل بأي شكل توصية استثمارية مباشرة. التداول في الأسواق المالية ينطوي على مخاطر عالية وقد يؤدي إلى خسارة رأس المال.






















