الأسهم الأوروبية تتراجع بضغط من خسائر «باندورا» وترقّب لرسوم ترامب
صورة السوق لحظة الافتتاح
على مستوى المؤشرات، انخفض مؤشر ستوكس 600 الأوسع نطاقًا بنسبة 0.1% إلى 554.81 نقطة، وتراجع مؤشر داكس الألماني بنسبة 0.1% إلى 23,706.36 نقطة، بينما استقر مؤشر فوتسي 100 البريطاني بالقرب من 9,293.52 نقطة، وتراجع مؤشر كاك الفرنسي 0.4% إلى 7,844.84 نقطة. التحركات تبدو محدودة لكنها تعكس توتّرًا متزايدًا حيال السياسة التجارية الأميركية ومخاطر السيولة إذا طال أمد حالة عدم اليقين في واشنطن.
«باندورا» في دائرة الضوء: لماذا يهتم السوق؟
عادة ما يُنظر إلى تغييرات الإدارة العليا في شركات السلع الكمالية على أنها أحداث قادرة على تحريك السعر على المدى القصير، خصوصًا إذا تزامنت مع دورات تباطؤ إنفاق المستهلك أو تباطؤ الطلب في أسواق رئيسية. في حالة «باندورا»، يجتمع عاملان:
- تبدّل القيادة التنفيذية في توقيت حساس للمنافسة ضمن القطاع.
- حساسية التقييمات الحالية في السلع الكمالية لأي إشارات على تغيّر الاستراتيجية أو هوامش الربحية.
انخفاض السهم انعكس على مجموعة من الأسماء النظيرة، ودفع المستثمرين لإعادة تسعير المخاطر القطاعية داخل الأسهم الأوروبية مع بداية الجلسة.
ترقّب لرسوم ترامب: أين يكمُن الأثر على أوروبا؟
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة تشمل 10% على الأخشاب المستوردة و25% أوليًا على خزائن المطبخ وحمّامات الغسيل والأثاث المنجد، على أن ترتفع النسبة العام المقبل. حتى لو كانت بنود الرسوم موجهة لسلع بعينها، فإن قناة الثقة وقناة تكاليف المدخلات تبقيان المفتاح لفهم تأثيرها على الأسهم الأوروبية:
- قناة الثقة: أي تصعيد تجاري يزيد تقلبات الأسواق، ويضغط على القطاعات الدورية المُرتبطة بدورة الأعمال العالمية مثل الصناعة والسيارات والكيماويات.
- تكاليف المدخلات: ارتفاع تكلفة الخشب ومنتجاته قد يمتد عبر سلاسل الإمداد الأوروبية المرتبطة بالبناء والأثاث، ما ينعكس على هوامش الربحية.
وبينما لم تتضح بعد التفاصيل التنفيذية النهائية لكل شريحة من السلع، فإن المتداولين يفضلون خفض المخاطر التكتيكي لحين اتّضاح المسار.
مخاطر الإغلاق الحكومي الأميركي: اختلاف هذه المرة؟
في العادة، تكون آثار الإغلاقات الحكومية الأميركية على السوق مؤقتة ومحدودة، لكن السياق الحالي مختلف: ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية، وتزايد المخاوف من تباطؤ سوق العمل، وعودة السجال حول السياسة التجارية. أي إغلاق مطوّل قد يثير نقاشات حول التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، خاصة بعد خفض سابق من «موديز» في مايو، ما قد يرفع علاوات المخاطر عبر الأسواق العالمية ويؤثّر على تدفقات المحافظ نحو الأصول الدفاعية.
المشهد البريطاني: مؤتمر العمال وحدود الوضوح المالي
في المملكة المتحدة، يستمر المؤتمر السنوي لحزب العمال في ليفربول. من المنتظر أن يلقي رئيس الوزراء كير ستارمر كلمة اليوم، بينما اكتفت وزيرة المالية رايتشل ريفز بإشارات محدودة في كلمتها بشأن ملامح الموازنة الخريفية المتوقعة، والتي يُرجح أن تشمل زيادات ضريبية انتقائية لتأمين الإيرادات. بالنسبة للأسواق، غياب التفاصيل الدقيقة يبقي فوتسي 100 في وضع ترقّب، مع تقييم الأثر المحتمل لأي تغييرات ضريبية على القطاعات الحساسة مثل التجزئة والطاقة والبنوك.
آسيا وأميركا: تباين خارجي يحدد نبرة المخاطرة
في آسيا-المحيط الهادئ، جاءت التداولات متباينة بعد بيانات رسمية أظهرت انكماش النشاط الصناعي الصيني للشهر السادس على التوالي؛ ما يضغط على أسهم المعادن والموارد وسلاسل التوريد الصناعية في أوروبا. في المقابل، بدت العقود الآجلة للأسهم الأميركية مستقرة نسبيًا خلال تعاملات الليل، لكن اتجاهها النهائي سيظل رهينة عناوين واشنطن بشأن الرسوم والإغلاق.
