ارتفاع الدولار مع تراجع الين وهبوط الدولار النيوزيلندي بعد خفض الفائدة
وجاء هذا التحرك في سوق العملات بالتزامن مع بحث المستثمرين عن الملاذات الآمنة، ما دفع أسعار الذهب لتسجيل مستوى تاريخي جديد فوق 4000 دولار للأونصة، في حين تراجعت عوائد السندات الأمريكية مع تزايد المخاوف من استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية للأسبوع الثاني على التوالي.
الدولار يسجل أقوى مستوى أمام الين منذ فبراير
تقدّم الدولار بنسبة 0.5% ليصل إلى 152.64 ين، وهو أعلى مستوى له منذ 14 فبراير، مع رهان الأسواق على أنّ سياسات ساناي تاكايتشي، الفائزة برئاسة الحزب الحاكم في اليابان والمتوقعة أن تتولى رئاسة الوزراء، قد تميل نحو التحفيز المالي على غرار سياسات شينزو آبي الراحل.
وقال محللون في «كابيتال إيكونوميكس» إنّ الضغوط السياسية من الحكومة اليابانية الجديدة قد تمنح بنك اليابان فرصة لتأجيل رفع أسعار الفائدة حتى يناير المقبل، رغم بقاء المبررات الاقتصادية للتشديد النقدي قائمة.
ويُنظر إلى تراجع الين باعتباره تطوراً يعزز الصادرات اليابانية، لكنه في المقابل يزيد من تكاليف الواردات ويؤجج المخاوف بشأن تآكل القوة الشرائية للأسر اليابانية في ظل ضعف الأجور.
الدولار النيوزيلندي ينهار بعد خفض الفائدة المفاجئ
في المقابل، شهد الدولار النيوزيلندي هبوطاً حاداً بلغ نحو 1% ليصل إلى أدنى مستوى له عند 0.5739 دولار أمريكي، بعدما فاجأ بنك نيوزيلندا المركزي الأسواق بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس دفعة واحدة، وهي خطوة كانت السوق تتوقع احتمالها بنسبة لا تتجاوز 30% فقط.
وأوضح جوزيف كابورسو، رئيس أبحاث العملات في بنك الكومنولث الأسترالي، أن خفض الفائدة بهذا الحجم يعكس قلق البنك من تباطؤ النشاط الاقتصادي وضعف ثقة المستهلكين.
من جانبه، قال مايك جونز، كبير الاقتصاديين في بنك نيوزيلندا، إنّ الخطوة تمثل محاولة لتقديم ما يشبه العلاج بالصدمة لدعم الاقتصاد، ومن المرجّح أن يستمر الضغط على أسعار الفائدة قصيرة الأجل والدولار النيوزيلندي خلال الفترة المقبلة.
الأسواق الأسترالية تتأثر بانخفاض الدولار النيوزيلندي
تراجع الدولار الأسترالي بنحو 0.4% إلى 0.6558 دولار أمريكي، متأثراً بتقلبات العملة النيوزيلندية عبر ما يُعرف بتأثير “بحر تاسمان”. ويرى محللون أن هذا التراجع مؤقت، لكن استمرار خفض الفائدة في نيوزيلندا قد ينعكس سلباً على عملات المنطقة عموماً.
وأضافت بنوك الاستثمار أن الأسواق الأسترالية والنيوزيلندية تواجه تحديات متشابهة تتمثل في ضعف الطلب المحلي وتراجع صادرات السلع الأساسية، إلى جانب التباطؤ الصيني الذي يضغط على الاقتصادات المرتبطة به تجارياً.
الذهب يواصل الارتفاع والدولار يعزز مكانته كملاذ آمن
في ظل هذه التطورات، قفزت أسعار الذهب الفوري بنسبة 1.2% إلى 4017.89 دولار للأونصة، فيما ارتفعت العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 1.24% إلى 4025 دولاراً، لتسجل الأسعار أعلى مستوياتها التاريخية.
