أسعار الذهب ترتفع مجددًا فوق 4000 دولار للأونصة قبيل قرار الفدرالي الأميركي
ارتفعت أسعار الذهب العالمية بنحو 2% خلال تعاملات الأربعاء، لتعود فوق مستوى 4000 دولار للأونصة، وسط حالة ترقّب واسعة في الأسواق العالمية لقرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي حول أسعار الفائدة، وهو الحدث الذي يترقبه المستثمرون لما له من تأثير مباشر على تحركات الدولار والعوائد الحقيقية.
الذهب يستعيد الزخم بعد خسائر مؤقتة
بعد تراجعات متتالية خلال اليومين الماضيين دفعت المعدن النفيس إلى أدنى مستوياته منذ مطلع أكتوبر، استعاد الذهب زخمه بدعم من توقعات خفض الفائدة الأميركية. وارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 1.8% إلى 4024 دولارًا للأونصة، فيما سجلت العقود الآجلة الأميركية للذهب نحو 4038 دولارًا.
ويأتي هذا الارتفاع بعد موجة ضغط بيعية شهدها السوق بسبب تحسّن المعنويات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما دفع بعض المستثمرين إلى تسييل مراكزهم في الأصول الآمنة استعدادًا لقرارات السياسة النقدية القادمة.
الفدرالي الأميركي تحت المجهر: خفض جديد للفائدة؟
يتابع المستثمرون باهتمام بالغ نتائج الاجتماع الممتد ليومين لمجلس الاحتياطي الفدرالي، والمتوقع أن يُعلن في ختامه عن خفض جديد بمقدار 25 نقطة أساس، ليهبط النطاق المستهدف إلى ما بين 3.75% و4.00%.
ورغم أن خفض الفائدة عادة ما يدعم الذهب عبر تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازته، إلا أن الأنظار تتجه بشكل أكبر إلى لغة البيان الختامي والتوجيه المستقبلي لرئيس الفدرالي جيروم باول. فإذا أشار إلى أن دورة التيسير النقدي ستتوقف مؤقتًا أو أن التضخم لا يزال يمثل خطرًا، فقد ترتفع العوائد الحقيقية مجددًا، ما يضغط على أسعار الذهب في الأجل القصير.
ترامب في آسيا.. والتجارة تهدئ المخاوف الجيوسياسية
تزامن تحرك الذهب الأخير مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى آسيا، والتي تشمل محطات في اليابان وكوريا الجنوبية، وسط توقعات بالإعلان عن تفاهمات جديدة مع الصين بشأن الرسوم الجمركية وقيود تصدير المعادن النادرة.
وقد نقل ترامب تصريحات تفيد بأنه يعتزم خفض الرسوم المفروضة بنسبة 20% على الواردات الصينية المرتبطة بمكونات الفنتانيل، ما أثار موجة تفاؤل بشأن تهدئة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين. وتؤدي مثل هذه الخطوات عادة إلى انخفاض الطلب على الذهب كملاذ آمن، لكنها لم تمنع الأسعار من التعافي في جلسة اليوم.
الأسواق تترقب إشارات الفدرالي المقبلة
يعتقد محللون أن الاتجاه العام للذهب خلال الأسابيع المقبلة سيتحدد بناءً على ما إذا كان الفدرالي سيعتمد نهجًا أكثر حذرًا في الخفض، أم سيتجه إلى دورة تيسير ممتدة حتى منتصف 2026. في الحالة الأولى، قد يتراجع الذهب مؤقتًا نحو نطاق 3950–3980 دولارًا، أما في الثانية فقد تتجدد موجة الصعود إلى مستويات 4200 دولار للأونصة.
وفي تعليق لشركة «إيه بي سي كابيتال»، أشارت إلى أن «الذهب أثبت قدرته على الصمود رغم تعافي الدولار، ما يعني أن المستثمرين ما زالوا يرونه وسيلة تحوّط رئيسية ضد اضطرابات الأسواق». كما لفتت إلى أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب لا تزال عند أعلى مستوياتها التاريخية، خاصة في آسيا والشرق الأوسط.
حركة المعادن الأخرى: هدوء حذر قبل القرار
بينما استعاد الذهب بعض بريقه، بقيت أسواق المعادن الأخرى في حالة ترقّب. فقد ارتفعت عقود الفضة بنحو 2% إلى 48.27 دولارًا للأونصة، وصعد البلاتين بنسبة 1.5% إلى 1608 دولارات. أما النحاس، فحقق مكاسب طفيفة بلغت 0.9% مسجلاً 5.22 دولارات للرطل.
ويرى متعاملون أن التذبذب المحدود في هذه المعادن يعكس رغبة المستثمرين في الحفاظ على مراكزهم قبل صدور قرار الفدرالي، في حين يشير البعض إلى أن تحسّن التوقعات الاقتصادية العالمية قد يعزز الطلب الصناعي على الفضة والنحاس خلال الربع الأخير من العام.
تحليل متوسط المدى: الذهب بين دعم السياسة النقدية وضغط الدولار
من منظور استراتيجي، يُتوقع أن يظل الذهب في نطاق دعم قوي ما بين 3950 و4000 دولار خلال الأسابيع المقبلة، مع احتمال صعود تدريجي في حال استمرار خفض الفائدة وضعف العملة الأميركية.
إلا أن عودة الفدرالي إلى لهجة أكثر تشددًا، أو ارتفاع مفاجئ في بيانات التضخم الأميركية، قد يدفع المعدن نحو موجة تصحيح جديدة. وتبقى المرونة في إدارة المخاطر وقراءة البيانات الاقتصادية اللحظية عاملاً حاسمًا لتحديد المسار القادم للذهب.
هل خفض الفائدة يدعم ارتفاع أسعار الذهب؟
نعم، عادةً ما يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تقليص العائد الحقيقي على السندات، مما يجعل الذهب أكثر جاذبية كأصل لا يدر فائدة. ومع ذلك، يعتمد التأثير على توقعات التضخم وسلوك الدولار الأميركي.
ما العوامل الأخرى التي تؤثر في أسعار الذهب؟
تشمل العوامل الرئيسية: قوة الدولار، مستويات التضخم العالمية، مشتريات البنوك المركزية، التوترات الجيوسياسية، وحركة عوائد سندات الخزانة الأميركية.
هل يمكن أن يتجاوز الذهب مستوى 4200 دولار قريبًا؟
في حال استمر الفدرالي في سياسة خفض الفائدة المتتالي، مع بقاء الطلب المركزي مرتفعًا، فمن الممكن أن يتجه الذهب مجددًا إلى مستويات قياسية فوق 4200 دولار للأونصة خلال الأشهر المقبلة.






















