الأسواق تنتعش من جديد… هل آن أوان التفاؤل بعد سنوات من الحروب التجارية والتقلبات؟

في لحظة طال انتظارها، عادت أسواق الأسهم العالمية إلى الانتعاش، مدفوعة بنسائم التفاؤل القادمة من بكين وواشنطن، حيث تلوح في الأفق ملامح تهدئة جديدة بين أكبر اقتصادين في العالم. وبينما يحتفل المستثمرون بهذا التقدم، يتراجع الدولار الأميركي لأدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات، في إشارة إلى تغيرات أعمق في المزاج الاقتصادي العالمي.

بارقة أمل من بكين تُشعل البورصات العالمية

في صباح الجمعة 27 يونيو 2025، فتحت الأسواق الأوروبية على ارتفاع جماعي، بعد أن أظهرت المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين إشارات إيجابية، كان أبرزها التوصل إلى اتفاق بشأن تسريع شحنات المعادن النادرة إلى أميركا. هذا الاتفاق، وإن بدا فنّيًا، يحمل في طياته رمزية قوية على رغبة الطرفين في طي صفحة التوترات.

وارتفع مؤشر “Stoxx 600” الأوروبي بنسبة 0.9%، فيما صعد مؤشر “DAX” الألماني 0.8%، و”FTSE 100″ البريطاني 0.5%. في آسيا، احتفلت الأسواق أيضًا، لتسجّل مستويات لم تصلها منذ أكثر من ثلاث سنوات، متتبعة خطى وول ستريت التي أنهت أسبوعها على مكاسب قوية.

الدولار يترنّح أمام التفاؤل العالمي

في المقابل، لم يصمد الدولار طويلًا أمام موجة التفاؤل، فتراجع مؤشره بنسبة 0.2% ليصل إلى 97.183 نقطة – وهو الأدنى منذ أكثر من ثلاث سنوات. وجاء ذلك مع تزايد الرهانات على خفض قريب في أسعار الفائدة الأميركية، مدعومًا بتوقعات بأن يعلن الرئيس دونالد ترامب عن رئيس جديد أكثر ليونة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

هذا الانخفاض في الدولار أعاد للواجهة نقاشًا أعمق حول موقع أميركا في الاقتصاد العالمي. كما صرح “فاسيليوس جيوناكيس”، كبير الاقتصاديين في “Aviva Investors”، قائلًا:

“ليس الأمر فقط عن الفائدة… بل هناك إحساس عام بتراجع فكرة تفوّق الاقتصاد الأميركي، وهو ما يغيّر من قواعد اللعبة.”

هل تنتهي صفحة الحروب التجارية أخيرًا؟

منذ إعلان ترامب ما يُعرف بـ”يوم التحرير” في أبريل الماضي وفرضه رسومًا جمركية جديدة، شهدت الأسواق اضطرابات عنيفة. واليوم، يبدو أن العالم يتنفس الصعداء مع احتمالات التوصل إلى اتفاقات تجارية فعلية. ويأمل المستثمرون في تجاوز هذه المرحلة والتركيز على النمو والاستقرار بدلًا من الحروب الاقتصادية المتكررة.

وحتى الآن، حدّد ترامب تاريخ 9 يوليو كموعد نهائي لأوروبا ودول أخرى لتقديم مقترحات لتخفيض الرسوم الجمركية، ما يُبقي الأسواق في حالة ترقب حتى ذلك الحين.

النفط يخالف الاتجاه وينخفض

ورغم الانتعاش الواضح في سوق الأسهم، لم تكن أسعار النفط في الاتجاه ذاته، حيث انخفض خام برنت إلى 68.35 دولارًا للبرميل، وتراجع خام غرب تكساس إلى 65.24 دولارًا. ويأتي ذلك بعد انحسار التوترات بين إيران وإسرائيل، التي كانت قد رفعت الأسعار مؤقتًا فوق مستوى 80 دولارًا.

أسعار النفط اليوم تتجه لأكبر خسارة أسبوعية

بين التفاؤل والحذر: الأسواق العالمية على مفترق طرق

هل تشهد أسواق الأسهم العالمية بداية موجة جديدة من النمو؟ أم أن ما نراه الآن مجرد استراحة قصيرة في وسط عاصفة مستمرة؟
كل الإشارات حتى الآن توحي بانفراج نسبي في العلاقات التجارية، وتحوّل في السياسة النقدية الأميركية، ما يمنح الأسواق فرصة لالتقاط الأنفاس بعد شهور من التقلّبات الحادة.

لكن في عالم تتغير فيه العناوين من لحظة لأخرى، لا تزال الحذر واجبًا، والمتابعة الدقيقة ضرورة.