الأسهم الأوروبية تقلل خسائرها الأسبوعية في ظل تصاعد مخاوف الائتمان
تراجع جماعي للمؤشرات الأوروبية رغم محاولة تقليص الخسائر
أنهت الأسهم الأوروبية تعاملات الجمعة على انخفاض حاد، بعد أسبوع متقلب اتسم باضطرابات حادة في الأسواق العالمية، وسط تصاعد المخاوف بشأن جودة الائتمان في القطاع المصرفي الأوروبي والأمريكي على حد سواء.
وتراجع مؤشر Stoxx 600 الأوروبي بنسبة 0.91% ليغلق عند مستوى 566.48 نقطة، فيما هبط مؤشر DAX الألماني بنسبة 1.76% إلى 23,854.41 نقطة. أما مؤشر FTSE 100 البريطاني فقد خسر 0.86% ليستقر عند 9,354.57 نقطة، في حين أغلق مؤشر CAC 40 الفرنسي منخفضاً بنسبة 0.18% عند 8,174.20 نقطة بعد جلسة متقلبة.
ورغم هذا الأداء السلبي، فقد تمكنت الأسواق من تقليص خسائرها الأسبوعية، إذ استفادت مؤقتًا من ارتفاع أسهم السلع الفاخرة يوم الأربعاء بعد أسبوع شهد اضطرابات حادة وقلقاً واسعاً من تداعيات الائتمان الأمريكي.
مخاوف الائتمان الأمريكية تمتد إلى أوروبا
تأثرت الأسواق الأوروبية بموجة القلق التي اجتاحت وول ستريت بعد تجدد المخاوف بشأن سلامة القروض في البنوك الإقليمية الأمريكية. فقد انخفض مؤشر البنوك الأوروبية ضمن Stoxx 600 بنحو 1.8% خلال تعاملات الجمعة، قبل أن يقلّص جزءاً من خسائره مع إغلاق الجلسة.
وفي الولايات المتحدة، تراجعت أسهم البنوك الإقليمية وبنك جيفريز الاستثماري على خلفية أنباء عن تعثر بعض القروض العقارية والتجارية، ما أعاد إلى الأذهان أزمة الثقة التي شهدها القطاع في 2023.
وفي هذا السياق، صرّح الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه لقناة CNBC قائلاً: “الحذر واليقظة أمران جوهريان في أي مكان في العالم عندما يتعلق الأمر بمخاوف جودة الائتمان”، مضيفاً أنه لا يرى أزمة حادة في الأفق لكنه حذر من “ركود تضخمي محتمل” ناجم عن الرسوم الجمركية والعجز الأمريكي وسياسات الهجرة الجديدة.
فشل صفقة الاستحواذ بين BBVA وSabadell يهز القطاع المصرفي
في خضم هذه التوترات، فشلت محاولة بنك BBVA الإسباني للاستحواذ على منافسه المحلي Sabadell بعد رفض المساهمين العرض البالغ 16.32 مليار يورو. النتيجة كانت متباينة: إذ ارتفعت أسهم BBVA بنسبة 6.6% يوم الجمعة مع ترحيب المستثمرين بانسحاب البنك من صفقة محفوفة بالمخاطر، بينما انخفض سهم Sabadell بنسبة 6.4%.
ويُعد هذا الفشل ضربة للقطاع المصرفي الإسباني الذي يواجه ضغوطاً كبيرة من ارتفاع تكاليف الإقراض وضعف الطلب على القروض. ويرى المحللون أن الصفقة كانت ستُحدث تكتلاً ضخماً في السوق، لكن التوقيت لم يكن في صالحها وسط تصاعد المخاطر الائتمانية.
أسهم الدفاع تتراجع بعد اجتماع ترامب وبوتين
الأنظار اتجهت أيضاً إلى أسهم قطاع الدفاع في أوروبا، بعدما أعلن البيت الأبيض عن اجتماع مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في المجر لمناقشة تطورات الحرب في أوكرانيا.
الخبر ضغط على أسهم الدفاع، إذ هبط مؤشر Stoxx Europe Total Market Aerospace and Defense بنسبة 2.9%، في أكبر تراجع يومي له منذ يوليو الماضي. وتراجع سهم Rheinmetall الألماني بنسبة 5.7%، بينما هبط سهم Hensoldt بنسبة 6.8%، وسهم Color بنسبة 4.3%.
ويُمثل هذا التحول انعكاساً لاضطراب الثقة في قطاعي البنوك والدفاع، اللذين كانا بمثابة “نقطتي ضوء” في الأداء القوي للأسهم الأوروبية هذا العام. وقد حققت مؤشراتهما مكاسب سنوية بنحو 54% و60% على التوالي قبل هذا الهبوط المفاجئ.
فولفو تخالف التوقعات لكن السهم يهبط 7%
على صعيد الشركات، أعلنت مجموعة فولفو السويدية لتصنيع الشاحنات عن نتائج مالية فاقت التوقعات في الربع الثالث من العام، إذ بلغ صافي ربحها 11.7 مليار كرونة سويدية (1.3 مليار دولار)، مقابل توقعات بلغت 8.75 مليار كرونة وفقاً لتقديرات شركة LSEG.
