أسعار النفط ترتفع بأكثر من 2% وسط مخاوف الإمدادات وآمال اتفاق تجاري بين واشنطن وبكين
شهدت أسعار النفط ارتفاعاً بأكثر من 2% خلال تعاملات يوم الأربعاء 22 أكتوبر/تشرين الأول 2025، مدفوعة بمزيج من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي عززت مخاوف الإمدادات، إلى جانب مؤشرات إيجابية على احتمال التوصل إلى اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما أعاد بعض التفاؤل إلى أسواق الطاقة العالمية.
ضغوط العرض تعيد إشعال السوق
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 2% لتصل إلى 62.56 دولاراً للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنحو 2.1% إلى 58.44 دولاراً، بعد جلسات متتالية من التراجع الحاد دفعت الأسعار إلى أدنى مستوياتها في خمسة أشهر.
ويأتي هذا التعافي في ظل مخاوف متزايدة بشأن انقطاعات محتملة في الإمدادات من مناطق إنتاج رئيسية مثل روسيا وفنزويلا وكولومبيا والشرق الأوسط، إلى جانب التوترات السياسية التي أثرت على صادرات النفط الروسية بعد ضغوط غربية على المشترين الآسيويين لتقليص مشترياتهم.
ويرى خبراء الطاقة أن عودة العامل الجيوسياسي إلى الواجهة عززت من تحركات الأسعار، رغم استمرار التحديات الهيكلية المتعلقة بتخمة المعروض وضعف الطلب العالمي على المدى القصير.
توتر دبلوماسي ومخاطر في سلاسل التوريد
تجدد القلق في الأسواق بعد أن تم تأجيل القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وسط تصاعد الضغوط الغربية على موسكو بسبب صادراتها النفطية. كما زادت التوترات مع فنزويلا بعدما وصف خبراء في الأمم المتحدة الضربات الأميركية الأخيرة على سفنها بأنها “إعدامات خارج نطاق القانون”.
هذه التطورات دفعت المستثمرين إلى إعادة تسعير المخاطر الجيوسياسية، خصوصاً في ظل تراجع الثقة في استقرار الإمدادات من بعض المناطق المنتجة، ما يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الاضطراب التي شهدتها الأسواق في مطلع العقد الماضي.
الولايات المتحدة تعيد ملء الاحتياطي الاستراتيجي
في خطوة اعتبرها المحللون دعماً إضافياً للأسعار، أعلنت وزارة الطاقة الأميركية نيتها شراء مليون برميل من النفط الخام لإعادة ملء الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، في إشارة إلى استعداد واشنطن للاستفادة من الأسعار الحالية لدعم مخزونها الاستراتيجي.
وتعد هذه الخطوة بمثابة مؤشر على رغبة الإدارة الأميركية في تحقيق توازن بين الأسعار المقبولة للمستهلكين والحفاظ على استقرار القطاع النفطي المحلي الذي تأثر بتقلبات الأسعار الأخيرة.
الطلب الصيني وعامل التجارة العالمية
إلى جانب مخاوف الإمدادات، ساهمت آمال استئناف المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين في دعم أسعار النفط، إذ أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى رغبته في التوصل إلى “اتفاق عادل” مع نظيره الصيني شي جين بينغ. ومن المقرر أن يلتقي مسؤولون من البلدين هذا الأسبوع في ماليزيا، وسط مؤشرات على رغبة متبادلة في تهدئة التوترات.
ويرى مراقبون أن أي انفراج في العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم سيترجم سريعاً إلى زيادة في الطلب على الطاقة، خاصة في ظل عودة النشاط الصناعي الصيني التدريجي بعد فترة من التباطؤ.
العوامل الفنية وحركة المضاربين
تحركات السوق الأخيرة تأثرت أيضاً بعوامل فنية تتعلق بعمليات تغطية المراكز القصيرة، إذ أشار محللون في شركة IG Australia إلى أن بعض المتداولين الذين راهنوا على انخفاض الأسعار بدأوا بإغلاق مراكزهم بعد موجة الخسائر الأخيرة، ما ساهم في رفع الأسعار مؤقتاً.
