أظهرت بيانات رسمية صادرة صباح الثلاثاء 15 يوليو 2025 أن معدل التضخم في الولايات المتحدة ارتفع بوتيرة أسرع من المتوقع خلال شهر يونيو، ليسجل بذلك أعلى مستوياته منذ شهر فبراير الماضي، في إشارة جديدة على أن الضغوط السعرية لا تزال قائمة رغم السياسة النقدية المتشددة التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
تفاصيل التقرير الرسمي
بحسب التقرير الصادر عن مكتب إحصاءات العمل الأميركي (BLS)، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) بنسبة 0.3% على أساس شهري في يونيو، مقارنة بارتفاع قدره 0.2% في مايو. وعلى أساس سنوي، تسارع التضخم إلى 2.7%، بعد أن كان عند 2.4% في الشهر السابق.
أما بالنسبة للتضخم الأساسي (Core CPI)، والذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، فقد ارتفع إلى 3.0% على أساس سنوي، مقارنة بنسبة 2.8% في مايو، وهو ما يتماشى مع توقعات معظم المحللين.
أعلى معدل منذ فبراير
يمثل هذا التسارع في التضخم أعلى قراءة مسجلة منذ شهر فبراير 2025، ما يعزز المخاوف من أن سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد لا تكون كافية لإعادة التضخم إلى المستهدف البالغ 2%، خاصة في ظل عودة بعض الضغوط من جانب تكاليف الخدمات والإيجارات.
ماذا يعني ذلك للاحتياطي الفيدرالي؟
جاءت هذه البيانات في توقيت حساس، حيث يترقب المستثمرون القرار المقبل للفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، وسط انقسام بين التوقعات بخفض مرتقب في سبتمبر، أو الإبقاء على السياسة المتشددة لفترة أطول.
وكان رئيس الفيدرالي، جيروم باول، قد صرح في وقت سابق من يوليو بأن اللجنة “بحاجة إلى مزيد من الثقة” بأن التضخم يسير نحو المستهدف بشكل مستدام قبل التفكير في أي تخفيض.
وبالتالي، فإن بيانات يونيو ستشكل اختبارًا حاسمًا لتلك التصريحات، وقد تؤدي إلى تعديل في تسعير الأسواق لاحتمالات خفض الفائدة خلال الاجتماع القادم في سبتمبر.
أبرز مكونات التضخم
تُظهر البيانات أن أبرز المساهمين في ارتفاع التضخم خلال يونيو تمثلوا في:
- الإيجارات: واصلت الصعود بنسبة 0.5% على أساس شهري
- الخدمات الصحية: شهدت ارتفاعًا بنسبة 0.6%
- أسعار السيارات المستعملة: ارتفعت بنسبة 1.3% لأول مرة منذ عدة أشهر
- أسعار الغذاء: سجلت ارتفاعًا معتدلًا بنسبة 0.2%
- أسعار الطاقة: ظلت شبه مستقرة رغم بعض التقلبات في أسعار النفط
ردة فعل السوق
مباشرة بعد صدور البيانات، شهدت الأسواق الأميركية حالة من الترقب والحذر. تراجع مؤشر داو جونز بنسبة طفيفة، بينما حافظ مؤشر ناسداك على مكاسبه المبكرة بفضل قوة أسهم التكنولوجيا.
في سوق السندات، ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.35%، مع تسعير الأسواق لاحتمال تأخر خفض الفائدة إلى ما بعد سبتمبر.
كما انعكست البيانات على سوق الذهب، حيث تراجع سعر الأونصة إلى ما دون 2,370 دولارًا، بعد أن عززت الأرقام توقعات استمرار التشدد النقدي.
رأي المحللين
قال إلياس حداد، كبير استراتيجيي الأسواق في “براون براذرز هاريمان”، إن البيانات “تؤكد أن التضخم لا يزال أكثر صلابة مما يرغب به الفيدرالي، وإن أي تخفيض للفائدة قد يتأجل إذا استمر هذا النمط”.
وأضاف: “على الرغم من أن بعض مكونات التضخم بدأت بالتراجع، فإن الاتجاه العام لا يزال يظهر مقاومة واضحة للانخفاض”.
نظرة على الأشهر المقبلة
مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية وتزايد التوترات التجارية التي أثارها الرئيس دونالد ترامب من خلال تهديداته بفرض رسوم جمركية على واردات الاتحاد الأوروبي والمكسيك، فإن التحديات أمام الفيدرالي تزداد تعقيدًا.
أي تصعيد تجاري قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط السعرية، وهو ما يجعل من مهمة التوفيق بين النمو ومحاربة التضخم أمرًا أكثر صعوبة.
تحليل أثر الخبر على السوق
يشير تسارع التضخم في يونيو إلى أن الأسواق قد تكون تسرعت في تسعير خفض الفائدة في سبتمبر. ورغم أن بعض مكونات الأسعار بدأت بالاستقرار، فإن البيانات الإجمالية لا تزال تقلل من احتمال تخفيف السياسة النقدية قريبًا.
هذا التوتر بين ما يرغب فيه المستثمرون وما تستطيع البنوك المركزية فعله سيظل العامل الأساسي المحرك للأسواق خلال الأسابيع القادمة، وخاصة في ظل البيانات الاقتصادية القادمة وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي.
أسعار الذهب ترتفع بدعم من تراجع التوظيف الأميركي وتوقعات خفض الفائدة
تنويه
شركة جولد إيجلز تُخلي مسؤوليتها عن أي قرارات استثمارية يتم اتخاذها بناءً على هذا التحليل أو البيانات الواردة فيه. نوصي دائمًا بالرجوع إلى مستشار مالي مختص قبل اتخاذ قرارات مالية مهمة.






