ورغم الأداء الإيجابي للأرباح، انخفضت أسهم فولفو بنسبة 7%، وهو أسوأ أداء يومي منذ أبريل، نتيجة تحذيرات الإدارة من “ظروف سوق صعبة” في أمريكا الشمالية والجنوبية أثرت سلباً على المبيعات.
وبذلك، تكون أسهم فولفو قد خسرت نحو 1% منذ بداية العام، ما يعكس استمرار التحديات التي تواجه قطاع الشاحنات والمعدات الثقيلة في ظل تباطؤ الطلب العالمي وارتفاع التكاليف التشغيلية.
نوفو نورديسك تتراجع بعد تصريحات ترامب حول أسعار الأدوية
لم يسلم قطاع الأدوية من الضغوط، إذ تراجع سهم نوفو نورديسك الدنماركية بنسبة 5.8% بعد تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب حول خطط لخفض أسعار أدوية إنقاص الوزن، وهو ما أثار مخاوف المستثمرين بشأن أرباح الشركة في السوق الأمريكية.
وتُعد نوفو نورديسك من أبرز الشركات الأوروبية المدرجة التي قادت مكاسب السوق خلال العام الجاري، بفضل نجاح أدوية “أوزيمبيك” و”ويغوفي”، لكن هذه التصريحات كانت كافية لتدفع المستثمرين لجني الأرباح سريعاً بعد موجة صعود طويلة.
الأسهم الأوروبية
التضخم الأوروبي يظل مستقراً عند 2.2%
من ناحية أخرى، أكدت بيانات يوروستات يوم الجمعة استقرار معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو عند 2.2%، متوافقاً مع التوقعات السابقة، ما يعزز الرأي القائل بأن البنك المركزي الأوروبي بات قريباً من إنهاء دورة التيسير النقدي.
وخلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هذا الأسبوع، صرّح عضو مجلس المحافظين بالبنك المركزي الأوروبي مارتن كوشر بأن دورة خفض الفائدة “شارفت على الانتهاء أو على وشك الانتهاء”، مشيراً إلى أن مستويات الأسعار بدأت تظهر إشارات استقرار بعد عامين من التقلبات.
ورغم هذه التطمينات، ما تزال الأسهم الأوروبية تواجه ضغوطاً من تباطؤ النمو الصناعي وتراجع ثقة المستهلكين، بينما يحذر المحللون من أن استمرار التوتر التجاري بين واشنطن وبكين قد يعيد إشعال موجة جديدة من تقلبات السوق.
الأسهم الأوروبية
نظرة تحليلية: هل تستعيد الأسهم الأوروبية زخمها قريباً؟
يرى محللون أن الأداء السلبي الحالي قد يشكل تصحيحاً مؤقتاً بعد مكاسب قوية للأسهم الأوروبية في الربع الثالث من العام. فأسواق المال لا تزال تتلقى دعماً من السياسة النقدية المتساهلة نسبيًا في أوروبا مقارنة بالولايات المتحدة، ومن ارتفاع شهية المستثمرين نحو الشركات ذات العوائد المستقرة.
الأسهم الأوروبية
لكن في المقابل، فإن تزايد القلق حول جودة القروض وتراجع السيولة في البنوك الإقليمية الأمريكية قد يحد من تدفق رؤوس الأموال نحو الأصول الأوروبية، خاصة في القطاعات الحساسة مثل المصارف والتأمين والطيران.
وفي المدى القريب، سيظل اتجاه الأسهم الأوروبية الأسهم الأوروبية مرهوناً بنتائج أرباح الشركات الكبرى والتطورات الجيوسياسية، خاصة ما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الروسية والأزمة الأوكرانية.
ما سبب تراجع الأسهم الأوروبية هذا الأسبوع؟
جاء التراجع نتيجة تصاعد مخاوف الائتمان في البنوك الأمريكية، ما أثر على القطاع المالي الأوروبي، بالإضافة إلى ضغوط على أسهم الدفاع والعقاقير عقب تصريحات سياسية واقتصادية مؤثرة.
هل هناك مؤشرات على أزمة مصرفية أوروبية جديدة؟
حتى الآن لا توجد إشارات مباشرة على أزمة شاملة، لكن البنوك الأوروبية تتعرض لضغوط من ارتفاع الفائدة وتراجع السيولة، فيما يتزايد القلق بشأن جودة الأصول.
هل سيواصل البنك المركزي الأوروبي خفض الفائدة؟
تشير تصريحات المسؤولين إلى أن دورة التيسير النقدي أوشكت على الانتهاء، بعد استقرار التضخم عند 2.2%، وهو ما قد يدفع البنك لتبني موقف أكثر حذراً في الأشهر المقبلة.
كيف تؤثر تصريحات ترامب على الأسهم الأوروبية؟
تصريحات ترامب بشأن خفض أسعار الأدوية أو الرسوم الجمركية تؤثر على شركات أوروبية كبرى مثل نوفو نورديسك، وتزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق.






















