أوبك+ على وشك إقرار زيادة طفيفة في إنتاج ديسمبر
خلفية قرار ديسمبر: تباطؤ محسوب وتوازن حساس
لقد تبنّى التحالف استراتيجية «الخطوات الصغيرة» لتفادي إشارات قد تُفسَّر كسعي لاقتناص حصة سوقية بأي ثمن. فبين التضخم الذي ما زال أعلى من الأهداف في بعض الاقتصادات، والنمو المعتدل في الطلب، وزيادة طاقات الإمداد خارج أوبك+، يتبدّى خطر فائض المعروض بوصفه التحدي الأبرز. لذا، تبدو زيادة ديسمبر المتوقعة امتداداً لمنهج «التعديل الدقيق» الذي يتيح قراءة أثر كل دفعة إنتاجية على الأسعار والمخزونات قبل الإقدام على التوسّع.
وتُشير تقديرات بيوت الأبحاث مثل ريستاد إنرجي وكوميرتس بنك وإس إي بي إلى أن زيادة بحدود 137 ألف برميل يومياً تمثّل نقطة توازن بين دعم انسيابية الإمدادات وعدم الضغط الهبوطي على الأسعار. فيما ترى هيليما كروفت من «آر بي سي كابيتال» أن السعودية وشركاءها لن يمضوا في زيادات كبيرة من دون مؤشر واضح على تعطل الإمدادات، ما يعزّز ترجيح خيار الزيادة المتواضعة.
سيناريوهات مطروحة: زيادة متواضعة.. أو تثبيت مفاجئ
رغم أن التوافق يميل إلى زيادة طفيفة في أهداف ديسمبر، لا يُستبعد بحسب أحد المصادر عدم زيادة الإنتاج إذا ما ارتأت الدول الرئيسية أن المخاطر تميل إلى جانب فائض المعروض. هذا الاحتمال، وإن كان أقل ترجيحاً، يعكس تمسّك التحالف بخيار المرونة والتفاعل اللحظي مع بيانات السوق.
موعد الاجتماع: الأحد عند الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش، وهو توقيت يُنتظر أن يشهد بعده مباشرةً بياناً يوضح مستوى الزيادة إن أُقرت.
الأسعار تحت المجهر: ما الذي قد يحدث لبرنت وغرب تكساس؟
بعد تراجع الأسعار إلى قاع خمسة أشهر قرب 60 دولاراً، ساهمت مؤثرات عدة في دفعها نحو 65 دولاراً، منها تشديد العقوبات على روسيا وتحسّن نسبي في معنويات المخاطرة بفعل التقدم في محادثات التجارة. وإذا جاءت زيادة ديسمبر عند 137 ألف برميل يومياً كما يتوقع كثيرون، فمن المرجح أن يكون أثرها السعري محدوداً، إذ أن الأسواق استوعبت سلفاً سيناريو «الزيادات الصغيرة».
على النقيض، سيُنظر إلى أي زيادات أكبر على أنها إشارة أكثر حزمًا نحو استعادة الحصة، وهو ما قد يضغط على الأسعار على المدى القصير. أما تثبيت الإنتاج فسيُفهم على أنه ميل انكماشي للإمدادات مقارنة بالتوقعات، ما قد يوفر دعماً سعرياً مؤقتاً، خصوصاً إذا ترافق مع إشارات لتراجع المخزونات.
الأدوار المحورية: السعودية وروسيا والإمارات وبقية الثمانية
تُبرز المصادر أن ثمانية أعضاء في أوبك+—السعودية وروسيا والإمارات والعراق والكويت وعُمان وقازاخستان والجزائر—مرشحون للموافقة على الزيادة المتواضعة ذاتها. في المقابل، قد تواجه روسيا تعقيدات إضافية مرتبطة بالعقوبات التي قد تحدّ من سرعة الاستجابة لرفع الإنتاج. هنا، يكتسب الدور السعودي أهمية خاصة في تنسيق إيقاع الزيادة وتوزيعها بما يحفظ تماسك التحالف.
