الذهب يقفز فوق 4000 دولار للأونصة قبيل صدور محاضر الفدرالي.. ما الذي يُحرّك الأسواق اليوم؟
تستقر العقود الآجلة للأسهم الأميركية فوق الخط الفاصل خلال تعاملات الأربعاء، بينما يخطف الذهب الأضواء باجتيازه مستوى 4000 دولار للأونصة للمرة الأولى تاريخيًا، مدعومًا بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة وسط إغلاق حكومي أميركي ممتد وضبابية سياسية من طوكيو إلى باريس. وفي الخلفية، تستعد الأسواق لقراءة محاضر اجتماع الفدرالي الأخير، فيما تتواصل أخبار قطاع الذكاء الاصطناعي مع حديث عن جولة تمويل ضخمة لشركة xAI واستثمارات إضافية من نفيديا، إلى جانب صفقة بارزة أعلنتها ABB لبيع وحدة الروبوتات إلى سوفت بنك.
كيف تبدو لوحة المؤشرات الآن؟
عند الساعة 07:48 بتوقيت غرينتش (03:48 بتوقيت الساحل الشرقي)، أشارت التعاملات إلى ارتفاع طفيف في العقود الآجلة: إس&بي 500 (+0.1%)، ناسداك 100 (+0.2%)، وداو جونز (+0.1%). في جلسة الثلاثاء، تخلّت الأسهم الأميركية عن مستوياتها القياسية نسبيًا: هبط إس&بي 500 بنحو 0.4%، وناسداك المركب 0.7%، وداو جونز 0.2%.
من الأسهم اللافتة: AMD (+3.83%) وIBM (+1.54%) وDell (+3.51%) على خلفية الزخم المرتبط بالذكاء الاصطناعي وشراكات جديدة، مقابل ضغط على NVIDIA (-0.27%) واهتزاز ثقة في Oracle بفعل تقارير عن هوامش وحدة السحابة للذكاء الاصطناعي. مؤشر داو جونز الصناعي (DJI) (-0.20%)، إس&بي 500 (US500) (+0.13%)، ناسداك (IXIC) (-0.67%). على صعيد الدخل الثابت، تراجع عائد سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات (US10YT) (-0.39%).
الذهب فوق 4000 دولار: قفزة تاريخية وعلّل متعددة
ارتفع الذهب الفوري بنحو 1.35% فيما زادت عقود الذهب الآجلة (GC) حوالي 1.39%، ليصل المعدن النفيس إلى ذروة غير مسبوقة متجاوزًا 4000 دولار للأونصة. بهذه الوتيرة، يتجه الذهب إلى أفضل عام له منذ أواخر السبعينيات بعد مكاسب تتجاوز 50% منذ بداية 2025.
لماذا الآن؟ تتقاطع عدة عوامل:
- امتداد إغلاق الحكومة الأميركية وتأثيره في تأجيل بيانات اقتصادية محورية، ما يدفع المستثمرين إلى ملاذات واضحة المعالم.
- تزايد الرهان على خفض الفائدة من جانب الفدرالي خلال اجتماعي أكتوبر وديسمبر، ما يُضعف الدولار والعوائد الحقيقية ويُحسن جاذبية الذهب غير المولّد لعائد.
- ضبابية سياسية: انتخاب قيادة أكثر ميلاً للتيسير في الحزب الليبرالي الديمقراطي في اليابان، واستقالة مفاجئة لرئيس وزراء فرنسا، ما يُعزّز الطلب على الأصول الدفاعية.
- تدفّقات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب مع تسعير دورة تيسير نقدي أعمق.
- مشتريات البنوك المركزية، لاسيما في آسيا؛ واصلت بنك الشعب الصيني تعزيز احتياطياته للشهر الحادي عشر تواليًا خلال سبتمبر رغم الارتفاعات القياسية للأسعار.
وعلى الجانب المقابل، تراجعت بعض الملاذات التقليدية الأخرى: الين الياباني تلقّى ضغوطًا في ظل توقعات بسياسة أكثر تيسيرًا، فيما سجلت السندات والدولار الأميركي فترات ضعف نسبي مع إعادة تسعير مسار الفائدة والمخاوف المالية الأميركية طويلة الأمد.
ترقّب محاضر الفدرالي: ما الذي سيبحث عنه المستثمرون؟
تتجه الأنظار إلى محاضر اجتماع الفدرالي لشهر سبتمبر، حيث خفّض صناع السياسة آنذاك سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع تلميحات إلى خفضين محتملين إضافيين هذا العام (28–29 أكتوبر، وديسمبر). السياق العام يُظهر تفضيلًا متزايدًا لدعم سوق العمل الذي يُظهر تباطؤًا نسبيًا، على حساب مخاطر التضخم المستمر.
