أوبن إيه آي تخطّط لاستثمار تريليون دولار خلال خمس سنوات لدعم سباق الذكاء الاصطناعي العالمي
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ قطاع التكنولوجيا، كشفت تقارير صحفية أن شركة «أوبن إيه آي» تعمل على وضع خطة استراتيجية شاملة تمتد لخمس سنوات تهدف إلى استثمار ما يزيد على تريليون دولار في تطوير بنية تحتية متقدمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ضمن مشروع طموح قد يغيّر شكل الصناعة العالمية ويمهّد لعصر جديد من التنافس بين الشركات العملاقة.
مشروع استثماري هو الأضخم في تاريخ التكنولوجيا
وبحسب تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز»، تخطط «أوبن إيه آي» لتأمين تمويلات ضخمة من خلال مزيج من القروض طويلة الأجل، وشراكات استراتيجية مع مؤسسات مالية وحكومات، إلى جانب جذب مستثمرين من القطاع الخاص. وتُقدَّر القيمة الإجمالية للاستثمارات التي تستهدفها الشركة بأكثر من تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهي سابقة لم يشهدها قطاع التكنولوجيا من قبل.
تسعى الشركة من خلال هذه الاستثمارات إلى بناء شبكة ضخمة من مراكز البيانات، وتعزيز قدراتها الحوسبية لتدريب النماذج المتقدمة القادمة من سلسلة «GPT»، بالإضافة إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي مخصّصة للحكومات والشركات الكبرى، ما يمثّل تحولاً جذريًا من نموذجها القائم على التطبيقات العامة إلى حلول موجهة خصيصًا للعملاء المؤسسيين.
تحالفات مع عمالقة التكنولوجيا لتعزيز البنية التحتية
تتعاون «أوبن إيه آي» حاليًا مع مجموعة من الشركاء الاستراتيجيين، أبرزهم «إنفيديا» و«أوراكل» و«أدفانسد مايكرو ديفايسز» (AMD) و«برودكوم»، لتأمين قدرة حوسبية هائلة تتجاوز 26 غيغاواط، وهي التزامات مالية قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار خلال العقد المقبل. ويهدف هذا التعاون إلى دعم مشروع الحوسبة العملاق المعروف باسم «ستارغيت» (Stargate)، الذي يُتوقع أن يكون أحد أكبر مراكز تدريب النماذج الذكية في العالم.
ويُعد هذا المشروع حجر الزاوية في استراتيجية «أوبن إيه آي» الجديدة، إذ يسعى لتوفير قدرة حوسبية تفوق ما تملكه شركات مثل «ميكروسوفت» و«أمازون ويب سيرفيسز»، ما يمنحها ميزة تنافسية قوية في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.
دخول أسواق جديدة: الإعلانات والأجهزة الذكية
تشير التقارير أيضًا إلى أن «أوبن إيه آي» تدرس دخول سوق الإعلانات الرقمية لأول مرة في تاريخها، عبر توظيف تقنياتها التفاعلية المتقدمة في تقديم تجارب تسويقية مخصصة للمستخدمين. كما تبحث الشركة في إطلاق أجهزة ذكية للمستهلكين بالشراكة مع المصمّم الشهير جوني إيف، أحد أبرز وجوه «آبل» السابقين، في مسعى لتنويع مصادر الإيرادات وتقليل الاعتماد على خدمات البرمجيات السحابية وحدها.
ومن شأن هذا التوجه أن يمنح الشركة حضورًا مباشرًا في سوق الإلكترونيات الاستهلاكية، الذي ما زال يُعدّ أحد أعمدة النمو في وادي السيليكون.
الضغوط المالية وتحدي الربحية
ورغم النمو الهائل في استخدام منتجاتها، لا تزال «أوبن إيه آي» بعيدة عن تحقيق الربحية. إذ تُظهر البيانات المالية للنصف الأول من عام 2025 أن الشركة سجلت إيرادات بنحو 4.3 مليارات دولار مقابل خسائر تجاوزت 13.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها. ويرى محللون أن هذا العجز يعكس التكاليف الضخمة لتشغيل البنية التحتية الخاصة بالنماذج اللغوية الكبرى، فضلاً عن استثماراتها المستمرة في مراكز البيانات والطاقة.
ويحذر خبراء من أن وتيرة الإنفاق الحالية قد تُجبر «أوبن إيه آي» على البحث عن شركاء جدد في التمويل أو طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام مستقبلاً، خاصة مع ارتفاع تكلفة الرقائق المتقدمة وتزايد الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي.
تحالفات مالية محتملة مع «سوفت بنك»
تُجري «أوبن إيه آي» محادثات موسعة مع مجموعة «سوفت بنك» اليابانية لتمويل جزء من مشروعها الحوسبي العملاق، حيث تسعى الشركة اليابانية إلى الدخول كشريك مالي واستراتيجي في مشروع «ستارغيت». وبحسب المصادر، فإن «سوفت بنك» قد تضخّ تمويلاً يتجاوز 100 مليار دولار في مراحل المشروع الأولى، ضمن رؤيتها لتوسيع محفظتها الاستثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية.
ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه القطاع سباقًا محمومًا بين الشركات الأميركية والآسيوية للسيطرة على سلاسل التوريد الخاصة بالرقائق والمعالجات المتقدمة، في ظل التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين.
سباق التريليون بين شركات الذكاء الاصطناعي
تُعد «أوبن إيه آي» أول شركة تكنولوجية تضع خطة معلنة بهذا الحجم من الإنفاق في فترة زمنية قصيرة نسبيًا، متقدمة بذلك على شركات مثل «غوغل» و«ميكروسوفت» و«أمازون»، التي تتنافس جميعها في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة. ويقدّر محللون أن حجم الاستثمار الكلي في الذكاء الاصطناعي العالمي قد يتجاوز 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030، ما يجعل هذا القطاع أحد أهم محركات الاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل.
وتشير تقديرات مؤسسات الأبحاث إلى أن تطوير الجيل القادم من النماذج، مثل «GPT-6» و«GPT-7»، سيتطلب موارد حوسبية وطاقة تعادل ما تنتجه دول صغيرة بأكملها، ما يفسّر حجم الطموح في مشروع «أوبن إيه آي» الجديد.
مخاطر الطاقة والبيئة في سباق الذكاء الاصطناعي
ورغم الطموحات الهائلة، تواجه الشركة تحديات بيئية متزايدة. فالتقديرات تشير إلى أن مراكز البيانات الضخمة التي تعتمد عليها «أوبن إيه آي» قد تستهلك مئات التيراوَاط-الساعات سنويًا، ما يثير مخاوف بشأن البصمة الكربونية واستدامة النمو التقني. وقد تعهّدت الشركة بالعمل على تطوير حلول طاقة متجددة بالتعاون مع شركاء في مجالات الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر لتقليل الأثر البيئي لمشروعاتها المستقبلية.
تأثير الاستراتيجية على سوق العمل والتقنية
من جانب آخر، يُتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في خلق مئات الآلاف من الوظائف التقنية حول العالم، في مجالات البرمجة، والروبوتات، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، مما قد يخفف من المخاوف المتعلقة بإحلال الذكاء الاصطناعي محل البشر في بعض الوظائف. ويرى محللون أن توسّع «أوبن إيه آي» سيساعد على تشكيل جيل جديد من الشركات الناشئة التي تبني منتجاتها فوق بنيتها التحتية الذكية.
رؤية جديدة لقيادة ثورة الذكاء الاصطناعي
تسعى «أوبن إيه آي» إلى ترسيخ مكانتها كقائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي المتقدم، مستندة إلى دعم قوي من مستثمريها وعلى رأسهم مايكروسوفت التي تمتلك حصة استراتيجية في الشركة. ويرى مراقبون أن نجاح خطة التريليون دولار سيعيد رسم موازين القوى في وادي السيليكون، ويُدخل العالم في مرحلة جديدة من سباق التقنيات الفائقة التي تجمع بين البرمجيات، والطاقة، والرقائق، والذكاء الاصطناعي.
تُظهر خطة «أوبن إيه آي» الاستثمارية أن سباق الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد منافسة برمجية، بل معركة اقتصادية وجيوسياسية شاملة. وبينما تتجه الشركة نحو تحقيق رؤيتها المستقبلية، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لمؤسسة خاصة أن تعيد تشكيل بنية الاقتصاد الرقمي العالمي؟ السنوات الخمس المقبلة ستكون كفيلة بالإجابة.
ما الهدف من خطة أوبن إيه آي لاستثمار تريليون دولار؟
تهدف الشركة إلى بناء بنية تحتية حوسبية ضخمة لتطوير الجيل القادم من نماذج الذكاء الاصطناعي، وتوسيع حضورها في الأسواق الحكومية والتجارية.
من هم أبرز الشركاء في مشروع أوبن إيه آي الجديد؟
تشمل قائمة الشركاء شركات «إنفيديا»، «أوراكل»، «برودكوم»، «AMD»، ومجموعة «سوفت بنك» اليابانية ضمن مشروع «ستارغيت» الضخم.
هل تحقق أوبن إيه آي أرباحًا حالياً؟
لا، إذ تُظهر بيانات عام 2025 أن الشركة ما تزال تسجّل خسائر تشغيلية كبيرة، رغم ارتفاع الإيرادات بشكل ملحوظ مقارنة بالعام السابق.
هل يشمل المشروع حلولاً بيئية؟
نعم، حيث تتعهد «أوبن إيه آي» بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات كفاءة الطاقة لتقليل الأثر البيئي لمراكز البيانات الضخمة.
كيف ستؤثر هذه الاستثمارات على مستقبل سوق الذكاء الاصطناعي؟
ستعزز من تسارع الابتكار، وتزيد من حجم المنافسة العالمية بين الشركات العملاقة، ما سيؤدي إلى تطوير منتجات أكثر قوة وتأثيراً في الاقتصاد العالمي.






















