الأسهم الكندية ترتفع رغم تراجع مبيعات التجزئة في كندا
شهدت الأسهم الكندية تعافياً ملحوظاً في تداولات يوم الجمعة، حيث تمكن مؤشر S&P/TSX من تحقيق مكاسب واضحة بعد جلسة سابقة اتسمت بالهبوط الحاد. يأتي هذا الارتفاع في وقت تظهر فيه البيانات الاقتصادية أن مبيعات التجزئة في كندا سجلت تراجعاً في سبتمبر، مما يعكس حالة من التباطؤ في إنفاق المستهلكين مع نهاية عام 2025.
ارتفاع مؤشر TSX يعوض خسائر الجلسة السابقة
افتتح مؤشر TSX تعاملات الجمعة على صعود قوي تجاوز 240 نقطة، ليصعد بنسبة 0.8% إلى مستوى 30,147 نقطة، بعد أن كان قد أنهى جلسة الخميس بخسائر تجاوزت 371 نقطة نتيجة ضغط بيعي واسع شمل معظم قطاعات السوق.
ورغم المكاسب الحالية، يبقى المزاج العام في الأسهم الكندية الأسهم الكنديةحذراً، نتيجة تزايد مؤشرات الضعف الاقتصادي في أمريكا الشمالية، وتحديداً بعد صدور بيانات أميركية أقوى من المتوقع بشأن الوظائف، الأمر الذي دفع الأسواق لإعادة تقييم احتمالات خفض الفائدة الأميركية في ديسمبر.
معنويات الأسواق تحت الضغط
تشير تحركات السوق الأخيرة إلى أن الثقة ما تزال هشة، خاصةً بعدما أظهرت بيانات الوظائف الأميركية نموًا قوياً ساهم في الحد من رهانات خفض الفائدة. وبينما يستمر المستثمرون في مراقبة تطورات السياسة النقدية الفيدرالية، ازدادت المخاوف من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يواجه صعوبة في تقديم دعم إضافي للاقتصاد خلال الأشهر المقبلة.
وتأثرت الأسهم العالمية الأسهم الكندية، بما في ذلك أسهم كندا، بالقلق المتزايد حول حجم الإنفاق الضخم على مشاريع الذكاء الاصطناعي من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى. فبالرغم من النتائج القوية التي أعلنتها Nvidia مؤخراً، إلا أن المخاوف من تضخم تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي ما تزال تضغط على جزء كبير من الأسواق العالمية.
تراجع مبيعات التجزئة في كندا: إشارة على تباطؤ اقتصادي
وفقاً لبيانات رسمية صادرة عن هيئة الإحصاء الكندية، سجلت مبيعات التجزئة في كندا انخفاضاً بنسبة 0.7% في سبتمبر لتصل إلى 69.8 مليار دولار، فيما تراجعت المبيعات من حيث الحجم بنسبة 0.8%، وهو ما يؤكد ضغوطاً حقيقية على القوة الشرائية للمستهلكين.
تراجع مبيعات السيارات يقود الهبوط
أظهرت البيانات أن قطاع السيارات وقطع الغيار كان المسؤول الأكبر عن تراجع مبيعات التجزئة، حيث هبطت مبيعاته بنسبة 2.9% بعد ارتفاع استمر لشهرين متتاليين. كما تراجعت مبيعات السيارات الجديدة بنسبة 3.6%، مما يعكس تباطؤاً في الطلب وسط ارتفاع تكاليف التمويل وقيود العرض المستمرة.
وفي المقابل، ارتفعت مبيعات محطات الوقود بنسبة 1.9%، إلا أن حجم المبيعات الفعلي انخفض بنسبة 1%، ما يعني أن الارتفاع كان نتيجة لزيادة أسعار الوقود وليس زيادة في الاستهلاك.
القطاعات الأساسية تتباين
سجلت مبيعات السلع الأساسية أداءً متبايناً خلال الشهر، حيث ارتفعت مبيعات المواد الغذائية والمشروبات، وخاصة قطاع المشروبات الكحولية الذي حقق نمواً بنسبة 3.4%. لكنها لم تكن كافية لتعويض التراجع في قطاعات مثل مواد البناء والسلع العامة.
وتُعد هذه التغيرات مؤشراً على أن المستهلك الكندي بات أكثر حذراً في إنفاقه، مع ارتفاع التضخم الأساسي وتقلّص الدخل الحقيقي، إضافة إلى استمرار أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة مقارنة بالسنوات الأخيرة.