تُشير قراءات مكاتب الأبحاث إلى أن المحاضر قد تعكس تحولًا حذرًا نحو التيسير، لكنها في الوقت ذاته ستبرز انقسامات داخلية: فريق يدفع لتخفيضات أعمق وأسرع، وآخر يتحفّظ بسبب صلابة التضخم ومتانة التوظيف على أساسيات مطلقة. في ظل غياب بيانات رسمية بسبب الإغلاق، يزداد وزن البيانات البديلة واستطلاعات الأعمال والمستهلكين، والتي جاءت بعضها—مثل مسح بنك الاحتياطي الفدرالي بنيويورك—أضعف من التوقعات مع ارتفاع توقعات التضخم، ما ضغط على المعنويات في الجلسة السابقة.
نبض الذكاء الاصطناعي: تمويلات ضخمة وتمايز في الأداء
لا يزال الذكاء الاصطناعي محركًا أساسيًا للتقييمات، مع استمرار تدفق الأخبار الكبيرة:
- xAI، المدعومة من إيلون ماسك، رفعت حجم جولة التمويل المستهدفة إلى نحو 20 مليار دولار، تشمل شريحة أسهم وديون، بهدف تأمين المزيد من معالجات الذكاء الاصطناعي لمركز بيانات Colossus 2 في ممفيس.
- NVIDIA يُقال إنها ستستثمر حتى ملياري دولار في شريحة الأسهم ضمن الصفقة، في إطار استراتيجية أوسع لدفع تبنّي عملائها للذكاء الاصطناعي.
- رغم ذلك، تتصاعد تساؤلات حول الطابع الدائري للتمويلات في المنظومة (شركات رقاقات تموّل عملاءها جزئيًا لشراء رقاقاتها)، ومدى استدامة هوامش الربحية الناتجة.
- أسهم AMD وIBM وDell تلقت دعمًا من إعلانات شراكات أو توجيهات طويلة الأجل، بينما تعرضت Oracle لضغوط بعد تقرير حول هامش ربحية البنية السحابية للذكاء الاصطناعي.
صفقة صناعية كبرى: ABB تبيع وحدة الروبوتات إلى سوفت بنك
أعلنت ABB السويسرية اتفاقًا لبيع وحدة الروبوتات إلى سوفت بنك بقيمة منشأة تبلغ نحو 5.38 مليارات دولار، بعد أن كانت تدرس خيار الطرح المنفصل (Spin-off). تتوقع الشركة إيراد صافي تدفق نقدي يقارب 5.3 مليارات دولار من الصفقة عند الإغلاق المتوقع في منتصف إلى أواخر 2026.
تقول ABB إنها ستوجّه العائدات وفق مبادئ تخصيص رأس المال طويلة الأمد: الاستحواذات، النمو العضوي، وربما إرجاع جزء للمساهمين. أما سوفت بنك، بقيادة ماسايوشي سون، فيرى في الصفقة تجسيدًا لطموح «الذكاء الاصطناعي المادي» عبر دمج الروبوتات مع تقنيات الذكاء الاصطناعي—وهو مسار استثماري كثيف الدورات في المجموعة مؤخرًا.
ماذا تعني هذه اللوحة للمستثمرين؟
أولًا، السيولة الدفاعية: القفزة التاريخية في الذهب تُذكّر بأن التحوّط ليس رفاهية حين تتراكم المجهولات (إغلاق حكومي، سياسة نقدية غير محسومة، وسياسة عالمية متقلبة). إعادة التوازن نحو المعادن الثمينة أو الأصول المرتبطة بالتضخم قد تكون سمة ممتدة إذا ظلّت المخاطر الجيوسياسية والمالية مرتفعة.
ثانيًا، انتقائية الذكاء الاصطناعي: لم يعد «الذكاء الاصطناعي» بطاقة عبور جماعية. هناك تمايز واضح بين المورّدين والبنى التحتية، وشركات البرامج، والمستفيدين غير المباشرين. مع ارتفاع الاستثمار الرأسمالي (CapEx) والاعتماد المتبادل بين بائعي الرقاقات ومشتريها، قد تصبح هوامش الربحية محل اختبار أدق، ما يُفضي إلى تقلبات أعلى وانتقائية أكبر.
