الأسواق العالمية اليوم: تفاؤل تجاري يدفع الأسهم للصعود والذهب للتراجع
عادت شهية المخاطرة إلى الأسواق العالمية اليوم، بعدما أشاعت مؤشرات على قرب اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين موجة تفاؤل في أسواق الأسهم والسلع، بينما تراجع الذهب بفعل إقبال المستثمرين على الأصول عالية العائد.
تفاؤل يقود موجة صعود في الأسواق العالمية اليوم
استيقظت الأسواق العالمية اليوم على موجة من الزخم الإيجابي، بعدما أفادت تقارير بأن واشنطن وبكين توصّلتا إلى إطار مبدئي لاتفاق تجاري قد يعلن عنه في وقت لاحق هذا الأسبوع، عندما يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية. ورغم أن الحديث لا يزال يدور حول “اتفاق مفهومي” أكثر من كونه اتفاقًا نهائيًا، إلا أن مجرد الإشارة إلى انفراجة محتملة كان كافيًا لإشعال موجة تفاؤل عارمة في الأسواق.
ارتفعت مؤشرات الأسهم الآسيوية بقوة، حيث قفز مؤشر نيكاي الياباني وتايبي الكوري بأكثر من 2%، بينما لامست المؤشرات الصينية أعلى مستوياتها منذ بداية الشهر. كما صعدت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك بنسبة 1%، في إشارة إلى افتتاح قوي متوقع في وول ستريت.
الذهب يتراجع أمام شهية المخاطرة
في المقابل، تعرضت أسعار الذهب لضغوط بيعية مع عودة شهية المستثمرين نحو الأسهم والسلع الصناعية. تراجع المعدن النفيس بأكثر من 1% ليتم تداوله قرب 4,060 دولارًا للأونصة، بعدما كان قد سجل مستويات قياسية في الأسبوع الماضي. ويرى المحللون أن أي انفراجة في المفاوضات التجارية قد تدفع المستثمرين لتقليص مراكزهم الدفاعية في الذهب واللجوء إلى الأصول ذات المخاطر الأعلى.
ويقول متعاملون في الأسواق إن الضعف في الذهب جاء متزامنًا مع ارتفاع الدولار الأميركي، إذ دعمته توقعات خفض الفائدة المرتقب من مجلس الاحتياطي الفدرالي بنحو 25 نقطة أساس، ما يعيد التوازن بين العائد والمخاطرة في المحافظ الاستثمارية.
اتفاق تجاري.. أم هدنة مؤقتة؟
رغم الأجواء الإيجابية، يحذر محللون من أن ما تم التوصل إليه بين الجانبين الأميركي والصيني قد لا يتجاوز كونه تمديدًا للهدنة التجارية التي وُقّعت في فترات سابقة. إذ يشير مراقبون إلى أن واشنطن تسعى لتجميد الرسوم الجمركية الإضافية على السلع الصينية، مقابل تخفيف بكين قيودها على تصدير المعادن النادرة المستخدمة في صناعة الرقائق والمعالجات الإلكترونية.
لكن الطرفين لم يعلنا تفاصيل واضحة حتى الآن، ما يجعل التفاؤل في الأسواق مشوبًا بالحذر. وتخشى المؤسسات المالية الكبرى أن يكون الاتفاق مجرد خطوة تكتيكية لتأجيل الخلافات العميقة حول التكنولوجيا والملكية الفكرية وسلاسل التوريد.
أسواق الأسهم تتأهب لأسبوع مزدحم
تأتي موجة التفاؤل هذه في وقت تترقب فيه الأسواق أسبوعًا حافلًا بقرارات السياسة النقدية من جانب أكبر البنوك المركزية في العالم. إذ من المنتظر أن يعقد كل من بنك اليابان، وبنك كندا، والبنك المركزي الأوروبي، ومجلس الاحتياطي الفدرالي اجتماعاتهم خلال الأيام المقبلة.
