الركود الأميركي: BCA Research تخفّض الاحتمالات إلى 50% وتحذّر من بقاء المخاطر مرتفعة
قالت BCA Research إن الاقتصاد الأميركي “على الحافة” إذ خفّضت احتمال الركود الأميركي خلال 12 شهراً من 60% إلى 50%—وهي نسبة لا تزال مرتفعة تاريخياً—محذّرة من أن أي
تباطؤ واضح في الطلب أو موجة تسريح واسعة قد يبدّل مسار الدورة سريعاً. وبينما يتسم موقفها قصير الأجل على الأسهم بـ“الحياد إلى الإيجابي الطفيف” لمدى 1–3 أشهر، فإنها تبقى “منخفضة الوزن” للأسهم على مدى 12 شهراً، مع
ميلٍ تكتيكي يفضّل الدفاعيات على الدورات.
ما الجديد في تقدير المخاطر ولماذا يبقى الركود الأميركي احتمالاً قائماً؟
خفضُ الاحتمال إلى 50% لا يعني اختفاء خطر الركود الأميركي؛ بل يعكس اقتراب الاقتصاد من نقطة توازن حسّاسة بين مسارين: تباطؤ الطلب بما يكفي لجرّ الاقتصاد إلى انكماش، أو تسارع النشاط بما يعيد
إشعال موجة تضخمية ثانية. وفق التقرير الفصلي للاستراتيجية (الربع الرابع 2025)، ترى BCA أن السيناريو الأول (التباطؤ) يحمل فرصة 50%، بينما تمنح 20% لاحتمال إعادة التسارع التضخمي، و30% فقط لـ
الهبوط الناعم حيث يستقر النمو قرب مستواه المحتمل لفترة ممتدة.
حساسية التوقعات تنبع من توازن متقلب بين استهلاك متماسك مدعوم بسوق عمل لا تزال متينة من جهة، وتشدد مالي أطول أمداً وارتفاع كلفة الأموال من جهة أخرى. ويعني ذلك أن الصدمات الصغيرة—سواء في الأجور، التسريحات،
أو الائتمان—قادرة على دفع الميزان في أي اتجاه خلال الأشهر المقبلة.
مؤشرات التحوّل التي تراقبها BCA: أين يختبئ الخطر؟
- سوق العمل: تصاعد وتيرة التسريحات سيفتح الباب لتحوّل سلبي “ملحوظ” في موقف BCA تجاه الأسهم.
- إنفاق شركات الذكاء الاصطناعي: هبوط حاد في أسهم “شركة كبرى في الذكاء الاصطناعي” بعد إعلان جولة إنفاق رأسمالي بمليارات الدولارات قد يكون محفّزاً لموجة تخارج أوسع من أسهم النمو.
- ائتمان الشركات: الفوارق الائتمانية الحالية تفترض هبوطاً واضحاً في معدلات التعثر—وهو ما تصفه BCA بأنه “غير مرجّح حتى في الهبوط الناعم، وشبه مستحيل في حالة الركود”.
- التضخم الأساسي: أي عودة مقنعة لزخم الأسعار قد تجبر السياسة النقدية على التشدد لفترة أطول، ما يرفع مخاطر الركود الأميركي.
الأسهم الأميركية: حياد تكتيكي قصير الأجل… وتحفّظ استراتيجي
على مدى 1–3 أشهر، يشير نموذج MacroQuant لدى BCA إلى ميلٍ “محايد إلى إيجابي طفيف” للأسهم، ما يعكس مرونة أرباح الشركات الكبرى وتراجع بعض ضغوط التقييم بعد التقلبات الأخيرة. لكن الصورة
الاستراتيجية على مدى 12 شهراً تميل إلى خفض الوزن النسبي للأسهم، للأسباب التالية:
- خطر تحوّل مفاجئ في سوق العمل يضغط على الاستهلاك وأرباح الشركات.
- تراكم استثمارات هائلة في الذكاء الاصطناعي قد يخلق حلقات تقلب إذا تعثرت توقعات العائد على رأس المال.
- تقييمات النمو ما زالت مرتفعة نسبياً مقارنة بالقطاعات الدفاعية والقيمة.
