أسعار الذهب تنخفض 5% مع استمرار عمليات جني الأرباح من المستثمرين
هبوط حاد في أسعار الذهب بعد قمم تاريخية
شهدت أسعار الذهب تراجعاً حاداً بنسبة 5% خلال تعاملات الثلاثاء 21 أكتوبر/تشرين الأول، حيث أقبل المستثمرون على جني الأرباح بعد موجة ارتفاع قوية أوصلت المعدن الأصفر إلى مستويات قياسية تاريخية في الجلسة السابقة. وجاء هذا التراجع في ظل استمرار توقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة الأميركية خلال الأشهر المقبلة، ما أثار موجة من التقلبات في الأسواق المالية العالمية.
وانخفض الذهب في المعاملات الفورية إلى نحو 4134.19 دولاراً للأونصة، بعد أن قلّص خسائره التي تجاوزت 6% في وقت سابق من الجلسة. ويُعد هذا أسوأ أداء يومي للمعدن النفيس منذ أبريل 2013، بعد أن لامس مستوىً قياسياً عند 4381 دولاراً في بداية الأسبوع.
تراجع العقود الآجلة وإقبال على جني الأرباح
كما تراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 4.84% لتسجّل نحو 4148 دولاراً للأونصة. ويرى المحللون أن هذا الانخفاض يأتي ضمن موجة صحية من جني الأرباح بعد صعود متواصل استمر لأسابيع، مدفوعاً بتوقعات التيسير النقدي وتزايد الطلب على الأصول الآمنة.
وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة KCM Trade، في تصريحات لوكالة «رويترز»: “عمليات جني الأرباح وتراجع تدفقات الملاذات الآمنة تسببتا في الحدّ من ارتفاع أسعار الذهب اليوم… وأيّ تراجعات في الأسعار تُعَدّ فرصاً للشراء طالما واصل الفدرالي الأميركي نهجه الحالي في خفض معدلات الفائدة”.
وأضاف ووترر أن الذهب لا يزال يحتفظ بعوامل دعم قوية، خاصة في ظل بيئة تتسم بانخفاض العوائد الحقيقية، وهو ما يجعل المعدن النفيس بديلاً مفضلاً عن السندات التقليدية.
توقعات الفدرالي الأميركي وخفض الفائدة
تُظهر بيانات أداة CME FedWatch أن الأسواق تُسعّر بالكامل خفضاً متوقعاً في معدلات الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية خلال اجتماع هذا الشهر، وخفضاً آخر في ديسمبر. ويُعرف عن الذهب أداؤه القوي في فترات خفض الفائدة، لأنه لا يدرّ عائداً ثابتاً مثل السندات، ما يجعله أكثر جاذبية في أوقات التيسير النقدي.
ويرى اقتصاديون أن أي إشارات من الاحتياطي الفدرالي الأميركي نحو الاستمرار في دورة الخفض قد تعيد الزخم الصعودي إلى أسعار الذهب في الأسابيع المقبلة، خصوصاً مع غياب بيانات اقتصادية رئيسية بسبب استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة.
الإغلاق الحكومي الأميركي وتأثيره في الأسواق
امتدّ الإغلاق الحكومي الأميركي إلى يومه العشرين، بعد فشل مجلس الشيوخ في تمرير ميزانية مؤقتة للمرة العاشرة خلال الأسبوع الماضي. وأشار المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، إلى احتمال انتهاء الإغلاق خلال هذا الأسبوع، إلا أن التأخير في صدور البيانات الاقتصادية الرئيسية جعل الأسواق تعمل في ما يشبه «الفراغ المعلوماتي» قبل اجتماع الفدرالي المرتقب.
ويرى المحللون أن تأجيل صدور بيانات مثل مؤشر أسعار المستهلك الأميركي (CPI) يعقد مهمة المتداولين في تحديد المسار القادم للفائدة، ما يخلق بيئة من عدم اليقين تدعم عادة الذهب كملاذ آمن، لكنّ موجة جني الأرباح المؤقتة حدّت من هذا الدعم في الوقت الحالي.
توقعات التضخم وأثرها على أسعار الذهب
من المنتظر أن تصدر بيانات التضخم الأميركية يوم الجمعة بعد تأجيلها، ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تُظهر ارتفاع المؤشر بنسبة 3.1% على أساس سنوي في سبتمبر، وفقاً لاستطلاع «رويترز». أي قراءة أعلى من هذا المستوى قد تُبطئ مسار الفدرالي في خفض الفائدة، ما قد يضغط مؤقتاً على أسعار الذهب.
