أسعار الذهب تتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية وسط مخاوف الرسوم الجمركية وترقب بيانات التضخم الأميركية
تشهد أسعار الذهب العالمية استقراراً ملحوظاً خلال تعاملات الجمعة 26 سبتمبر/أيلول 2025، بعد تراجع محدود من مستوياتها القياسية المسجلة مطلع الأسبوع. ويأتي هذا الأداء وسط حالة من الحذر التي تسيطر على المستثمرين بفعل القرارات التجارية الأميركية الأخيرة، إضافة إلى ترقب صدور بيانات التضخم الأساسية في الولايات المتحدة والمعروفة بمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، الذي يمثل المؤشر المفضل لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لتقييم اتجاهات الأسعار.
الذهب يقترب من تسجيل مكاسب أسبوعية
بحلول الساعة 09:50 صباحاً بتوقيت غرينتش، استقرت الأسعار عند 3,748.70 دولاراً للأونصة، بعدما لامست مستويات قياسية بلغت 3,791.11 دولاراً في وقت سابق من الأسبوع. أما العقود الآجلة للذهب في بورصة كومكس الأميركية، فقد ارتفعت بنسبة 0.2% لتسجل حوالي 3,778.35 دولاراً للأونصة.
وبحسب بيانات الأسواق، يتجه المعدن الأصفر نحو تحقيق مكاسب أسبوعية تقارب 2%، مما يعزز من سلسلة ارتفاعاته منذ بداية العام الجاري. فقد سجل مكاسب سنوية بنحو 43% حتى الآن، مدعوماً بعدة عوامل من بينها ضعف الدولار الأميركي، وزيادة مشتريات البنوك المركزية، إلى جانب التدفقات القوية إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب.
دور البنوك المركزية وصناديق الاستثمار
أكد محللون في بنك ING أن إجمالي حيازات صناديق المؤشرات المتداولة في الذهب ارتفع هذا العام بنحو 12.8 مليون أونصة، ليصل إلى 96.2 مليون أونصة، وهو المستوى الأعلى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022. ويشير ذلك إلى أن المستثمرين حول العالم يسعون بشكل متزايد إلى التحوط من المخاطر عبر المعدن النفيس، خاصة في ظل حالة الغموض الاقتصادي والجيوسياسي.
كما لعبت البنوك المركزية دوراً محورياً في تعزيز الطلب على الذهب خلال الأشهر الماضية، حيث استمرت في تنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار الأميركي، سعياً إلى تقليل الاعتماد على العملة الخضراء التي تواجه ضغوطاً من السياسات التجارية الجديدة.
الرسوم الجمركية تدفع المستثمرين نحو الذهب
في سياق آخر، حصل على دعم إضافي عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الخميس عن فرض حزمة جديدة من الرسوم الجمركية، كان أبرزها فرض ضريبة بنسبة 100% على جميع واردات الأدوية. وقد أثارت هذه القرارات مخاوف واسعة بشأن التأثيرات المحتملة على سلاسل التوريد العالمية والنمو الاقتصادي، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب.
ورغم هذه المكاسب، إلا أن المعدن الأصفر واجه بعض الضغوط بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية أميركية نمواً أسرع من المتوقع للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني، إلى جانب تحسن في أرقام إعانات البطالة الأسبوعية. هذه البيانات عززت من قوة الدولار الأميركي مؤقتاً، ما أدى إلى تقليص مكاسب الذهب.
ترقب حذر لبيانات التضخم الأميركية
ينتظر المتداولون الآن صدور بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) خلال تعاملات اليوم، والتي ستحدد بشكل كبير اتجاهات السياسة النقدية للفيدرالي. وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيبقى “عنيداً” في أغسطس، مع بقاء القراءة الأساسية للمؤشر أعلى من مستوى 2% المستهدف من جانب الفيدرالي.
ويعتقد خبراء أن استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة سيقلل من احتمالات قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة في المدى القريب. أما إذا جاءت البيانات أقل من المتوقع، فقد يعزز ذلك من توقعات خفض الفائدة، وهو ما قد يوفر دعماً إضافياً للذهب والفضة والبلاتين.
