السلطات في هونغ كونغ تضغط على الأعمال الصغيرة المرتبطة بالحراك الديمقراطي تحت ذريعة الأمن القومي في هونغ كونغ
بينما هدأت موجات الاعتقالات الجماعية التي طالت النشطاء المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ خلال السنوات الماضية، يبدو أن السلطات الصينية مستمرة في إحكام قبضتها بطرق أقل وضوحًا وأكثر تأثيرًا. إذ تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالنشطاء السابقين في المدينة موجة من الضغوط التنظيمية والتفتيشات المتكررة والبلاغات المجهولة، في إطار نهج ممنهج لطمس أي وجود معارض تحت ستار “الأمن القومي في هونغ كونغ”.
القصة من البداية: من الاحتجاجات إلى الرقابة اليومية
في عام 2019، شهدت هونغ كونغ احتجاجات حاشدة مطالبة بالديمقراطية والحد من هيمنة بكين. وبعد تصاعد وتيرة المظاهرات، قامت الصين بفرض قانون الأمن القومي في 2020، الذي شكّل منعطفًا حادًا في الحياة السياسية والاجتماعية بالمدينة. هذا التأثير يمتد إلى الأمن القومي في هونغ كونغ بشكل كبير.
ومنذ ذلك الحين، تم سجن عشرات السياسيين المعارضين، وأُغلقت مؤسسات إعلامية بارزة مثل صحيفة Apple Daily. وفي عام 2024، تبنّت هونغ كونغ قانونها المحلي للأمن القومي، ما زاد من الصلاحيات الرقابية على المواطنين والمؤسسات، مما يؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي في هونغ كونغ.
الضغوط الجديدة على المتاجر والمشروعات الصغيرة
ما لم يكن واضحًا للعامة هو أن التضييق لم يعد مقتصرًا على السياسيين والنشطاء؛ بل امتد ليشمل مطاعم ومكتبات ومخابز تابعة لأفراد ارتبطوا سابقًا بالحراك الديمقراطي. تشمل هذه الضغوط:
- تفتيشات صحية متكررة
- شكاوى مجهولة المصدر
- تهديدات بسحب التراخيص
- رسائل تحذيرية من السلطات
مكتبة ليتيسيا وونغ
ليتيسيا وونغ، عضوة سابقة في المجلس المحلي، تدير مكتبة صغيرة، لكنها تواجه تدخلات متكررة من السلطات. إذ تشير سجلاتها إلى 92 إجراء رقابي من مختلف الجهات الحكومية بين يوليو 2022 ويونيو 2025، شملت:
- زيارات ميدانية من قسم الإطفاء والتفتيش الصحي
- رسائل تحذيرية بشأن فعاليات غير مرخصة
- دوريات شرطية متكررة خارج المتجر
قالت وونغ:
“بعض المخالفات تبدو تافهة… لكنها كافية لتجعل حياتك جحيمًا قانونيًا.”
في ردها، أوضحت إدارة الإطفاء أنها أجرت التفتيشات بناءً على “بلاغات متعددة”، وأن المكتبة فشلت في توفير شهادات صالحة لطفايات الحريق وإضاءة الطوارئ.
المخابز والمطاعم أيضًا ليست في مأمن
لم تكن حالة وونغ الوحيدة. مخبز محلي كان قد علّق زينة مؤيدة للديمقراطية عام 2019، لاحظ ارتفاع وتيرة التفتيشات الصحية من مرة كل 3 أشهر إلى مرة شهريًا، وسط بلاغات عن أخطاء بسيطة في “الملصقات الغذائية”.
أما أحد مالكي المطاعم، فقد تلقى رسالة رسمية تُخبره بأن ترخيص المطعم قد يُسحب إذا تبيّن أنه يهدد “الأمن القومي أو المصلحة العامة”. قال صاحب المطعم:
“لا أحد يخبرنا ما الذي يُعد تهديدًا. خطأ بسيط قد يُنهي كل شيء.”
شكاوى مجهولة تقطع الأرزاق
إلى جانب الرقابة المباشرة، يبدو أن البلاغات المجهولة أصبحت أداة فعالة لتصفية الحسابات. ففي إحدى الحالات، أرسل مجهول رسالة إلى الجهة المنظمة لفعالية في مكتبة وونغ، ما أدى إلى إلغاء الحجز فورًا هناك، وهو ما يسهم في الأمن القومي في هونغ كونغ بشكل سلبي.
وفي حالات أخرى:
- فُقدت وظائف حرة بعد تدخل ممولين.
- وُجهت رسائل تحذيرية لأصحاب العقارات بعدم تأجير ممتلكاتهم لأشخاص “مشبوهين”.
- تلقت إحدى المدارس رسالة تتهم أستاذة علم الاجتماع بأنها “أزعجت” طالبًا، رغم عدم توجيه أي تهم رسمية لها.
القمع الثقافي: المسرح والتعليم أيضًا مستهدفان
تشان كيم-كام، عضوة سابقة في المجلس المحلي، خسرت أدوارًا في أعمال مسرحية وفرصًا تعليمية بعد ضغوط مورست على الشركاء والجهات المنظمة. في إحدى الحالات، أُجبر فريق المسرحية على استبعادها أو فقدان مكان العرض.
الأسهم الأمريكية تواصل الارتفاع وتضع وول ستريت على طريق قمم تاريخية جديدة
تقول تشان:
“عندما تتحول ثقافة التبليغ إلى عادة مجتمعية، تختفي الثقة بين الناس، ويتحول المجتمع إلى شبكة رقابة متبادلة.”
تعليق وتحليل: “حكم القانون” أم “واجهة سلطوية”؟
يرى الباحث القانوني إريك لاي من جامعة جورجتاون أن ما يجري في هونغ كونغ هو استغلال منظم للقوانين التنظيمية كأداة رقابة سياسية. فالقضاء المحلي عاجز عن كبح جماح السلطة التنفيذية، في ظل تضييق لا يحتاج إلى تهم أو محاكمة، بل يكتفي بالشبهات والشكوك، مما يؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي في هونغ كونغ.
في أحد التصريحات، قال مسؤول الأمن كريس تانغ إنه “يجب على عامل النظافة الإبلاغ عن أي كلمات قد تُهدد الأمن القومي أثناء عمله”، وهو ما يرسخ فكرة أن كل فرد قد يتحول إلى مراقب للأمن القومي في هونغ كونغ.
من صوت المعارضة إلى هامش المجتمع
قالت تشان بو-يينغ، رئيسة حزب “رابطة الديمقراطيين الاجتماعيين”، الذي أعلن حله مؤخرًا:
“الحكومة كانت تقول إنها تستهدف أقلية… اليوم، الجميع أصبح مستهدفًا.”
هذا التحول من الاستهداف السياسي إلى الضغط المجتمعي والاقتصادي يُظهر أن الحملة على الحريات في هونغ كونغ لم تنتهِ، بل تطورت إلى أشكال أكثر خفاءً وأكثر تأثيرًا على الأمن القومي في هونغ كونغ.






















