الأسهم الأوروبية تتراجع من أعلى مستوى لها في 5 أشهر مع هبوط التكنولوجيا والدفاع
الأسهم الأوروبية هبطت في تعاملات اليوم الأربعاء، متراجعة عن القمم الأخيرة التي سجلتها خلال خمسة أشهر، وذلك بفعل الضغوط التي واجهتها أسهم قطاعي التكنولوجيا والدفاع. جاء ذلك وسط مزيج من التحديات، منها بيانات التضخم البريطانية المرتفعة، واستمرار حالة عدم اليقين بشأن الأزمة الأوكرانية، ما دفع المستثمرين للتحوط وتقليص مراكزهم في أسواق الأسهم.
تراجع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي
انخفض مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 0.2% إلى مستوى 556.62 نقطة، بعد أن كان قد أغلق أمس عند أعلى مستوياته منذ مارس الماضي. وتراجعت معظم البورصات الأوروبية الكبرى إلى المنطقة الحمراء، في ظل ضغوط جماعية على القطاعات الحساسة للتقلبات الاقتصادية.
وفي ألمانيا، خسر مؤشر داكس نحو 0.6% ليستقر عند 24,262.62 نقطة، متأثراً بالضغوط على أسهم الشركات التكنولوجية والصناعية. أما مؤشر فوتسي 100 البريطاني فقد انخفض 0.1% إلى 9,179.20 نقطة، بعد صدور بيانات أظهرت ارتفاع التضخم في المملكة المتحدة إلى 3.8% في يوليو/ تموز، وهو ما اعتبر أعلى مستوى منذ بداية 2024 ومتوافق مع توقعات بنك إنكلترا.
بيانات التضخم البريطانية تضغط على الأسواق
التقرير الأخير حول التضخم في بريطانيا كان له أثر مباشر على أداء الأسهم الأوروبية. فقد عززت البيانات من احتمالات أن يبقي بنك إنكلترا على سياسة نقدية مشددة لفترة أطول، وهو ما أثار قلق المستثمرين بشأن آفاق النمو الاقتصادي. ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة كان من أبرز العوامل الدافعة لزيادة معدل التضخم.
ويقول محللون إن الأسواق الأوروبية باتت حساسة بشكل متزايد لأي إشارات نقدية من البنوك المركزية الكبرى، خاصة بعد أن أظهرت مؤشرات التضخم في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تبايناً في المسار، ما يضيف مزيداً من الضبابية لمشهد الاستثمار.
أسهم الدفاع تحت الضغط
أسهم شركات الدفاع الأوروبية واصلت هبوطها لليوم الثاني على التوالي، حيث تراجعت بنحو 1.5% في التعاملات المبكرة. هذا التراجع جاء بعد الأنباء عن قمة محتملة بين روسيا وأوكرانيا بدعم دولي، وهو ما قلل من التوقعات باستمرار الطلب القوي على الأصول الدفاعية.
كما ساهمت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تحدث فيها عن إمكانية تقديم دعم جوي لأوكرانيا ضمن اتفاق سلام محتمل، مع استبعاد أي نشر للقوات البرية، في دفع المستثمرين لإعادة تقييم مراكزهم في قطاع الدفاع.
أسهم التكنولوجيا تقتفي أثر وول ستريت
الضغوط لم تقتصر على قطاع الدفاع، بل امتدت أيضاً إلى أسهم التكنولوجيا التي سجلت تراجعاً يقارب 1%. وقد جاء هذا الانخفاض على خلفية الأداء الضعيف لنظيراتها في وول ستريت، حيث أثارت المخاوف من فقاعة محتملة في أسهم الذكاء الاصطناعي حالة من القلق لدى المستثمرين.
كما يواجه القطاع صعوبة في التكيف مع حالة عدم اليقين بشأن توقعات أسعار الفائدة، وهو ما يزيد من الضغوط على الشركات ذات التقييمات المرتفعة التي تعتمد على التمويل الرخيص للنمو.
هبوط حاد في أسهم «ألكون» السويسرية-الأميركية
من بين الخاسرين الكبار في جلسة اليوم، تراجعت أسهم مجموعة ألكون السويسرية-الأميركية للعناية بالعين بنسبة 9.8%، بعد إعلانها خفض توقعاتها لصافي المبيعات لعام 2025. وأشارت الشركة إلى أن التعريفات الجمركية الأميركية الجديدة سيكون لها تأثير سلبي مباشر على أعمالها خلال الفترة المقبلة.
