العملات المشفرة تتعافى من موجة بيع حادة.. والبتكوين تعاود الارتفاع فوق 100 ألف دولار
لتعاود البتكوين —أكبر الأصول الرقمية من حيث القيمة السوقية— الارتفاع فوق حاجز 100 ألف دولار،
مسجلة مكاسب بنحو 1.2% إلى 101.72 ألف دولار. وامتد التحسّن إلى الإيثريوم الذي صعد 3.3% إلى 3297.26 دولار،
وسولانا التي ارتفعت 1.8% إلى 155.42 دولار. جاء هذا الارتداد بعد عمليات بيع مكثفة غذّاها تزايد الحذر من تقييمات
مرتفعة في الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ما زاد إحجام المستثمرين مؤقتًا عن الأصول ذات المخاطر الأعلى.
ورغم أن البتكوين كسرت يوم الثلاثاء مستوى 100 ألف دولار للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة أشهر، فإن سرعة الارتداد
تشير إلى استمرار الطلب الكامن عند الحواجز النفسية الرئيسية، وإلى أن السيولة المؤسسية —على الرغم من تقلبها— ما
زالت حاضرة عند الانخفاضات الحادة. في المقابل، يعكس اتساع الارتفاع إلى عملات كبرى أخرى تحسّنًا في شهية المخاطرة
داخل سوق العملات المشفرة ككل، وليس مجرد حركة معزولة في البتكوين.
لماذا ارتدت العملات المشفرة سريعًا بعد الهبوط؟
يتقاطع تعافي العملات المشفرة مع عدة عوامل. أولًا، تمثل المستويات النفسية الكبيرة —مثل 100 ألف
دولار للبتكوين— مناطق تجمّع أوامر شراء مفعّلة مسبقًا، ما يخلق قيعانًا مؤقتة عند الاختراق الهابط ثم يعقبها ارتداد
سريع. ثانيًا، تدفع سيولة صناديق المؤشرات والمنتجات المتداولة (ETPs) تجاه إعادة موازنة المراكز عندما ترتفع
التقلبات، فتتحول تدفقات البيع القسرية إلى تدفقات شراء فنية بمجرد استقرار الأسعار، خصوصًا مع المحافظ الخوارزمية
التي تستهدف نطاقات مخاطرة محددة.
ثالثًا، ارتبط هبوط الثلاثاء بمزاج حذر تجاه أسهم الذكاء الاصطناعي، حيث انخفض مؤشر ناسداك المركّب بأكثر من 1% وسط
عمليات جني أرباح على أسهم قيادية مثل «بالانتير»، رغم تصريحات ونتائج قوية؛ وهو نمط أصبح مألوفًا حين يُنظر إلى
التقييمات على أنها بالغت في تسعير نمو السنوات المقبلة. وبما أن جزءًا معتبرًا من قاعدة المستثمرين النشطين يقتسم
التعرض بين أسهم الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، فإن ضغوط أحد الجانبين تمتد عادة إلى الآخر.
ومع أي تهدئة سريعة في أسهم التكنولوجيا، تتسع نافذة الارتداد للأصول الرقمية.
وأخيرًا، يستفيد السوق من سردية بنيوية طويلة الأجل: استخدامات البلوكتشين، وتطوّر حلول الطبقة الثانية، وتزايد
الاهتمام المؤسسي بأدوات الحفظ والتسوية، إلى جانب اتساع الأطر التنظيمية في عدد من الاقتصادات الكبرى. هذه العناصر لا
تلغي التقلبات قصيرة المدى لكنها توفر أرضية أساسية تمنع انهيارات ممتدة ما لم تتغير الفرضيات الكلية جذريًا.
صورة السوق: بتكوين، إيثريوم، سولانا
بتكوين: قوة الحاجز النفسي
العودة فوق 100 ألف دولار تعيد تثبيت منطقة دعم نفسية وفنية معًا. تاريخيًا، تمثل الأرقام المئوية العالية محطات
لإعادة التقييم؛ إذ تُظهر بيانات السلوك السعري أن الاختراقات الهابطة دون الحاجز سرعان ما تُقابل بتجميع قوي عندما
لا تصاحبها صدمات كلية. كما أن بقاء الزخم اليومي إيجابيًا —ولو بشكل هادئ— يدعم سيناريو إعادة الاختبار فوق
102–105 آلاف دولار حال استقرار شهية المخاطرة.