أما الإمارات وبقية المنتجين الذين استثمروا في رفع الطاقة الإنتاجية خلال السنوات الماضية، فيتابعون عن كثب أداء السوق للحفاظ على عوائد مستدامة تُمكّن من تمويل برامج التنويع الاقتصادي، دون التضحية باستقرار الأسعار.
الطلب العالمي: بين المخاطر الكلية والنبض الصناعي
تتأرجح صورة الطلب بين مؤشرات نمو صناعي متفاوتة، وتطورات السياسات النقدية في الاقتصادات الكبرى، ومداولات التجارة العالمية. فالتباطؤ النسبي في بعض المناطق يُقابله تعافٍ في أخرى، ما يجعل إدارة جانب العرض أكثر حساسية لإشارات السوق قصيرة الأجل. في هذا السياق، يمثّل النهج الحالي لأوبك+—رفع تدريجي محسوب—أداةً لامتصاص الصدمات وتفادي اتساع نطاق التقلب.
كيف ينعكس القرار على المستهلكين والاقتصادات المستوردة والمصدّرة؟
بالنسبة إلى المستهلكين، تُسهم زيادة طفيفة غير مفاجئة في استقرار تكاليف الطاقة نسبياً، وتخفيف الضغوط على سلاسل الإمداد. أما الاقتصادات المستوردة فتميل إلى تفضيل مسار سعري قابل للتنبؤ يُخفف فاتورة الواردات ويكبح التضخم. وعلى الجانب الآخر، تسعى الدول المصدّرة إلى موازنة الكمية والسعر لضمان الإيرادات المالية المطلوبة من دون إضعاف الطلب.
إذا جاءت نتيجة اجتماع الأحد على النحو المرجّح، فقد نشهد هدوءاً نسبياً في منحنى الأسعار خلال الأسابيع الأولى من ديسمبر، على أن تحدّد بيانات المخزونات، وتطوّر التجارة، وأثر العقوبات على روسيا المسار اللاحق.
ماذا نراقب بعد الاجتماع؟ ثلاث إشارات فاصلة
أولاً: مسار المخزونات التجارية
أي انخفاض متتالٍ في المخزونات خلال ديسمبر سيؤشر إلى شدّ السوق ويحدّ من هبوط الأسعار. أما الارتفاع الواضح، فسيثبّت رواية فائض المعروض.
ثانياً: امتثال الأعضاء
ستُقاس فعالية القرار بمدى التزام الأعضاء بحصصهم الجديدة. التشتت في الامتثال عادةً ما يبدد أثر أي زيادة أو خفض ويغذي التقلّبات.
ثالثاً: مسار الطلب الآسيوي
يظل آسيا مركز ثقل الطلب العالمي. إشارات التعافي الصناعي والطلب على البتروكيماويات ستحدد مدى استيعاب أي زيادة إضافية في الإمدادات.
تمضي أوبك+ على ما يبدو نحو زيادة طفيفة جديدة في إنتاج ديسمبر بنحو 137 ألف برميل يومياً، ضمن استراتيجية التدرّج الحذر في استعادة الحصة السوقية والتعامل مع احتمالات فائض المعروض. ورغم أنّ كل السيناريوهات مطروحة، من تثبيت إلى زيادة أكبر، يبقى خيار الزيادة المحدودة الأكثر اتساقاً مع معطيات السوق الراهنة وديناميكيات المخاطر.
كم حجم الزيادة المتوقعة؟
نحو 137 ألف برميل يومياً لشهر ديسمبر/كانون الأول.
لماذا لا تُفضّل أوبك+ زيادات كبيرة الآن؟
خشية فائض المعروض وتراجع الأسعار، وحرصاً على توازن السوق واستدامة العوائد.
ما تأثير ذلك على الأسعار؟
غالباً أثر محدود لأن الأسواق سعّرت سيناريو الزيادة الصغيرة مسبقاً، ما لم تظهر مفاجآت في الإمدادات أو الطلب.
متى موعد الاجتماع؟
الأحد عند 14:00 بتوقيت غرينتش.






















