الأسواق العالمية تبدأ الأسبوع بتفاؤل حذر رغم تصاعد الحرب التجارية بين أمريكا والصين
افتتحت الأسواق العالمية تعاملات الأسبوع على نغمة من التفاؤل الحذر، بعد أسبوعٍ من التوترات السياسية والتجارية التي غذّت تقلبات الأسهم والعملات والسلع. وبينما يترقب المستثمرون تطورات جديدة في ملف الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتناقضة لتترك الأسواق في حالة ترقّب ممزوجة بالأمل.
تصريحات ترامب تثير الحذر… وتغريدة تفتح نافذة أمل
بعد تصعيده المفاجئ لرسوم جمركية جديدة بنسبة 100% على واردات الصين من المعادن النادرة والبرمجيات الحساسة، عاد ترامب ليخفف من حدّة نبرته عبر منصة X (تويتر سابقًا)، قائلاً: “Don’t worry about China, it will all be fine! Highly respected President Xi just had a bad moment. The U.S.A. wants to help China, not hurt it!!!”.
هذه التغريدة – التي أثارت سخرية المحللين بعدد علامات التعجب فيها – منحت المستثمرين بارقة أمل بأن التصعيد لن يمتد طويلاً، وأن المهلة التي تنتهي في نوفمبر قد تُمدد مجددًا لتجنّب صدام اقتصادي شامل بين أكبر اقتصادين في العالم.
بيانات صينية إيجابية رغم القيود على المعادن
ورغم الأجواء المشحونة، كشفت بيانات التجارة الصينية لشهر سبتمبر عن ارتفاع الصادرات بنسبة 8.3% على أساس سنوي، متجاوزة التوقعات بضعف النسبة تقريبًا، كما ارتفعت الواردات بأكثر من المتوقع، ما يدل على استمرار الزخم المحلي في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.
لكنّ صادرات المعادن النادرة الصينية تراجعت بنسبة 31% مقارنة بشهر أغسطس، في إشارة واضحة إلى تشديد بكين قبضتها على هذه المواد الحيوية لصناعات الدفاع والتكنولوجيا الغربية. ويُنظر إلى هذه الخطوة كجزء من الرد غير المعلن على سياسات واشنطن الأخيرة.
الأسهم الأمريكية ترتفع.. والبنوك تفتتح موسم الأرباح
مدفوعة بعودة شهية المخاطرة، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 1.3%، فيما صعدت عقود ناسداك بنسبة 1.8% في إشارة إلى تفاؤل المستثمرين بانطلاقة قوية لموسم الأرباح الأمريكي الذي تبدأه هذا الأسبوع البنوك الكبرى.
وفي أوروبا، صعدت العقود المستقبلية لمؤشرات المنطقة بنسب تراوحت بين 0.2% و0.5%، في حين أغلقت الأسواق الآسيوية على أداء متباين، حيث انخفض مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 1% متأثرًا بعطلة رسمية، وتراجعت الأسهم الكورية الجنوبية بنحو 1.2%، بينما هبطت الأسهم الصينية القيادية 0.9%.
الذهب يواصل الصعود فوق 4000 دولار للأوقية
واصلت أسعار الذهب ارتفاعها لتسجّل ذروة جديدة عند 4059 دولارًا للأوقية، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع عوائد السندات الأمريكية. ورغم تماسك الدولار الأمريكي، ظل الطلب على المعدن الأصفر مرتفعًا باعتباره ملاذًا آمنًا في مواجهة مخاطر الركود العالمي.
ويرى المحللون أن تزايد التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية لاحقًا هذا الشهر يعزز جاذبية الذهب، خصوصًا مع تراجع عائدات السندات لأجل 10 سنوات وغياب التداولات في سوق الخزانة الأمريكية بسبب عطلة محلية.
النفط يتعافى بعد خسائر الأسبوع الماضي
من جانبه، ارتفع خام برنت والعقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بأكثر من 1.5% ليعوضا بعض خسائرهما السابقة، مستفيدين من تراجع المخاوف بشأن تخمة المعروض وتوقعات بتزايد الطلب مع عودة النشاط الصناعي في الصين.
