الاقتصاد المصري يسجل أعلى معدل نمو فصلي في 3 أعوام عند 5%
سجّل الاقتصاد المصري نمواً قدره 5% خلال الربع الرابع من العام المالي 2024/2025، ليبلغ معدل النمو السنوي 4.4%، متجاوزاً المستهدف البالغ 4.2%، وفق بيان صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي. ويُعد هذا الأداء الفصلي هو الأعلى منذ ثلاثة أعوام، في وقت تشهد فيه البلاد تحديات اقتصادية وإقليمية متشابكة.
تفاصيل النمو الاقتصادي في مصر
أوضحت وزارة التخطيط أن النمو تحقق بدعم من قطاعات رئيسية في مقدمتها الصناعات التحويلية غير البترولية التي توسعت بنسبة 18.8%، والسياحة التي قفزت بنحو 19.3%، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي نما 14.6%. كما ساهم نشاط الوساطة المالية بنسبة 10.8%، ما يعكس تحسن بيئة الاستثمار المحلي وزيادة الثقة في الأسواق.
تحولات هيكل الاستثمار
أحد أبرز المؤشرات اللافتة كان التحول في هيكل الاستثمار، حيث ارتفعت مساهمة القطاع الخاص إلى 47.5% من إجمالي الاستثمارات، وهو المستوى الأعلى خلال خمس سنوات. وفي المقابل، تراجعت مساهمة الاستثمار العام إلى 43.3% بعد أن كانت 51.2% في العام المالي المنتهي في يونيو 2024. هذا التحول يعكس توجهاً حكومياً نحو تمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسي لـ الاقتصاد المصري خلال المرحلة المقبلة.
تراجع في بعض القطاعات الحيوية
رغم الأداء القوي لقطاعات السياحة والصناعة والاتصالات، إلا أن بعض القطاعات ما زالت تواجه ضغوطاً، وعلى رأسها قناة السويس التي سجلت انكماشاً حاداً قدره 52% خلال العام. كما تراجع قطاع الاستخراجات بنسبة 9%، رغم أن البيانات تشير إلى انحسار وتيرة التراجع في الربع الرابع.
انعكاسات النمو على العملة والجنيه المصري
يطرح تحقيق الاقتصاد المصري لنمو بهذا الحجم أسئلة مهمة حول تأثيره على الجنيه المصري. فبينما يعزز النمو ثقة المستثمرين، إلا أن التحديات الإقليمية وضغوط أسعار الطاقة العالمية تضع العملة تحت ضغوط متزايدة. ويتوقع محللون أن يؤدي ارتفاع مساهمة القطاع الخاص إلى تحسين تدفقات النقد الأجنبي وزيادة القدرة على امتصاص الصدمات الاقتصادية.
السياحة كمحرك رئيسي للنمو
قطاع السياحة لعب دوراً بارزاً في دفع الاقتصاد المصري نحو تسجيل هذا الأداء، حيث ارتفع عدد السياح الوافدين بنسبة كبيرة مدعوماً بتحسن البنية التحتية الفندقية وتوسع الاستثمارات في الوجهات الساحلية. كما ساهمت الفعاليات الدولية والمهرجانات الثقافية في جذب المزيد من الزوار.
دور قطاع الاتصالات والتكنولوجيا
شهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نمواً لافتاً بلغ 14.6%، وهو ما يعكس جهود الدولة في دعم التحول الرقمي وتوسيع خدمات الإنترنت. هذا القطاع أصبح من الأعمدة الأساسية للنمو، خاصة مع زيادة استثمارات الشركات الناشئة والمشروعات التكنولوجية.
القطاع الصناعي غير البترولي
الصناعات التحويلية غير البترولية ارتفعت بنسبة 18.8%، وهو ما يعكس قدرة الاقتصاد المصري على تنويع مصادر النمو بعيداً عن الاعتماد على الموارد الطبيعية. ويؤكد الخبراء أن هذا النمو يعكس تحسن القدرة التنافسية وزيادة الصادرات الصناعية للأسواق الخارجية.
رؤية صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يواصل الاقتصاد المصري تحقيق معدلات نمو قوية إذا استمرت الإصلاحات الهيكلية ودعم القطاع الخاص. ويرى محللو البنوك العالمية أن الإصلاحات المالية والنقدية الأخيرة ساعدت في تثبيت الأوضاع وجذب استثمارات جديدة.
التحديات الإقليمية وتأثيرها
لا يمكن إغفال أن الاقتصاد المصري يعمل في بيئة إقليمية مليئة بالتحديات، أبرزها النزاعات الجيوسياسية وتقلب أسعار الطاقة. كما أن تراجع إيرادات قناة السويس يفرض ضغوطاً إضافية على ميزان المدفوعات.
الاستثمار الأجنبي المباشر
بيانات وزارة التخطيط أظهرت أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة شهدت استقراراً نسبياً، مدفوعة بتحسن بيئة الأعمال وتوسع اتفاقيات الشراكة مع دول الخليج وآسيا. هذا التوجه يعزز قدرة الاقتصاد المصري على تنويع مصادر التمويل الخارجي.
التوقعات المستقبلية
يتوقع محللون أن يواصل الاقتصاد المصري تسجيل معدلات نمو مستقرة في حال استمرار دعم القطاعات الحيوية مثل الصناعة والسياحة والتكنولوجيا. كما أن توجه الحكومة نحو تشجيع الصادرات وإحلال الواردات سيساهم في تعزيز الأداء الاقتصادي خلال الأعوام المقبلة.
ماذا يعني ذلك للمستثمرين؟
هذا النمو يمثل رسالة إيجابية للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء. فالتحول نحو تمكين القطاع الخاص يعزز فرص الربحية، بينما الاستقرار النسبي في معدلات التضخم والفائدة يمنح ثقة أكبر للأسواق.
يمثل تسجيل الاقتصاد المصري لنمو 5% في الربع الرابع من العام المالي الماضي محطة مهمة في مسار الإصلاح الاقتصادي. ورغم التحديات المستمرة، فإن المؤشرات الحالية تعكس تحسناً ملموساً في هيكل الاستثمار والقطاعات الإنتاجية. وإذا ما استمر هذا الاتجاه، فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد مساراً تصاعدياً أكثر استدامة خلال السنوات المقبلة.
تنويه: جولد إيجلز لا تتحمل أي مسؤولية عن القرارات الاستثمارية المبنية على هذا المحتوى.






















