الذهب يقلص مكاسبه الأسبوعية بعد التراجع من ذروة قياسية إثر تصريحات ترامب عن الرسوم الجمركية
تراجع سعر الذهب عند التسوية بنحو 1% من أعلى مستوى له على الإطلاق، اليوم الجمعة 17 أكتوبر/ تشرين الأول، بعد أن تجاوز مستوى 4300 دولار للأونصة، وسط ضغوط من صعود الدولار وتعليقات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال إن الرسوم الجمركية البالغة 100% على الصين لن تكون مستدامة.
تراجع مفاجئ بعد قفزة قياسية
شهدت الأسواق العالمية تقلبات حادة خلال جلسة الجمعة، إذ انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 2.6% إلى 4211.48 دولارًا للأونصة، بعدما لامس مستوى غير مسبوق بلغ 4378.69 دولارًا في وقت سابق من اليوم، ليخسر بذلك جزءًا كبيرًا من مكاسبه القياسية التي حققها خلال الأسبوع.
كما تراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.89% لتستقر عند 4266.40 دولارًا عند التسوية، في وقت قلص فيه المعدن الأصفر مكاسبه الأسبوعية لتصل إلى نحو 4.8% فقط بعد أن كانت مرشحة لتجاوز 6% قبل التراجع الحاد.
الذهب يواجه ضغوط الدولار وتصريحات ترامب
جاء التراجع بعد صعود قوي للدولار الأميركي عقب تصريحات الرئيس دونالد ترامب التي اعتبر فيها أن الرسوم الجمركية المفروضة على الصين بنسبة 100% “لن تكون مستدامة”، ما فتح الباب أمام احتمال تخفيف التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وهدأت تصريحات ترامب من حدة المخاوف التي سادت الأسواق في الأيام الماضية، بعدما كانت التصعيدات التجارية قد دفعت المستثمرين إلى التوجه نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والفضة. ومع تحسن شهية المخاطرة، بدأ المستثمرون في جني الأرباح من مراكزهم الطويلة في الذهب، ما أدى إلى تراجعه عن ذروته التاريخية.
مقارنة تاريخية واستدعاء أزمة 2008
قبل هبوط اليوم، كان الذهب في طريقه لتسجيل أكبر مكاسب أسبوعية منذ سبتمبر 2008، وهي الفترة التي أعقبت انهيار بنك “ليمان براذرز” واندلاع الأزمة المالية العالمية. ويشير المحللون إلى أن أداء الذهب هذا الأسبوع يعكس مزيجًا من العوامل، أبرزها تزايد المخاطر الجيوسياسية، وضعف الدولار في بداية الأسبوع، والتوقعات بخفض جديد للفائدة الأميركية.
الفيدرالي الأميركي تحت المجهر
من جهة أخرى، دعمت تصريحات عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كريستوفر والر أمس الخميس توقعات المستثمرين بخفض جديد في أسعار الفائدة خلال اجتماع المجلس المقرر في 29 و30 أكتوبر/ تشرين الأول. وأكد والر دعمه لخفض إضافي بمقدار 25 نقطة أساس، مشيرًا إلى المخاطر التي تواجه سوق العمل.
تلك التصريحات عززت الآمال في استمرار السياسة النقدية التيسيرية، وهو ما يشكل عادة عامل دعم قويًا لأسعار الذهب نظرًا لانخفاض عوائد السندات وتراجع تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن النفيس.
مكاسب العام: الذهب يتفوّق على جميع الأصول
رغم التراجع الأخير، فإن الذهب لا يزال من بين أفضل الأصول أداءً خلال 2025، إذ تجاوزت مكاسبه منذ بداية العام 64% مدفوعًا بمزيج من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. وتشمل هذه العوامل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين، وعودة المخاوف من تباطؤ النمو العالمي، وزيادة مشتريات البنوك المركزية للمعدن الأصفر بهدف تنويع الاحتياطيات بعيدًا عن الدولار.
كما ساهمت التدفقات الضخمة إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETFs) في تعزيز الأسعار، في وقت يتجه فيه المستثمرون نحو الأصول الملموسة كوسيلة للتحوط من تقلبات الأسواق المالية والضغوط التضخمية.