ويرى محللون أن استقرار أسعار النفط فوق 80 دولارًا للبرميل يعكس توازنًا هشًا بين عوامل الدعم مثل القيود الجيوسياسية، والعوامل الضاغطة مثل تباطؤ الطلب في أوروبا واليابان.
العملات: استقرار حذر قبل أسبوع مزدحم بالبيانات
في سوق العملات، استقر اليورو قرب مستوى 1.1600 دولار، في وقت ينتظر فيه المستثمرون تطورات تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة وسط أزمة سياسية متواصلة في باريس. أما الين الياباني فقد تراجع قليلًا مع عودة الإقبال على الأصول الخطرة، بينما تعافى الدولار الأسترالي مدعومًا بتحسّن شهية المخاطرة.
ومن المتوقع أن تشهد الأسواق تذبذبًا محدودًا قبل صدور بيانات أمريكية وأوروبية هامة هذا الأسبوع، تشمل مؤشرات أسعار المستهلكين، وثقة المستهلك، ومبيعات التجزئة.
الفيدرالي الأمريكي في دائرة الضوء
تُظهر تسعيرات الأسواق المالية أن هناك احتمالًا بنسبة 96% لخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) أسعار الفائدة في اجتماعه أواخر هذا الشهر، مع توقعات بخفضٍ آخر في ديسمبر. ويترقّب المستثمرون كلمة جيروم باول، رئيس الفيدرالي، يوم الثلاثاء خلال الاجتماع السنوي لجمعية الاقتصاد الأمريكية (NABE).
ويُتوقع أن يقدم باول إشارات أوضح بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية في ظل تباطؤ النمو وارتفاع أسعار الذهب والنفط، في حين يشارك عدد من كبار صناع السياسة النقدية في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هذا الأسبوع بواشنطن.
نظرة مستقبلية: تفاؤل مشوب بالقلق
يبدو أن المستثمرين بدأوا الأسبوع بمزيج من التفاؤل الحذر والرهان على أن “كل سحابة تجارية تحمل بطانة من الفرص”، كما وصف تقرير رويترز. إلا أن الأسواق لا تزال عُرضة لتقلبات حادة، خاصة مع غياب مؤشرات واضحة على تهدئة التوتر بين واشنطن وبكين، واشتداد المنافسة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والمعادن.
وبينما يراهن البعض على تمديد مهلة الرسوم الجمركية لتجنّب صدمة اقتصادية، يرى آخرون أن الأزمة الراهنة ليست مجرد خلاف تجاري، بل تحوّلت إلى صراع استراتيجي طويل الأمد بين قوتين تتنافسان على قيادة الاقتصاد العالمي.
ما أبرز العوامل المؤثرة على الأسواق العالمية هذا الأسبوع؟
العوامل الرئيسية تشمل تصريحات الرئيس الأمريكي حول الصين، بيانات التجارة الصينية، أداء موسم الأرباح الأمريكي، وتوقعات خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي.
هل ما زال الذهب يُعتبر الملاذ الآمن في ظل التوترات الحالية؟
نعم، يواصل الذهب جذب المستثمرين كأصل آمن في ظل اضطراب الأسواق، خصوصًا مع ضعف الدولار وتزايد احتمالات خفض الفائدة الأمريكية.
ما توقعات أسعار النفط خلال الأسابيع المقبلة؟
يتوقع المحللون بقاء أسعار النفط في نطاق يتراوح بين 80 و90 دولارًا للبرميل، ما لم تحدث تطورات جيوسياسية أو قرارات مفاجئة من تحالف أوبك+ تؤثر على المعروض.
كيف تتفاعل العملات الرئيسية مع التوتر التجاري بين أمريكا والصين؟
عادةً ما يتراجع الين والفرنك السويسري خلال فترات التفاؤل، بينما يتحسن الدولار الأسترالي واليورو مع عودة الإقبال على المخاطر، لكن السوق لا تزال حساسة لأي تصريحات جديدة من واشنطن أو بكين.
ما الذي يترقبه المستثمرون من كلمة جيروم باول؟
يتوقع المستثمرون أن يلمّح باول إلى خفض مؤكد للفائدة في أكتوبر، وربما يشير إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، ما قد يؤثر في حركة الدولار والعوائد والذهب.






