لكن في المقابل، يرى محللون في «بنك أوف أميركا» أن الاتجاه العام يبقى صاعداً، متوقعين وصول الذهب إلى 5000 دولار للأونصة بحلول عام 2026، في ظل استمرار حالة الضبابية الاقتصادية العالمية وازدياد شهية المستثمرين للتحوّط ضد المخاطر الجيوسياسية.
الذهب والملاذات الآمنة في مواجهة التوترات العالمية
يواصل المستثمرون اعتبار الذهب أحد أهم الملاذات الآمنة في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية، خصوصاً مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ومن المنتظر أن يعقد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت اجتماعاً مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ في ماليزيا هذا الأسبوع، في محاولة لتجنّب تصعيد جديد في الرسوم الجمركية.
ويرى الخبراء أن أي مؤشرات على التهدئة التجارية قد تدفع المستثمرين إلى تقليص حيازاتهم من الذهب مؤقتاً، لكنها لا تلغي الاتجاه الصاعد طويل الأمد، خاصة أن الأسواق ما تزال تتعامل مع مستويات مرتفعة من الديون العالمية وتباطؤ النمو الاقتصادي.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
في أسواق المعادن الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 1.2% لتصل إلى 51.83 دولاراً للأونصة، كما انخفض البلاتين بنسبة 0.7% إلى 1627.53 دولاراً، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة طفيفة بلغت 0.1% إلى 1497.62 دولاراً للأونصة. ويعكس هذا الأداء المتباين استمرار التقلّبات في سوق المعادن النفيسة، في ظل حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية العالمية.
التحليل الفني: هل انتهى الزخم الصعودي للذهب؟
يشير التحليل الفني إلى أن أسعار الذهب قد تواجه تصحيحاً مؤقتاً بعد سلسلة الارتفاعات الأخيرة، إذ بدأت إشارات التشبع الشرائي بالظهور على مؤشرات الزخم مثل RSI وMACD. ومع ذلك، يرى محللون أن المنطقة بين 4100 و4150 دولاراً تمثل مستوى دعم رئيسي قد يوقف التراجعات، خاصة إذا استمرت توقعات خفض الفائدة وارتفاع الطلب من البنوك المركزية العالمية.
وبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، زادت البنوك المركزية مشترياتها من الذهب بنحو 10% خلال الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، ما يشير إلى ثقة طويلة الأمد بالمعدن الأصفر كأصل استراتيجي للحفاظ على الاستقرار النقدي.
تراجع مؤقت وفرص استثمارية
على الرغم من التراجع الحاد في أسعار الذهب، فإن معظم المؤشرات الأساسية تدل على أن هذا الانخفاض يمثل فرصة تصحيحية طبيعية ضمن مسار صاعد أوسع. فالعوامل المحركة للطلب—من بينها خفض الفائدة، وتزايد التوترات الجيوسياسية، وارتفاع مشتريات البنوك المركزية—لا تزال قائمة بقوة.
وبينما يترقب المستثمرون بيانات التضخم واجتماع الفدرالي، يبقى الذهب مرشحاً لاستعادة بريقه في المدى المتوسط إلى الطويل، مع توقعات بأن يعود فوق مستوى 4300 دولار للأونصة خلال الأسابيع المقبلة إذا تأكدت توقعات التيسير النقدي الأميركي.
ما الأسباب الرئيسية لانخفاض أسعار الذهب اليوم؟
الانخفاض جاء نتيجة عمليات جني الأرباح من قبل المستثمرين بعد تسجيل الذهب مستويات قياسية، إلى جانب تراجع مؤقت في الطلب على الملاذات الآمنة.
هل يُتوقع استمرار تراجع الذهب في الفترة المقبلة؟
يرى المحللون أن التراجع الحالي مؤقت، ومن المرجّح أن تستعيد أسعار الذهب اتجاهها الصاعد مع تأكيد الفدرالي الأميركي على خفض معدلات الفائدة.
ما العوامل التي قد تدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع مجدداً؟
خفض الفائدة، ارتفاع الطلب من البنوك المركزية، وتزايد المخاطر الجيوسياسية جميعها عوامل تدعم ارتفاع الذهب مستقبلاً.
كيف تؤثر بيانات التضخم الأميركية على أسعار الذهب؟
بيانات التضخم المرتفعة تقلل من احتمالات خفض الفائدة، ما قد يضغط مؤقتاً على الذهب، أما البيانات المنخفضة فتدعم الأسعار لأنها تعزز فرص التيسير النقدي.






