ويتوقع المستثمرون أن يقدم الاحتياطي الفدرالي على خفض جديد للفائدة، في محاولة لدعم الاقتصاد الأميركي بعد أسابيع من الشلل الجزئي الذي أصاب مؤسسات الحكومة بسبب الإغلاق الفدرالي. ومن شأن خفض الفائدة أن يعزز شهية المخاطرة ويدعم استمرار الاتجاه الصاعد في الأسهم.
الأرباح الفصلية تسيطر على معنويات المستثمرين
إلى جانب السياسة النقدية، تسلط الأضواء على موسم الأرباح في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث ستعلن شركات التكنولوجيا الكبرى والبنوك العالمية نتائجها الفصلية خلال الأسبوع الجاري. وتشير التقديرات الأولية إلى أن معظم الشركات الأميركية ستحقق نموًا سنويًا في الأرباح يتراوح بين 6 و8%، ما قد يعزز الثقة في قدرة الاقتصاد العالمي على تجاوز التحديات.
توقعات العملات والسلع
في سوق العملات، ارتفع الدولار الأميركي بشكل طفيف مقابل الين واليورو، مدعومًا بتوقعات الفائدة، فيما تراجع اليوان الصيني قليلًا بعد صعود قوي الأسبوع الماضي. أما النفط، فقد استفاد من التفاؤل التجاري، إذ ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت إلى نحو 66.8 دولارًا للبرميل، بدعم من آمال تحسن الطلب العالمي وتخفيف القيود التجارية.
كما قفزت أسعار النحاس بنحو 1.5%، في إشارة إلى تحسن توقعات التصنيع العالمية، وهو ما يعزز الرأي القائل بأن الأسواق تراهن على عودة النشاط الصناعي الصيني بقوة في حال تحقق الاتفاق التجاري.
قراءة تحليلية: المخاطر ما زالت قائمة
ورغم التحسن الملحوظ في المؤشرات اليوم، يرى محللون أن الأسواق العالمية تبالغ في التفاؤل، إذ لا تزال المخاطر الجيوسياسية قائمة، من بينها ملف تايوان، والتوترات في بحر الصين الجنوبي، ومخاوف تباطؤ النمو في أوروبا. كما أن استمرار ارتفاع الأسعار العالمية للطاقة قد يحد من قدرة البنوك المركزية على التيسير النقدي لفترة طويلة.
ومن منظور استراتيجي، فإن الأسواق العالمية اليوم تتفاعل مع الأخبار قصيرة الأجل بسرعة تفوق قدرة السياسات على التكيّف معها، وهو ما يجعل الاتجاهات قابلة للانعكاس في أي لحظة. لذا، فإن أي خيبة أمل في تفاصيل الاتفاق المرتقب بين واشنطن وبكين قد تعيد موجة التذبذب من جديد.
باختصار، تبدو الأسواق العالمية اليوم عالقة بين موجة من التفاؤل الحذر والانتظار الحذر. المستثمرون يحتفون بإمكانية عودة العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم إلى مسار أكثر استقرارًا، لكنهم يدركون في الوقت ذاته أن الطريق نحو اتفاق شامل ما زال طويلًا. وحتى تتضح معالم الاتفاق المنتظر، سيبقى التذبذب عنوان المرحلة المقبلة، مع احتمال استمرار صعود الأسهم وتراجع الذهب مؤقتًا.
ما أبرز العوامل المؤثرة في الأسواق العالمية اليوم؟
العامل الرئيسي هو التفاؤل بشأن اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب توقعات خفض الفائدة من البنوك المركزية الكبرى، ونتائج أرباح الشركات الأميركية.
لماذا تراجع الذهب رغم تصاعد المخاطر الاقتصادية؟
تراجع الذهب نتيجة تحول المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر الأعلى مثل الأسهم والسلع الصناعية، مدفوعين بتوقعات اتفاق تجاري وتيسير نقدي من الفدرالي الأميركي.
هل يمكن أن يستمر صعود الأسواق العالمية؟
قد يستمر الزخم الصعودي على المدى القصير طالما ظل التفاؤل قائماً، لكن أي خيبة أمل في تفاصيل الاتفاق الأميركي الصيني أو بيانات اقتصادية ضعيفة قد تعيد موجة الهبوط.






















