الأسهم الأمريكية اليوم تواصل الصعود والعقود الآجلة تقترب من مستويات تاريخية وسط ترقب الأسواق لتقارير التضخم
تشهد الأسهم الأمريكية اليوم زخمًا إيجابيًا ملحوظًا، حيث سجّلت العقود الآجلة لمؤشرات وول ستريت ارتفاعًا متواصلًا خلال تعاملات صباح الخميس، مدفوعة بحالة من التفاؤل الحذر في الأسواق المالية العالمية. ويأتي هذا الصعود في ظل اقتراب مؤشر S&P 500 من تحقيق مستوى تاريخي جديد، مما يعكس استمرار الثقة في متانة الاقتصاد الأمريكي، رغم الضبابية المحيطة بالسياسة النقدية والضغوط الجيوسياسية المتقطعة.
العقود الآجلة ترتفع مع اقتراب S&P 500 من أعلى مستوياته
بحلول الساعة 07:10 صباحًا بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بنحو 84 نقطة، أي ما يعادل 0.2%. كما صعدت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنحو 14 نقطة أو ما يمثل 0.2%، في حين ارتفعت عقود ناسداك 100 التكنولوجي بـ74 نقطة، مسجلة نسبة زيادة قدرها 0.3%.
وتُعد هذه التحركات إشارة واضحة إلى أن المستثمرين يواصلون ضخ السيولة في الأسواق، مدفوعين بتقارير أرباح قوية من بعض الشركات العملاقة، إلى جانب استمرار التفاؤل بشأن تراجع التضخم في الولايات المتحدة، وهو ما قد يُبقي الفيدرالي الأمريكي على موقفه الحالي دون رفع إضافي في أسعار الفائدة.
أداء متباين في الجلسة السابقة ولكن التوقعات تبقى إيجابية
أنهت المؤشرات الرئيسية في بورصة نيويورك تعاملاتها يوم الأربعاء بأداء متباين، إذ توقفت موجة صعود استمرت يومين، بعدما أصبح المستثمرون أكثر حذرًا في ظل متابعة آخر تطورات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى تقييمهم للتصريحات التي أدلى بها جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، خلال شهادته أمام الكونغرس.
ورغم هذه التوقفات، إلا أن الزخم العام ظل صاعدًا، خصوصًا مع ترقب المستثمرين لبيانات اقتصادية هامة خلال الساعات القادمة، أبرزها تقرير نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المؤشر المفضل للفيدرالي لقياس مستويات التضخم، والمتوقع صدوره يوم الجمعة.
الأسواق تترقب مؤشر التضخم… هل يكون نقطة تحول؟
تعد بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي من أكثر المؤشرات الاقتصادية التي تترقبها الأسواق بدقة، نظرًا لأنها تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل توجهات السياسة النقدية للفيدرالي. وبحسب تصريحات “جيروم باول”، فإن البنك المركزي يتبنى حاليًا نهج “الترقّب والتقييم”، ولا يميل إلى اتخاذ قرارات متسرعة بشأن أسعار الفائدة ما لم تتضح الصورة الكاملة لتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على الاقتصاد المحلي.
وهذا الموقف الحذر يبعث برسائل مزدوجة للمستثمرين: من جهة، هناك استعداد للتصرف إذا ما استدعت البيانات الاقتصادية ذلك، ومن جهة أخرى، هناك رغبة قوية في الحفاظ على الاستقرار النقدي لتجنّب الوقوع في فخ ركود تضخمي.
الذهب والدولار والسندات… تحركات متوازية تعزز الثقة
تواكب هذا الصعود في الأسهم ارتفاعًا في أسعار الذهب، بالتزامن مع تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.23% ليستقر عند 97.74، ما يعكس تحوّلًا في شهية المخاطرة نحو الأصول ذات العوائد المرتفعة. كذلك تراجعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية، ما وفر دعمًا إضافيًا لمعنويات الأسواق.
ويشير هذا التفاعل المتقاطع بين الأصول إلى أن المستثمرين يتجهون حاليًا نحو بناء محافظ أكثر توازنًا، مع تحوط محسوب ضد مخاطر التباطؤ الاقتصادي أو تشدد مفاجئ في السياسات النقدية.
إضافة تحليلية: لماذا تواصل الأسهم الأمريكية الصعود رغم الضغوط؟
أحد العوامل الرئيسية وراء استمرار صعود الأسهم الأمريكية هو التوازن الذكي الذي يحاول المستثمرون الحفاظ عليه بين الفرص والمخاطر. فعلى الرغم من وجود توترات جيوسياسية، واحتمال تباطؤ اقتصادي عالمي، إلا أن السوق الأمريكية ما تزال الوجهة الأولى لرؤوس الأموال الباحثة عن استقرار طويل الأمد وربحية محتملة.
كما أن العديد من الشركات المدرجة على مؤشر S&P 500 أظهرت مرونة لافتة في نتائجها المالية خلال الربع الأخير، وهو ما يبرر استمرار تدفق الاستثمارات المؤسسية نحو الأسواق الأمريكية.
التوقعات للأيام القادمة: البيانات هي الفيصل
مع اقتراب صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، يبدو أن الأسواق ستدخل مرحلة من الترقّب الحذر. فإذا جاءت البيانات إيجابية وأظهرت تباطؤًا فعليًا في التضخم، فقد يُنظر إليها كمؤشر قوي على أن الفيدرالي سيبقي أسعار الفائدة دون تغيير حتى نهاية العام. أما في حال كانت البيانات دون التوقعات أو كشفت عن ارتفاع مفاجئ في الأسعار، فقد نشهد موجة من التقلّبات الحادة في جميع الأسواق.
خلاصة: الأسهم الأمريكية اليوم تمثل بوصلة ثقة الاقتصاد
رغم الضبابية المحيطة بالسياسات النقدية والتوترات العالمية، لا تزال الأسهم الأمريكية اليوم تعكس ثقة المستثمرين في أداء الاقتصاد الأمريكي، لا سيما مع التحوّط الذكي واستراتيجية التوزيع المتوازن للمخاطر. وتبقى البيانات الاقتصادية القادمة، وعلى رأسها تقارير التضخم، العامل الأهم الذي سيحدد اتجاه الأسواق خلال الأسابيع المقبلة.






