لذلك توصي BCA بـتفضيل الدفاعيات على الدورية، مع “ترقّب فرصة للالتفات نحو القيمة على حساب النمو، ونحو غير الأميركي على حساب الأميركي” عندما تتحسن نسب المخاطرة/العائد خارج الولايات المتحدة.
السندات الأميركية: ميلٌ طفيف للمدد الطويلة… لكن القوى الهيكلية تبقى «معادية للسندات»
على أفق 12 شهراً، توصي BCA بـانحياز طفيف للمدة الطويلة، إذ قد يستفيد المستثمر من أي تباطؤ اقتصادي يضغط على العوائد الاسمية. لكن النظرة الهيكلية الأطول أجلاً تبقى “سلبية للسندات” نتيجة
عوامل مثل العجوزات المالية المرتفعة والتمويل العام المكلف والاحتياجات التمويلية المتزايدة، ما قد يحدّ من هبوط العوائد على المدى الطويل ويُبقي مسار الدخل الثابت متقلباً.
الدولار والذهب: نطاق عرضي للدولار… و«منتصف أدوار» سوق صاعدة للذهب
الدولار الأميركي
تتوقع BCA بقاء الدولار في نطاق عرضي على المدى القريب قبل استئناف مساره الضعيف لاحقاً. السرد الكلي مختلط: عوائد حقيقية مرتفعة تميل لدعم الدولار تكتيكياً، لكن اتساع العجزين المالي
والحسابي وتخفيف دورة التشدد النقدي لاحقاً يدفعان إلى ضعف بنيوي تدريجي.
الذهب
تصف BCA الذهب بأنه في منتصف أدوار سوق صاعدة علمانية. المزج بين مخاطر الركود الأميركي، تذبذب التضخم، وتنوع الاحتياطيات العالمية يعزز الطلب الاستثماري والرسمي على المعدن، فيما تُبقي
المخاطر الجيوسياسية نافذة التحوّط مفتوحة. هذا السياق يدعم توازن محافظٍ يضم نسبة من الذهب حتى مع سيناريو “هبوط ناعم”.
كيف تبني محفظة تكتيكية في بيئة «الاحتمالات المتقاربة»؟
عندما تتقارب احتمالات السيناريوهات (ركود/هبوط ناعم/موجة تضخمية ثانية)، يتحول سؤال التخصيص إلى معادلة حماية ومتانة أكثر من كونه رهان اتجاه أحادي. فيما يلي إطار عمل مختصر:
- نواة دفاعية: قطاعات المرافق، السلع الاستهلاكية الأساسية، والرعاية الصحية قد توفر اتساق أرباح أعلى في حال ترسّخ الركود الأميركي.
- طبقة قيمة: البنوك المختارة والشركات الصناعية ذات الميزانيات القوية قد تستفيد من إعادة تسعير لصالح “القيمة” عند أي تبدّل في معنويات السوق بعيداً عن أسهم النمو المكلفة.
- حصة ذهب: مكوّن تحوّطي ضد مخاطر السياسة/التضخم/الدولار، مع مراجعة الوزن دورياً.
- سندات مدة أطول بشكل متزن: للاستفادة من أي هبوط تكتيكي في العوائد خلال فترات التباطؤ—مع وعي بالمخاطر الهيكلية.
- تنويع جغرافي: النظر في زيادة الوزن خارج الولايات المتحدة عندما تتحسن الفوارق التقييمية والأرباح المعدلة للدورات المحلية.
السيناريوهات الثلاثة: مفاتيح القراءة والاستجابة
1) سيناريو الركود (≈ 50%)
إشارات مبكرة: ارتفاع طلبات إعانة البطالة، اتساع فوارق الائتمان عالية العائد، هبوط حاد في مؤشرات مديري المشتريات، وتراجع ثقة المستهلك. في هذا السيناريو، تُفضَّل الدفاعيات والذهب والسندات طويلة الأجل
نسبياً، بينما تتعرض أسهم النمو والدورية لضغوط أكبر.
2) سيناريو الهبوط الناعم (≈ 30%)
يستقر النمو قرب إمكاناته مع اعتدال التضخم تدريجياً. هنا ترتفع احتمالات أداء “متوازن” بين القطاعات، مع عوائد اسمية مستقرة وميلٍ تدريجي نحو المخاطرة المنضبطة. تبقى الركود الأميركي كلمة
مفتاحية في المراقبة، لكن المخاطر الكلية تنحسر ببطء.
