الأسهم العالمية تتعرض لهزة عنيفة بفعل مخاوف التقييمات وقطاع التكنولوجيا يتصدر الخسائر
شهدت الأسهم العالمية تراجعًا حادًا في تعاملات الأربعاء، بعدما أثارت المخاوف من المبالغة في تقييمات الشركات موجة بيع قوية، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا الذي كان المحرك الأبرز لمكاسب الأسواق خلال العام الجاري. وشهدت مؤشرات آسيا وأوروبا وول ستريت تذبذبًا حادًا وسط ارتفاع مستويات التقلب لأعلى مستوياتها منذ أشهر.
ضغوط بيعية حادة في آسيا.. اليابان وكوريا تتصدران الخسائر
في آسيا، شهدت الأسواق تراجعًا حادًا بعدما اقتفى المستثمرون أثر الهبوط الأميركي. وتراجع مؤشر طوكيو بنسبة تقارب 7% من أعلى مستوياته التاريخية التي لامسها يوم الثلاثاء، قبل أن يقلص الخسائر إلى نحو 2.8% في نهاية الجلسة. كما هوى مؤشر كوسبي الكوري بأكثر من 6% في بدايات التعاملات قبل أن يغلق على انخفاض 2.9%.
وسجلت أسهم التكنولوجيا اليابانية والكورية أكبر الخسائر، إذ فقدت مجموعة سوفت بنك أكثر من 14% من قيمتها السوقية، بينما تراجع سهم سامسونغ إلكترونيكس بنسبة 7.8% وإس كيه هاينكس بنحو 9.2%. وتأتي هذه الانخفاضات الحادة بعد تراجع مؤشر ناسداك الأميركي بنسبة 2% ليل الثلاثاء، مما أعاد المخاوف بشأن تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي.
تراجع الزخم بعد طفرة الذكاء الاصطناعي
شهد عام 2025 موجة صعود غير مسبوقة لأسهم شركات التقنية، مدفوعة بتوسع الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي والرقمنة. إلا أن محللين حذروا مؤخرًا من أن الأسواق وصلت إلى مستويات «مبالغ فيها»، شبيهة بفترة فقاعة الإنترنت مطلع الألفية. وقال الخبير الاقتصادي إد يارديني إن «المستثمرين يجنون أرباحًا هائلة، ومن الطبيعي أن تبدأ عمليات جني الأرباح، خاصة في الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي».
وول ستريت تحت الضغط.. تحذيرات من تصحيح وشيك
امتدت الموجة البيعية إلى الأسواق الأميركية، حيث تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.2% في جلسة الثلاثاء، بينما فقد «ناسداك» أكثر من 2% من قيمته، وسط ضغوط واضحة على أسهم التكنولوجيا الكبرى مثل إنفيديا ومايكروسوفت وأمازون.
وجاءت موجة الهبوط بعد تحذيرات متكررة من قادة وول ستريت بشأن تضخم تقييمات السوق. فقد تساءل كل من جيمس غورمان الرئيس التنفيذي لـ«مورغان ستانلي»، وديفيد سولومون من «غولدمان ساكس»، عن مدى استدامة القيم السوقية المرتفعة الحالية، في حين حذر جيمي ديمون رئيس «جي بي مورغان» الشهر الماضي من «احتمال تصحيح حاد» خلال العامين المقبلين.
الخوف من الارتفاع المفرط
يرى المحللون أن ما يحدث الآن هو «تصحيح صحي» بعد موجة مكاسب غير منطقية، حيث قفزت تقييمات العديد من شركات التكنولوجيا إلى مستويات تعكس نموًا يفوق الواقع. ومع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وتباطؤ الطلب في بعض القطاعات، بدأ المستثمرون بإعادة تقييم مراكزهم، مما أدى إلى زيادة حدة التقلبات.
الأسواق الأوروبية تتأثر بالموجة.. والمستثمرون يعيدون حساباتهم
الأداء السلبي امتد إلى الأسواق الأوروبية الأسهم العالمية، حيث تراجع مؤشر «ستوكس 600» بنحو 1% مع تراجع أسهم التكنولوجيا والخدمات المالية. كما تأثرت أسواق لندن وفرانكفورت وباريس بالهزة الآسيوية، وسط تزايد الحذر من إمكانية انتقال العدوى إلى باقي القطاعات.
وقال محلل الأسواق مات سيمبسون من شركة «ستون إكس» في برزبين إن «الأسواق تتحرك بدافع القطيع، فالكل يسارع إلى البيع دون انتظار تفسيرات اقتصادية عميقة». وأضاف أن المستثمرين «لا يبحثون عن الإجابات الآن، بل عن المخرج السريع».