توقعات المحللين: الذهب يستعد لجولة جديدة من الصعود
رفع بنك HSBC توقعاته لمتوسط سعر الذهب لعام 2025 بمقدار 100 دولار إلى 3455 دولارًا للأونصة، كما توقّع أن يصل المعدن النفيس إلى مستوى 5000 دولار للأونصة في عام 2026، مستندًا إلى تصاعد المخاطر الجيوسياسية وعمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية، خصوصًا في آسيا والشرق الأوسط.
وقال محللون في البنك إن الاتجاه طويل الأجل للذهب ما زال صاعدًا، رغم جني الأرباح الأخير، لأن البيئة الاقتصادية الحالية—المتسمة بضعف الثقة بالنمو العالمي واستمرار السياسات النقدية التيسيرية—توفر أرضية داعمة لأسعار المعدن الأصفر.
تأثير المعادن الأخرى: الفضة والبلاتين والبلاديوم
لم يكن التراجع محصورًا في الذهب وحده، إذ هبطت الفضة بأكثر من 3% إلى 52.49 دولارًا للأونصة، بعدما سجلت في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى تاريخي لها عند 54.47 دولارًا. وتُعتبر الفضة، التي تُستخدم في الصناعات التقنية والطاقة الشمسية، حساسة جدًا لتقلبات الطلب الصناعي، ما يجعلها أكثر عرضة لتصحيح سعري بعد الارتفاعات القياسية.
أما البلاتين فقد واصل خسائره ليهبط بأكثر من 6% في أحدث تعاملاته عند 1640 دولارًا تقريبًا للأونصة، في حين تراجع البلاديوم بنحو 9% مسجلًا 1467.38 دولارًا، مع مخاوف من تباطؤ الطلب من شركات السيارات في ظل تراجع مبيعات المركبات الكهربائية والهجينة.
التحليل الفني: مقاومة قوية عند 4375 دولارًا
يرى المحللون الفنيون أن مستوى 4375 دولارًا يمثل مقاومة قوية على المدى القصير، وأن تجاوز هذا الحاجز سيحتاج إلى محفزات جديدة مثل خفض مفاجئ للفائدة أو تصاعد التوتر الجيوسياسي. أما على المدى المتوسط، فيتوقع أن يظل الذهب مدعومًا فوق مستوى الدعم البالغ 4100 دولار للأونصة.
ويرى بعض الخبراء أن حركة الأسعار الحالية تشبه “تصحيحًا صحيًا” ضمن اتجاه صاعد طويل الأمد، حيث يسعى المستثمرون إلى إعادة التمركز بعد موجة ارتفاع حادة دامت لأسابيع متتالية.
الذهب يظل في قلب العاصفة الاقتصادية
يبدو أن سعر الذهب سيظل مرآة لحالة القلق التي تهيمن على الأسواق العالمية. وبينما قد تؤدي تصريحات ترامب أو تحركات الفيدرالي الأميركي إلى تقلبات آنية، فإن العوامل الأساسية — من ضعف الثقة بالنظام المالي العالمي إلى تزايد الطلب المؤسسي — تظل داعمة لاتجاه صعودي مستدام.
وفي ظل استمرار الأزمات التجارية والمخاطر السياسية، يبقى المعدن النفيس الخيار المفضل للمستثمرين الباحثين عن الأمان، سواء في الأسواق المتقدمة أو الناشئة. وإذا تحققت توقعات البنوك الكبرى، فقد لا يكون الوصول إلى 5000 دولار للأونصة خلال 2026 سوى مسألة وقت.
ما هو سبب تراجع سعر الذهب اليوم؟
انخفض الذهب بعد تصريحات ترامب حول الرسوم الجمركية، مما عزز الدولار وأدى إلى تقليص الطلب على المعدن كملاذ آمن.
هل ما زال الاتجاه العام للذهب صاعدًا؟
نعم، ما زال الاتجاه العام صاعدًا وفق التحليل الفني وتوقعات البنوك، رغم التصحيحات القصيرة الأجل.
ما توقعات سعر الذهب لعام 2026؟
يتوقع بنك HSBC أن يصل متوسط السعر إلى 5000 دولار للأونصة، مدعومًا بالمخاطر الجيوسياسية ومشتريات البنوك المركزية.
هل يمكن أن يعود الذهب إلى ما دون 4000 دولار؟
من غير المرجح في الوقت القريب، إذ تشكل مستويات 4100 دولار دعمًا قويًا طالما استمرت الضغوط التضخمية وعدم اليقين العالمي.






