ثالثًا، السندات والدولار: إذا رسّخت المحاضر توقعات مسار تيسير أكثر وضوحًا، قد تستمر عوائد السندات في التراجع، ما يدعم الأسهم الدفاعية والقطاعات الحسّاسة للفائدة، ويُبقي الدولار في نطاق أقل متانة نسبيًا—وهو جسر إضافي لصعود الذهب والفضة وربما السلع الصناعية ذات القصص الأساسية القوية.
رابعًا، أوروبا وآسيا: استمرار الضوضاء السياسية في أوروبا (فرنسا) والتحوّلات في اليابان يعيدان خلط أوراق عملات الملاذات وأداء البنوك المركزية خارج الولايات المتحدة. وقد يُعطي هذا مبررًا إضافيًا للتنوع الجغرافي داخل المحافظ.
أبرز الأرقام خلال الجلسات الأخيرة
- الذهب الفوري: +1.35% | عقود GC: +1.39%
- داو جونز: -0.20% | إس&بي 500: +0.13% | ناسداك: -0.67%
- عائد 10 سنوات (US10YT): -0.39%
- Dell: +3.51% | AMD: +3.83% | IBM: +1.54% | NVIDIA: -0.27%
- ABB (ABBN): +1.81% | SoftBank (9984): -2.00%
ملاحظة: الأرقام المذكورة كما وردت في التقارير اللحظية المصاحبة للخبر.
نظرة تكتيكية قصيرة الأجل (غير ملزمة)
- ذهب/فضة: الزخم قوي لكن الحساسية عالية للأخبار؛ إدارة المخاطر واجبة مع مراقبة المحاضر وتعليقات مسؤولي الفدرالي.
- أسهم الذكاء الاصطناعي: تمايز الأداء يستدعي انتقائية أعلى؛ راقب مسار الهوامش لا سيما في السحابة الموجهة للذكاء الاصطناعي.
- سندات الخزانة: أي لهجة «أكثر تيسيرًا» قد تضغط العوائد وتُحسّن شهية المخاطرة في القطاعات الدورية/النمو.
- عملات الملاذ: الين قد يبقى ضعيفًا نسبيًا إن تعمّقت التوقعات بالتيسير؛ الذهب يحتفظ بالأفضلية في بيئة الضبابية.
لماذا يُعد تجاوز الذهب مستوى 4000 دولار حدثًا مفصليًا؟
لأنه يعكس تراكب عوامل هيكلية (مشتريات بنوك مركزية وتنوع احتياطيات) ودورية (تيسير نقدي متوقع وضعف العائد الحقيقي)، بالإضافة إلى صدمات سياسية واقتصادية ترفع قيمة الملاذات.
كيف قد تؤثر محاضر الفدرالي على اتجاه الذهب؟
نبرة أكثر تيسيرًا تُضعف الدولار والعوائد الحقيقية وتدعم الذهب؛ أما لهجة متحفظة فتدفع إلى جني أرباح قصير الأجل مع بقاء الاتجاه الهيكلي صاعدًا إذا استمرت المشتريات الرسمية وتدفّقات الصناديق.
هل تبقى أسهم الذكاء الاصطناعي داعمًا للسوق؟
القصّة بعيدة عن الانتهاء، لكنها أصبحت انتقائية: التمويلات الضخمة ترفع السقف الاستثماري، بينما اختبار الهوامش والربحية التشغيلية سيحدد الرابحين الحقيقيين.
ما المخاطر الرئيسية قصيرة الأجل؟
تعثر مفاوضات الإغلاق الحكومي، مفاجآت تشديدية في لهجة الفدرالي، صدمات سياسية أوروبية/آسيوية، أو تباطؤ مفاجئ في مؤشرات النشاط بدائل البيانات.
كيف يتفاعل الدولار والسندات مع هذا المشهد؟
كلما زادت قناعة الأسواق بمسار خفض الفائدة، تراجعت العوائد الحقيقية والدولار، ما يدعم الذهب والأصول الحساسة للفائدة. العكس صحيح في حال مفاجآت تميل للتشديد.
إخلاء مسؤولية
المحتوى لأغراض إعلامية عامة ولا يشكّل نصيحة استثمارية أو توصية بالبيع أو الشراء. قم بإجراء بحثك الخاص واستشر مستشارك المالي قبل اتخاذ أي قرار. «جولد إيجلز» غير مسؤولة عن أي قرارات استثمارية يتم اتخاذها بناءً على هذا المحتوى.






