انتعاش محدود في الصين.. وتيسير تجاري مع واشنطن
في المقابل، أظهرت الأسهم الصينية بعض الصمود، إذ ارتفع مؤشر CSI 300 بنسبة 0.5% بعد إعلان بكين تعليق التعرفة الإضافية بنسبة 24% على السلع الأميركية لمدة عام، والإبقاء فقط على نسبة 10%. هذه الخطوة جاءت عقب لقاء الرئيسين شي جين بينغ ودونالد ترامب الأسبوع الماضي، مما أعطى دفعة محدودة للأسواق الإقليمية.
بيانات اقتصادية متباطئة
ورغم الانتعاش الطفيف، أظهر مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخدمي في الصين أبطأ وتيرة توسع خلال ثلاثة أشهر، ما يشير إلى استمرار ضعف الطلب المحلي وتأثيره على النمو الاقتصادي.
العملات والذهب والنفط.. تحركات حذرة وسط التذبذب
على صعيد العملات، شهد الدولار الأميركي تراجعًا طفيفًا أمام الين الياباني بعد صدور محضر اجتماع بنك اليابان الأخير، ثم عاد للاستقرار عند مستوى 153.65 ين. كما ارتفع اليورو بنسبة 0.1% إلى 1.1488 دولار بعد سلسلة خسائر استمرت خمسة أيام.
أما الذهب فقد عوّض خسائره الأخيرة مرتفعًا بنسبة 1% إلى 3,971 دولارًا للأونصة، مستفيدًا من ضعف الدولار وتراجع عوائد السندات الأميركية، في حين ارتفع خام برنت بنسبة 0.1% إلى 64.51 دولارًا للبرميل.
انعكاسات محتملة على الأسواق العربية والخليجية
يُتوقع أن تؤثر هذه الهزات في الأسهم العالمية على أداء الأسواق الخليجية خلال الأيام المقبلة، خصوصًا في القطاعات المرتبطة بالطاقة والبتروكيماويات. ومع تزايد المخاوف بشأن الطلب العالمي على النفط والتكنولوجيا، قد تشهد بورصات مثل تداول السعودية وبورصة الكويت موجات تذبذب مماثلة في حال استمر ضعف شهية المخاطرة لدى المستثمرين العالميين.
ويرى محللون إقليميون أن الأسواق العربية لا تزال أقل تأثرًا بالتقلبات التقنية مقارنة بنظيراتها الآسيوية، لكنها ستتأثر بشكل غير مباشر من خلال حركة رؤوس الأموال وصناديق الاستثمار الأجنبية التي تعيد موازنة محافظها بين الأصول الخطرة والملاذات الآمنة.
نظرة مستقبلية: تصحيح مؤقت أم بداية دورة هبوطية؟
تتباين الآراء حول ما إذا كانت هذه الموجة مجرد تصحيح مؤقت بعد مكاسب قوية، أم بداية دورة هبوطية أطول. ويؤكد بعض المحللين أن التقييمات ما زالت مرتفعة نسبيًا رغم التراجع الأخير، وأن المستثمرين بحاجة إلى رؤية نتائج أرباح أقوى لتبرير الأسعار الحالية.
في المقابل، يرى آخرون أن الأساسيات الاقتصادية لا تزال متينة، وأن الأسواق قد تستقر سريعًا مع استمرار التفاؤل حيال توسع الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة خلال العام المقبل.
لكن المؤكد أن الأسهم العالمية الأسهم العالمية دخلت مرحلة جديدة من الحذر والترقب، حيث يتقدم الخوف على الطمع، وتعود الأسس الاقتصادية لتحدد الاتجاه القادم بعد فترة طويلة من الصعود المدفوع بالعواطف.
ما السبب الرئيسي وراء تراجع الأسهم العالمية؟
السبب الرئيس هو تصاعد مخاوف المبالغة في تقييمات الشركات، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا، بعد تحذيرات من قادة وول ستريت بخصوص احتمالات تصحيح في الأسعار.
هل تعتبر هذه الهزة بداية أزمة مالية جديدة؟
حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أزمة نظامية، بل يُنظر إليها كتصحيح مؤقت في أسواق بلغت مستويات قياسية من التفاؤل والارتفاع.
كيف قد تتأثر الأسواق الخليجية والعربية؟
قد تشهد الأسواق العربية تذبذبات محدودة، خصوصًا في القطاعات المرتبطة بالنفط والبتروكيماويات، تبعًا لحركة الأسواق العالمية وسلوك المستثمرين الأجانب.






