3) عودة التسارع التضخمي (≈ 20%)
تُعيد الركود الأميركي الركود الأميركي مفاجآت الأسعار/الأجور تسخين التضخم، ما قد يطيل بقاء السياسة النقدية في المنطقة المقيِّدة. يتضرر الدخل الثابت، ويواجه مضاعف الربحية لأسهم النمو ضغطاً جديداً، فيما يستفيد الذهب جزئياً كتحوّط من فقدان
القوة الشرائية وتذبذب العملة.
ماذا يعني ذلك للمستثمر اليوم؟
- اعتمد ميزان مخاطرة دفاعي حتى اتضاح اتجاه سوق العمل والائتمان.
- راقب نقاط الانعطاف: التسريحات، الفوارق الائتمانية، مؤشرات الطلب، وإعلانات الإنفاق الرأسمالي الضخمة في شركات الذكاء الاصطناعي.
- لا تُسعّر المحافظ “الكمال” في مسار التعثر الائتماني؛ اترك هامش أمان.
- استفد تكتيكياً من المدة الأطول في السندات—لكن دون إفراط—تحسباً لتبدّل العوائد في فترات التباطؤ.
- حافظ على حصة ذهب كطبقة تحوّط متعددة المخاطر.
- ما الفرق العملي بين “احتمال 50%” و“ركود مُرجّح”؟
- النسبة 50% تعني أن المسارين الرئيسيين (ركود/لا ركود) متقاربان في الاحتمال، لذا تزداد قيمة التحوّط والتوازن في المحافظ، بدلاً من الرهان على اتجاه واحد.
- كيف يؤثر الركود الأميركي على الذهب والدولار؟
- عادةً يدعم الركود الطلب على الذهب كملاذ ويحدّ من مكاسب الدولار إن اتجهت السياسات إلى التيسير لاحقاً؛ لكن توازن العوائد الحقيقية وتدفقات الملاذ قد يبقي الدولار في نطاق عرضي تكتيكياً.
- هل السندات الطويلة خيار بديهي الآن؟
- هناك “ميل طفيف” للمدد الطويلة على أفق عام للاستفادة من أي تباطؤ، لكن العوامل الهيكلية (عجوزات وتمويل) قد تقيد مكاسب الأسعار على المدى الأبعد.
- متى تتحول الأفضلية من النمو إلى القيمة؟
- عندما يتقدّم الركود أو ترتفع العوائد الحقيقية/علاوات المخاطر، تصبح التقييمات الدفاعية/القيمية أكثر جاذبية نسبياً—خاصة خارج الولايات المتحدة إذا تحسّنت دورة الأرباح هناك.
- ماذا أراقب أسبوعياً لتحديث الموقف؟
- طلبات إعانة البطالة، بيانات الوظائف، مؤشرات مديري المشتريات، فوارق السندات عالية العائد، وتدفقات الصناديق إلى الدفاعيات/الذهب.
يضع تخفيض BCA لاحتمال الركود الأميركي إلى 50% المستثمرين أمام بيئة “توازن دقيق” بين ثلاثة مسارات متقاربة: ركود، هبوط ناعم، أو تسارع تضخمي. وفي غياب دليلٍ قاطع على مسار واحد، تميل
الاستراتيجية الرشيدة إلى دفاعيات محسّنة، وزنٍ تكتيكي أوسع للسندات الأطول، حصة ذهبية مستقرة، واستعداد مرن للتحوّل نحو القيمة وخارج الولايات المتحدة عند اتضاح إشارات الانعطاف. باختصار: إدارة المخاطر أولاً،
ثم اقتناص الفرص عندما يسمح السياق الكلي بذلك.
إخلاء مسؤولية: هذا المقال لأغراض إعلامية فقط ولا يشكّل نصيحة استثمارية. الأداء التاريخي لا يضمن نتائج مستقبلية. قم بإجراء بحثك المستقل واستشر مستشارك المالي قبل اتخاذ أي قرارات.






