وأشار محللون في «ING» إلى أنّ حالة عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة، إلى جانب التوترات التجارية وتزايد الحديث عن ركود عالمي محتمل، تدفع المستثمرين إلى زيادة تعرضهم للذهب والعملات الآمنة.
كما تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.12% مقارنة بـ4.127% في جلسة الثلاثاء، ما يعكس تزايد الطلب على الأصول الآمنة.
توقعات الفدرالي الأميركي ومستقبل السياسة النقدية
تُظهر بيانات مجموعة «CME FedWatch» أنّ الأسواق تُسعّر حالياً احتمالاً بنسبة 94.6% لخفض الاحتياطي الفدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المرتقب نهاية الشهر الجاري، في ظل ضعف بيانات التوظيف وتراجع مؤشرات النشاط الصناعي.
ويرى محللون أن استمرار تراجع الين والدولار النيوزيلندي يعزز جاذبية الدولار الأمريكي على المدى القصير، لكن أي إشارة من الفدرالي بشأن دورة خفض فائدة أعمق قد تغيّر الاتجاه في الربع الأخير من العام.
التحليل العام: مخاطر متزايدة وتبدّل سريع في شهية المخاطرة
يبدو أن الأسواق العالمية تمرّ بمرحلة دقيقة تتشابك فيها العوامل السياسية والنقدية. فبينما تسعى اليابان لتحفيز اقتصادها عبر السياسات المالية، تسير نيوزيلندا في الاتجاه المعاكس بخفض قوي للفائدة، في حين يواجه الاقتصاد الأمريكي حالة من الشلل الحكومي تزيد الضبابية حول النمو العالمي.
وتشير مؤشرات العملات إلى أن الطلب على الدولار كملاذ آمن قد يستمر طالما بقيت الأوضاع الجيوسياسية غير مستقرة. غير أن تجاوز الذهب حاجز 4000 دولار يعكس شكوكاً متزايدة حول قدرة البنوك المركزية على تحقيق توازن بين مكافحة التضخم ودعم النمو.
وبينما تترقب الأسواق بيانات التضخم الأمريكية الأسبوع المقبل، سيظل المستثمرون حذرين في التعامل مع العملات ذات العائد المرتفع، بانتظار وضوح الرؤية بشأن السياسة النقدية العالمية خلال الربع الأخير من 2025.
ما سبب ارتفاع الدولار الأمريكي في الفترة الأخيرة؟
ارتفع الدولار نتيجة تصاعد المخاطر السياسية في الولايات المتحدة وتزايد الطلب على الأصول الآمنة، إلى جانب الفارق في السياسة النقدية بين الفدرالي الأمريكي وبنوك أخرى مثل بنك اليابان وبنك نيوزيلندا.
لماذا تراجع الين الياباني رغم الضغوط التضخمية؟
تراجع الين لأن الأسواق تتوقع أن تؤجّل الحكومة الجديدة في اليابان أي خطوات لتشديد السياسة النقدية، ما يجعل الفائدة المنخفضة مستمرة لفترة أطول.
هل خفض بنك نيوزيلندا الفائدة يؤثر على العملات الأخرى؟
نعم، خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أثّر في العملات المجاورة مثل الدولار الأسترالي، كما زاد من الضغوط على عملات الأسواق الناشئة المرتبطة بالسلع.
هل تجاوز الذهب 4000 دولار للأونصة يعني استمرار الصعود؟
اختراق الذهب حاجز 4000 دولار يعكس مخاوف المستثمرين من تباطؤ اقتصادي عالمي، لكن استمرار الصعود يعتمد على قرارات الفدرالي الأميركي واتجاه الدولار في الأسابيع المقبلة.
ما المتوقع لسياسة الفدرالي خلال الفترة المقبلة؟
تشير التوقعات إلى خفض إضافي للفائدة بنهاية الشهر الجاري، مع احتمالية دورة تيسير ممتدة في حال تراجعت مؤشرات التضخم والنمو.






