هذا التراجع الحاد في أسهم «ألكون» ألقى بظلاله على باقي شركات الرعاية الصحية، ما ساهم في زيادة الضغط على المؤشرات الأوروبية.
العوامل المؤثرة على اتجاهات الأسهم الأوروبية
يتفق الخبراء على أن الأسهم الأوروبية تواجه حالياً مزيجاً من العوامل المتشابكة، أبرزها:
- ارتفاع معدلات التضخم في بريطانيا وأوروبا، وما يترتب عليه من سياسات نقدية مشددة.
- التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الأوكرانية، مع احتمالية حدوث انفراجة دبلوماسية.
- المخاوف من فقاعة في أسهم التكنولوجيا العالمية، خاصة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
- ضعف الثقة في قطاعات الرعاية الصحية والدفاع نتيجة المستجدات الاقتصادية والسياسية.
- حساسية الأسواق لأي تصريحات صادرة عن البنوك المركزية الكبرى أو قادة سياسيين.
ردود فعل المستثمرين
معظم المستثمرين في أوروبا اتجهوا اليوم نحو سياسات أكثر تحفظاً، حيث ارتفع الطلب على الأصول الآمنة مثل السندات الحكومية والذهب. هذه الخطوة تعكس حالة القلق التي تسود الأسواق، خصوصاً في ظل الأنباء عن احتمال تراجع حدة التوتر العسكري في أوكرانيا، ما يؤثر مباشرة على القطاعات الدفاعية.
وفي المقابل، شهدت بعض القطاعات مثل الطاقة والمواد الخام استقراراً نسبياً، مدعومة بأسعار النفط والغاز التي ما زالت تتحرك ضمن نطاق قوي بسبب استمرار التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
توقعات السوق في المدى القريب
رغم التراجع الحالي، يرى محللون أن الأسهم الأوروبية قد تجد دعماً في حالة ظهور مؤشرات إيجابية حول تباطؤ التضخم أو تحسن في البيانات الاقتصادية. كما أن أي تقدم على صعيد المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا قد يسهم في تعزيز شهية المخاطرة لدى المستثمرين.
مع ذلك، تبقى التوقعات متحفظة في ظل حالة الغموض المسيطرة على المشهد العالمي، سواء فيما يتعلق بالسياسة النقدية للبنوك المركزية، أو بتطورات الأوضاع الجيوسياسية، ما يجعل الأسواق عرضة لتقلبات حادة في المدى القريب.
في المحصلة، تراجع الأسهم الأوروبية اليوم يؤكد أن الأسواق لم تستقر بعد على مسار واضح، وأنها تظل رهينة التغيرات المفاجئة في البيانات الاقتصادية والتطورات السياسية. ويبدو أن المستثمرين سيواصلون الحذر في تداولاتهم خلال الفترة المقبلة، في انتظار إشارات أوضح من البنوك المركزية والتطورات الدولية.
ما سبب تراجع الأسهم الأوروبية اليوم؟
جاء تراجع الأسهم الأوروبية نتيجة انخفاض أسهم التكنولوجيا والدفاع، بالإضافة إلى بيانات التضخم المرتفعة في بريطانيا، التي عززت التوقعات بسياسات نقدية أكثر تشدداً.
هل يؤثر التضخم البريطاني على الأسواق الأوروبية ككل؟
نعم، ارتفاع التضخم في بريطانيا ينعكس على الأسواق الأوروبية بشكل عام، لأنه يزيد الضغوط على بنك إنكلترا للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة، وهو ما قد يضعف النمو الاقتصادي.
لماذا هبطت أسهم قطاع الدفاع الأوروبي؟
انخفضت أسهم الدفاع الأوروبية بسبب أنباء عن قمة محتملة بين روسيا وأوكرانيا، مما خفّض الطلب على الأصول العسكرية وسط توقعات بانفراجة دبلوماسية.
ما هي القطاعات التي أظهرت استقراراً وسط التراجع؟
رغم هبوط معظم القطاعات، فقد أظهرت أسهم الطاقة والمواد الخام بعض الاستقرار، مدعومة بأسعار النفط والغاز المرتفعة نسبياً.
هل يمكن أن تتعافى الأسهم الأوروبية قريباً؟
التعافي يعتمد على عدة عوامل، أبرزها تطورات التضخم وسياسات البنوك المركزية، بالإضافة إلى نتائج المفاوضات حول الأزمة الأوكرانية. في حال وجود انفراج إيجابي، قد تعود الأسواق الأوروبية إلى مسار صاعد.