تحركات المعادن الأخرى
لم تقتصر التحركات على الذهب فقط، إذ ارتفع سعر البلاتين بنسبة 1.3% ليسجل 1,549.95 دولاراً للأونصة، بينما صعدت أسعار الفضة بنسبة 0.5% لتصل إلى 45.36 دولاراً للأونصة. هذه التحركات تشير إلى أن الطلب على المعادن الثمينة لا يزال قوياً وسط الأجواء العالمية المضطربة.
أما بالنسبة للمعادن الصناعية، فقد شهدت أسعار النحاس تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفضت العقود القياسية في بورصة لندن بنسبة 0.5% إلى 10,207.70 دولاراً للطن، في حين تراجعت العقود الأميركية في بورصة كومكس بنسبة 0.3% إلى 4.7438 دولاراً للرطل.
توقعات إنتاج النحاس في بيرو
وفقاً لتقارير حديثة، فإن منجم أنتامينا الضخم في بيرو يخطط لزيادة إنتاجه من النحاس بنسبة 20% ليصل إلى 450 ألف طن في عام 2026، مع هدف إنتاج سنوي يقارب 400 ألف طن في السنوات التالية. وإذا تحققت هذه الخطط، فإن المنجم قد يتجاوز مشاريع كبرى مثل “سيرو فيردي” التابع لشركة فريبورت و”لوس بامباس” التابع لشركة MMG، ليصبح أحد أكبر منتجي النحاس في البلاد.
هذه التوقعات قد تؤثر على ديناميكيات سوق النحاس العالمي، خاصة وأن الطلب على المعدن يدخل في صناعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة، وهو ما يجعله أحد أبرز المؤشرات على اتجاهات الاقتصاد الكلي.
يمكن القول إن الذهب يقف حالياً عند مفترق طرق، حيث توازن الأسواق بين الضغوط الناجمة عن قوة الدولار والبيانات الاقتصادية الإيجابية، والدعم المستمر من مخاوف الرسوم الجمركية والسياسات التجارية. ويبقى الاتجاه القادم مرهوناً بنتائج بيانات التضخم الأميركية المرتقبة، التي ستحدد إلى حد كبير مسار الفائدة والسياسة النقدية للفيدرالي الأميركي خلال الأشهر المقبلة.
ما سبب ارتفاع أسعار الذهب هذا الأسبوع؟
الارتفاع مدفوع بالرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي ترامب، إضافة إلى استمرار الطلب من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار، مع ترقب بيانات التضخم الأميركية.
ما أهمية بيانات مؤشر PCE بالنسبة للذهب؟
يعتبر مؤشر PCE المقياس المفضل للفيدرالي الأميركي لقياس التضخم. إذا جاءت الأرقام مرتفعة، يقل احتمال خفض الفائدة، مما قد يضغط على الذهب. أما إذا جاءت الأرقام منخفضة، فقد يدعم ذلك الذهب بشكل أكبر.
هل يمكن أن يستمر الذهب في تسجيل مستويات قياسية جديدة؟
نعم، إذا استمرت حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، مع ضعف الدولار وتزايد التدفقات الاستثمارية في المعدن، قد يشهد الذهب قمماً جديدة خلال الأشهر القادمة.
كيف تؤثر الرسوم الجمركية الأميركية على أسعار الذهب؟
الرسوم الجمركية تثير المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي وتعطل سلاسل التوريد، ما يدفع المستثمرين إلى البحث عن الملاذات الآمنة مثل الذهب، وبالتالي دعم أسعاره.
ما وضع المعادن الأخرى بجانب الذهب؟
إلى جانب الذهب، ارتفع البلاتين والفضة بفعل الطلب على الملاذات الآمنة، بينما شهد النحاس تراجعاً نتيجة توقعات زيادة المعروض من مناجم بيرو.
تنويه: موقع جولد إيجلز غير مسؤول عن أي قرارات استثمارية ناتجة عن هذا المقال. المحتوى لأغراض إعلامية فقط.






















