الإغلاق الحكومي الأميركي يثير مخاوف الأسواق العالمية والذهب يلمس مستويات قياسية
تشهد الأسواق العالمية حالة من الحذر المتصاعد مع اقتراب الموعد النهائي لتمويل الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة، ما ينذر ببدء الإغلاق الحكومي الأميركي خلال ساعات إذا لم يتوصل الجمهوريون والديمقراطيون إلى اتفاق عاجل. هذا التطور دفع المستثمرين إلى إعادة تمركز أصولهم بين الملاذات الآمنة مثل الذهب والين الياباني، وبين المخاطرة المحدودة في الأسهم.
الذهب يحقق قفزة تاريخية وسط مخاوف الإغلاق الحكومي الأميركي
لم يكن المشهد الأبرز في الأسواق سوى الأداء المذهل للذهب، حيث صعد المعدن الأصفر إلى مستوى قياسي عند 3,820 دولاراً للأونصة قبل أن يتراجع قليلاً. هذا الارتفاع يُعد الأكبر منذ يوليو 2020، حيث حقق الذهب مكاسب شهرية تجاوزت 10% في سبتمبر وحده.
يرى محللون أن الذهب استفاد من حالة عدم اليقين السياسي، ومن التوقعات بأن استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي سيؤخر صدور بيانات التوظيف والتضخم، ما قد يدفع الفيدرالي الأميركي إلى تبني سياسات أكثر حذراً.
تراجع الدولار وتذبذب العملات
على صعيد العملات، تراجع الدولار الأميركي أمام الين الياباني بنسبة 0.4% ليسجل 147.98 ين، فيما ارتفع اليورو إلى 1.1742 دولار. كما صعد الجنيه الإسترليني والفرنك السويسري بشكل طفيف أمام العملة الأميركية، في إشارة إلى بحث المستثمرين عن بدائل أكثر استقراراً.
خبراء العملات في بنك ING أشاروا إلى أن الين الياباني قد يكون المستفيد الأكبر حال استمرار الإغلاق، كونه ملاذاً تقليدياً في أوقات الأزمات.
أسواق الأسهم تحت ضغط
الأسواق الأميركية تبدو مهيأة لافتتاح ضعيف، حيث أشارت العقود الآجلة إلى خسائر محتملة في وول ستريت. أما في أوروبا، فقد تراجع مؤشر ستوكس 600 بنسبة 0.1%، في حين أغلق مؤشر نيكاي الياباني منخفضاً 0.25%.
لكن على الجانب الآخر، صعد مؤشر CSI300 الصيني بنحو 0.5%، محققاً أطول سلسلة مكاسب شهرية منذ عام 2017، ما يعكس تفاؤلاً نسبياً في السوق الصينية بالرغم من تباطؤ نشاط التصنيع.
انعكاسات الإغلاق الحكومي الأميركي على الفيدرالي
يشير محللو الاقتصاد الكلي إلى أن الإغلاق الحكومي الأميركي قد يضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب. فغياب بيانات الوظائف (NFP) أو التضخم (CPI) سيترك صانعي السياسة النقدية في حالة من “العمى” قبيل اجتماعهم المقرر نهاية أكتوبر.
وقال جيمس روسيتر، رئيس قسم الاستراتيجية العالمية في TD Securities: “إذا استمر الإغلاق لفترة طويلة، فإن الفيدرالي قد يجد نفسه مضطراً لتأجيل أي تحركات جديدة في أسعار الفائدة”.
النفط تحت ضغط رغم أزمات السياسة
في أسواق الطاقة، هبطت أسعار النفط بأكثر من 1%، حيث تراجع خام برنت إلى 67.11 دولاراً للبرميل، وانخفض الخام الأميركي إلى 62.66 دولاراً. هذا الانخفاض جاء نتيجة توقعات بزيادة إنتاج أوبك+ واستئناف صادرات نفط إقليم كردستان العراق.
تأثيرات دولية: الصين وأوروبا وأستراليا
الصين
أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات أن نشاط التصنيع في الصين ما زال ينكمش للشهر السادس على التوالي، مسجلاً 49.8 نقطة في سبتمبر. هذا ما يثير المخاوف بشأن ضعف الطلب المحلي ويزيد الضغوط على بكين لتقديم مزيد من الحوافز.
أوروبا
رغم صدور بيانات تُظهر ارتفاع التضخم في أربع ولايات ألمانية رئيسية، إلا أن الأسواق الأوروبية لم تُبدِ رد فعل قوي. التحديات السياسية والاقتصادية في واشنطن هيمنت على المشهد العام، مما جعل المستثمرين يتجاهلون البيانات المحلية نسبياً.
أستراليا
قرر بنك الاحتياطي الأسترالي تثبيت أسعار الفائدة عند 3.60%، في خطوة متوقعة. إلا أن الدولار الأسترالي سجل ارتفاعاً، مدعوماً بتوقعات استمرار النمو الاقتصادي رغم بعض الضغوط التضخمية.
ماذا بعد؟
إذا بدأ الإغلاق الحكومي الأميركي بالفعل، فإنه قد يستمر لفترة طويلة، خصوصاً مع اتساع الفجوة بين الحزبين الكبيرين. هذا السيناريو سيعني تعطيل بيانات اقتصادية أساسية يحتاجها الفيدرالي لتقييم خطواته المقبلة.
ومع استمرار ارتفاع الذهب وتراجع الدولار والنفط، يبدو أن المستثمرين يفضلون التوجه نحو الأصول الآمنة إلى حين اتضاح المشهد السياسي في واشنطن.
يبقى السؤال المطروح: هل يؤدي الإغلاق الحكومي الأميركي إلى أزمة اقتصادية مؤقتة، أم أنه مجرد حلقة جديدة في مسلسل الشد والجذب السياسي داخل الولايات المتحدة؟ المؤكد أن الأسواق العالمية ستظل رهينة لهذه التطورات في الأيام المقبلة.
المقال منشور لأغراض إعلامية فقط، ولا يُمثل توصية استثمارية. مؤسسة جولد إيجلز غير مسؤولة عن أي قرارات مالية أو استثمارية يتم اتخاذها بناءً على المعلومات الواردة في هذا التقرير.






