كيف تتفاعل القطاعات داخل أوروبا؟
التفاوت داخل الأسهم الأوروبية حاضر بوضوح:
- السلع الكمالية: تحت ضغط بعد تحرك «باندورا»؛ حساسة لأي مؤشرات على تباطؤ الطلب العالمي.
- الصناعة والمواد: تتأثر بتوقعات النمو في الصين وبالرسوم الأميركية المحتملة على المدخلات.
- الطاقة: تتحرك وفق مسار أسعار النفط وتقلباتها المرتبطة بالجغرافيا السياسية والإمدادات.
- الماليات: تتابع مسار العوائد السيادية الأوروبية والأميركية، وأي تغييرات ضريبية في بريطانيا ومنطقة اليورو.
- الدفاعيات (رعاية صحية/مرافق): تميل للصمود النسبي في فترات الضبابية، لكنها ليست محصنة إذا ارتفعت علاوات المخاطر نظاميًا.
العوائد، العملات، والملاذات
تحركات السندات السيادية الأوروبية والأميركية تبقى حاسمة لتمييز المزاج: صعود العوائد يوّسع الخصم على التدفقات المستقبلية ويضغط على التقييمات، بينما هبوطها عادةً يدعم المضاربة على أسهم النمو. على صعيد العملات، أي قوة في الدولار بسبب النفور من المخاطرة قد تضعف اليورو والإسترليني، وهو ما يحمل أثرًا مزدوجًا: ضغط على تدفقات المستثمرين من جهة، لكنه يعزز تنافسية الصادرات الأوروبية من جهة أخرى. وفي الملاذات، يظل الذهب في بؤرة الاهتمام إذا تصاعدت المخاطر السياسية والائتمانية.
ما الذي يراقبه المتداولون اليوم؟
- تفاصيل إضافية حول الرسوم الأميركية وخريطة التطبيق الزمني.
- إشارات من البيت الأبيض والكونغرس بشأن الإغلاق الحكومي.
- أية توضيحات من مؤتمر حزب العمال في بريطانيا حول الموازنة الخريفية.
- قراءات جديدة للنشاط الصناعي في أوروبا والصين، وأثرها على سلاسل الإمداد الأوروبية.
قراءة سريعة للمخاطر والفرص
تظل المحركات الأساسية للتسعير كما هي: السياسة، البيانات، والعوائد. المخاطر الأقرب أمدًا تتلخّص في مزيد من التصعيد التجاري وتراجع الثقة بسبب الجدل المالي في واشنطن. على الجانب الآخر، أي انفراجة سياسية، أو مؤشرات تباطؤ تضخمي مصحوبة بهبوط منظم في العوائد، قد تمنح الأسهم الأوروبية مساحة لتعافٍ انتقائي يقوده الجودة والميزانيات المتينة.
هل يؤثر تغيير قيادة «باندورا» على السوق ككل؟
الأثر مباشر على السهم والقطاع الكمالي، لكنه قد يمتد معنويًا لباقي السوق إذا ترافق مع عوامل ضغط أخرى مثل الرسوم أو ضعف الطلب.
كيف يمكن أن تضرب الرسوم الأميركية القطاعات الأوروبية؟
عبر قناة تكاليف المدخلات والطلب النهائي؛ القطاعات الصناعية والأثاث ومواد البناء أكثر حساسية، بينما تتباين التأثيرات على باقي القطاعات وفق سلاسل التوريد.
هل الإغلاق الحكومي الأميركي «سيئ دائمًا» للأسهم؟
ليس بالضرورة؛ الأثر يتوقف على المدة والسياق. في بيئة تقييمات مرتفعة وتباطؤ نمو، يزداد الأثر السلبي المحتمل.
ماذا عن الإسترليني وفوتسي خلال مؤتمر العمال؟
غياب التفاصيل حول السياسة المالية يُبقي الإسترليني وفوتسي في وضع ترقّب. أي مسار ضريبي أو إنفاقي واضح قد يحرّك الأصول سريعًا.
تراجُع محدود في الأسهم الأوروبية مع بداية جلسة الثلاثاء يعكس مزيجًا من الضغوط: خبر «باندورا» القطاعي، وترقّب الرسوم الأميركية، ومخاطر الإغلاق الحكومي. الصورة الأساسية لم تتغير: الأسواق تبحث عن وضوح سياسي وتأكيدات من البيانات لجهة النمو والتضخم. وحتى يحدث ذلك، يرجّح أن تبقى التداولات تكتيكية وانتقائية مع تفضيل الميزانيات القوية والقطاعات الأقل تعرضًا لصدمات السياسة.






