إيثريوم: حساسية أعلى للسيولة
قفزة الإيثريوم بنسبة 3.3% إلى 3297.26 دولار تُبرز مرونته عند موجات إعادة التسعير، إذ إن ترابطه مع تدفقات التمويل
اللامركزي واهتمام المطورين يجعله أسرع استجابةً عندما تتراجع حدة الذعر. ويعزز ذلك مسار التحديثات التقنية، ونمو
تطبيقات العقود الذكية، وتحسّن قابلية التوسع عبر حلول الطبقة الثانية.
سولانا: اختبار استدامة الزخم
ارتفاع سولانا 1.8% إلى 155.42 دولار يأتي امتدادًا لحركتها السريعة خلال فترات التفاؤل. تبقى المخاطر أعلى نسبيًا
مقارنةً بالبتكوين والإيثريوم بسبب حساسية أكبر لتدفقات المضاربة، لكن تحسّن السيولة على الشبكة، ونشاط التطبيقات،
يساعدان على امتصاص موجات البيع القصيرة إذا لم تتفاقم الضغوط الكلية.
العوامل الاقتصادية والسياقية المحركة للسوق
لا تتحرك العملات المشفرة في فراغ؛ بل تتفاعل مع الدولار، عوائد السندات، وتوقعات السياسة النقدية.
عندما يميل المزاج نحو تشديد أطول أو دولار أقوى، تتراجع الأصول ذات المخاطر المرتفعة، والعكس بالعكس. كما أن موجة
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي —التي دفعت التقييمات إلى مستويات قياسية— خلقت ترابطًا نفسيًا بين أداء أسهم
التكنولوجيا واسعة النمو والعملات الرقمية، خاصة مع سيطرة شريحة واحدة من المستثمرين الأفراد والمؤسسات على الجانبين.
وعليه، فإن أي تصحيح حاد في أسهم الذكاء الاصطناعي يؤدي عادة إلى تقليص المخاطرة عبر المحافظ ككل، قبل أن تعود
عمليات الاصطياد عند القيعان في العملات المشفرة بمجرد انحسار ضغط البيع القسري. هذا ما رأيناه في
جلسة الأربعاء: ارتداد مُنظّم قاده حاجز نفسي قوي في البتكوين، وتبعه تحسّن تدريجي في الإيثريوم وسولانا.
توقعات البتكوين قصيرة الأجل: قراءة فنية وسوقية
فنيًا، التعامل مع 100 ألف دولار كمنطقة محورية يبدو منطقيًا في الأجل القصير. استمرار الإغلاق اليومي فوق هذا المستوى
يُبقي احتمالات إعادة اختبار نطاق 102–105 آلاف دولار قائمة، مع وجود مقاومات تالية بالقرب من 107–110 آلاف دولار.
على الجانب الدفاعي، يشكل نطاق 98–99 ألف دولار منطقة دعم أولى يجب مراقبتها؛ إذ إن كسرها بإغلاق واضح قد يفتح المجال
لزيارة 95–96 ألفًا حيث تتجمع أوامر شراء أعمق.
سوقيًا، يظل توازن العوامل مرهونًا بموجات التقلب في أسهم التكنولوجيا، وبأي تطورات مفاجئة في السيولة العالمية. إذا
استقر المزاج في «الناسداك» بعد موجة جني الأرباح، فمن المرجح أن يحافظ البتكوين على مسار جانبي مائل للصعود، مدعومًا
بتدفقات انتقائية من محافظ تبحث عن التعرض للأصول النادرة («ديجيتال سكارسيتي») دون الإفراط في الرافعة المالية. أما
إذا تواصل الضغط على أسهم الذكاء الاصطناعي، فقد نرى نطاقًا تذبذبيًا أوسع لكن مع وجود مشترٍ واضح عند الانخفاضات
الحادة قرب 100 ألف وما دونها بقليل.