التأثير الإقليمي: أونتاريو في المقدمة
شهدت ست من أصل عشر مقاطعات كندية انخفاضاً في مبيعات التجزئة، وكانت أونتاريو الأكثر تأثراً بانخفاض نسبته 1.2%، نتيجة تراجع كبير في مبيعات السيارات. أما مدينة تورنتو، فقد سجلت انخفاضاً أكثر حدة بلغ 2.3%، وهو استمرار للضعف الذي تشهده أكبر سوق حضرية في كندا منذ النصف الأول من العام.
الذهب يفقد مكاسبه وسط ضغط الدولار
على صعيد السلع، شهدت أسعار الذهب تراجعاً ملحوظاً مع انخفاض الرهانات على خفض الفائدة الأميركية. فقد انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 1% إلى 4036 دولاراً للأونصة، بينما هبطت العقود الآجلة لشهر ديسمبر بنسبة 0.6%.
ويواجه الذهب أسبوعاً سلبياً بفعل ارتفاع الدولار وتراجع شهية المستثمرين نحو الملاذات الآمنة. ورغم أن الذهب كان قد حقق مكاسب بنسبة 2% في الأسبوع الماضي، إلا أن موجة الضغوط الحالية أعادت الأسعار للانخفاض فوق مستوى 4000 دولار بقليل.
أسعار النفط تتراجع بفعل التطورات الجيوسياسية
وفي أسواق الطاقة، واصلت أسعار النفط تراجعها يوم الجمعة، حيث انخفضت عقود خام برنت بنسبة 2.2% إلى 61.99 دولار للبرميل، وتراجعت عقود خام غرب تكساس WTI بنسبة 2.5% إلى 57.49 دولار.
الأسهم الكندية
وتأتي هذه التراجعات بينما تراقب الأسواق تطورات المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا. ويرى المستثمرون أن أي اتفاق محتمل قد يرفع المعروض النفطي العالمي، مما يقلل من المخاطر الجيوسياسية التي رفعت أسعار النفط في السنوات الأخيرة.
كما تشير التوقعات إلى أن أسعار النفط تتجه لإنهاء الأسبوع على انخفاض بنحو 4%، مما يمحو جزءاً كبيراً من مكاسب الأسبوع الماضي.
الأسهم الكندية
انعكاسات الأداء الاقتصادي على الأسواق الكندية
تأتي هذه التطورات في وقت تدخل فيه كندا المرحلة الأخيرة من العام وسط تباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي، وضغوط على أسواق العمل، وارتفاع تكاليف الاقتراض. ورغم ذلك، يظل مؤشر TSX مدعوماً بأداء مستقر لأسهم الطاقة والمعادن في بعض الجلسات، إضافة إلى تحسن في شهية المستثمرين تجاه الأسهم الدفاعية.
ويترقب المستثمرون الآن البيانات الاقتصادية القادمة، وعلى رأسها مؤشرات التضخم ومبيعات الجملة، لتقييم ما إذا كان التباطؤ الحالي مؤقتاً أم مقدمة لمرحلة تباطؤ أطول في 2026.
هل تظل الأسهم الكندية قادرة على الصمود؟
رغم الضغوط العالمية، تظهر الأسهم الكندية قدرة نسبية على الصمود، لكن مستقبلها يتوقف بشكل كبير على قرارات السياسة النقدية في الولايات المتحدة وكندا معاً. فإذا اتجه بنك كندا إلى تثبيت الفائدة لفترة أطول، فقد تتقلص فرص التعافي في قطاعات حساسة مثل العقارات والمستهلكين.
ومع ذلك، يظل قطاع التكنولوجيا في كندا نقطة مراقبة مهمة، خاصةً مع التأثير العالمي لأسهم الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها شركة Nvidia، التي أسهمت نتائجها الأخيرة في تهدئة الأسواق جزئياً رغم الضغوط اللاحقة.
يظهر المشهد الاقتصادي الكندي مزيجاً من التفاؤل الحذر والضغوط المتزايدة. فبينما ارتفع مؤشر TSX في جلسة الجمعة محققاً تعافياً قوياً، فإن تراجع مبيعات التجزئة وتذبذب أسعار السلع يظلان مؤشرَين واضحين على ضعف الطلب الداخلي. وسيكون أداء الاقتصاد في الربع الرابع من عام 2025 حاسماً في تحديد مسار الأسواق خلال العام المقبل.






