وتوقع محللون أن تظل التداولات في نطاق ضيق خلال الأيام المقبلة، بانتظار بيانات المخزونات الرسمية من وكالة الطاقة الأميركية، التي ستحدد إلى حد كبير اتجاه السوق في المدى القصير.
تأثير ارتفاع أسعار النفط على الأسواق العالمية
الارتفاع الحالي في أسعار النفط ينعكس مباشرة على أداء أسواق الطاقة العالمية، إذ يدعم أسعار المشتقات النفطية كالديزل والبنزين، ويعزز هوامش أرباح المصافي الأميركية والآسيوية. في المقابل، قد يؤدي استمرار الارتفاع إلى زيادة الضغوط التضخمية على الاقتصادات المستوردة للطاقة في أوروبا وآسيا.
وفي ظل تراجع الزخم في أسواق المعادن والعملات المشفرة، يجد المستثمرون في النفط أداة بديلة للمضاربة والتحوط، ما يعزز أحجام التداول ويدعم الأسعار مؤقتاً، خاصة مع اقتراب موسم الشتاء وارتفاع الطلب على وقود التدفئة.
توقعات المحللين: نطاق تداول مستقر وحذر
يرى الخبراء أن توازن السوق في المرحلة الحالية هش للغاية، إذ تتجاذبه قوتان متعارضتان: الأولى تتعلق بمخاوف الإمدادات والتوترات الجيوسياسية، والثانية تتمثل في ضعف الطلب العالمي وتزايد إنتاج النفط الصخري الأميركي.
ويتوقع أن تتراوح الأسعار خلال الأسابيع المقبلة بين 58 و65 دولاراً لخام برنت، ما لم تشهد الأسواق تطورات مفاجئة، سواء من ناحية الاتفاق التجاري بين واشنطن وبكين أو أي اضطرابات إضافية في الإمدادات.
خلاصة تحليلية
بوجه عام، يعكس ارتفاع أسعار النفط الأخير مزيجاً من العوامل القصيرة الأجل التي تغلبت مؤقتاً على الصورة الأساسية للعرض والطلب. ومع استمرار حالة عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد العالمي، ستبقى الأسواق عرضة لتقلبات حادة بين مخاوف الإمدادات وتراجع الاستهلاك.
لكن إذا ما تم إحراز تقدم فعلي في المفاوضات التجارية وبدأت المؤشرات الاقتصادية الصينية في التحسن، فقد نشهد عودة تدريجية للزخم الصعودي خلال الربع الأخير من العام.
ما الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع أسعار النفط الأخير؟
يعود الارتفاع إلى مزيج من العوامل، أبرزها مخاوف الإمدادات بسبب التوترات الجيوسياسية في روسيا وفنزويلا، إلى جانب إعلان الولايات المتحدة إعادة ملء احتياطياتها النفطية، وآمال التوصل إلى اتفاق تجاري بين واشنطن وبكين.
هل سيستمر ارتفاع أسعار النفط في المدى القريب؟
من المرجح أن تظل الأسعار مستقرة نسبياً في نطاق محدود بين 58 و65 دولاراً للبرميل، مع احتمال تسجيل مكاسب إضافية إذا تم إحراز تقدم في المحادثات التجارية أو ظهرت مؤشرات على تقلص المعروض العالمي.
كيف تؤثر أسعار النفط على التضخم العالمي؟
ارتفاع أسعار النفط يؤدي عادة إلى زيادة تكاليف النقل والطاقة، مما يرفع أسعار السلع والخدمات ويضغط على معدلات التضخم، خاصة في الاقتصادات المستوردة للطاقة مثل أوروبا واليابان والهند.
ما هو تأثير ارتفاع النفط على الأسواق الناشئة؟
الأسواق الناشئة المستوردة للطاقة تواجه تحديات بسبب ارتفاع فاتورة الواردات، بينما تستفيد الدول المصدّرة مثل السعودية وروسيا من زيادة الإيرادات وتحسن الموازين التجارية.
هل يمكن أن تتدخل أوبك+ لتعديل مستويات الإنتاج؟
من غير المستبعد أن تراجع منظمة أوبك+ سياساتها الإنتاجية إذا استمرت الأسعار في التذبذب، خصوصاً إذا بدأت مخاوف الركود الاقتصادي في التأثير على الطلب العالمي.






