الخلاصة القصيرة: السيناريو المرجّح على المدى القريب هو تداول متذبذب فوق 100 ألف مع محاولات تدريجية لاختبار
105 آلاف، على أن يبقى المسار مشروطًا بغياب صدمات كلية وبتوازن تدفقات المحافظ الخوارزمية.
ماذا تعني هذه الحركة لمستثمري العملات المشفرة؟
تعلّم حركة اليوم المستثمرين درسين أساسيين. الأول: التحركات الحادة في العملات المشفرة كثيرًا ما
تغذّيها عوامل تقنية قصيرة الأجل، لذا فإن إدارة المراكز عبر مستويات نفسية/فنية واضحة —لا سيما للحواجز المئوية—
تبقى حاسمة. الثاني: ترابط السوق مع أسهم الذكاء الاصطناعي ليس محصلة علاقة سببية مباشرة بقدر ما هو قاسم مشترك في
قاعدة المستثمرين، ما يعني أن ضبط الانكشاف الكلي عبر فئات الأصول قد يقلّل من أثر الدورات النفسية الحادة.
وعلى المدى المتوسط، يستمر السرد البنيوي الداعم: بنى تحتية أكثر نضجًا، أطر تنظيمية تتقدّم —ولو ببطء متفاوت—،
وانخراط مؤسسي انتقائي. هذه العوامل لا تضمن مسارًا صاعدًا مستقيمًا، لكنها ترفع من احتمال تحوّل الانخفاضات
التكتيكية إلى فرص إعادة تموضع، بشرط الالتزام بإدارة مخاطر منضبطة وعدم الاستفادة من الرافعة المالية المفرطة.
نصيحة استثمارية. أداء الأصول الرقمية شديد التقلب وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. قم بإجراء بحثك الخاص واستشر
مستشارك المالي قبل اتخاذ أي قرارات.
لماذا يرتبط أداء العملات المشفرة بأداء أسهم الذكاء الاصطناعي؟
يعود ذلك إلى تشابه قاعدة المستثمرين ودوائر السيولة، حيث يدير كثيرون تعرضًا مشتركًا للتكنولوجيا عالية النمو
والأصول الرقمية. عندما تتعرض أسهم الذكاء الاصطناعي لجني أرباح سريع، تقلّص المحافظ المخاطرة ككل، فتضغط مؤقتًا على
العملات المشفرة، والعكس صحيح عند تحسّن المزاج.
هل كسر البتكوين لمستوى 100 ألف دولار إشارة سلبية طويلة الأجل؟
ليس بالضرورة. في أسواق ذات طابع نفسي قوي، قد يتحول الكسر السريع للحواجز إلى «اختبار» يجذب أوامر شراء متجمعة
مسبقًا. الأهم هو أين يُغلق السعر يوميًا وأسبوعيًا، وكيف يتصرف عند إعادة الاختبار. طالما ظل فوق 100 ألف في
المتوسط القصير، تبقى النظرة محايدة مائلة للتعافي.
ما أهم مستويات المراقبة القريبة لبتكوين؟
دعم أولي: 98–99 ألف دولار، ثم 95–96 ألفًا. مقاومات قريبة: 102–105 آلاف، ثم 107–110 آلاف. اختراقات مؤكدة بإغلاقات
واضحة فوق المقاومة —أو دون الدعم— قد تغيّر التوقعات قصيرة الأجل.
هل يُنصح باستخدام الرافعة المالية في هذه المرحلة؟
التقلبات المرتفعة ترفع مخاطر التصفية القسرية. يفضّل استخدام هوامش أمان كافية، وتحديد مستويات وقف خسارة واضحة،
وتجنّب الإفراط في الرافعة، خاصة عندما يكون الترابط مع أسهم التكنولوجيا عاملًا مضاعفًا للتقلب.






















